سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين: فيمن يحتج بقول الله تعالى: بالامتناع عن الأمر بالمعروف؟
فأجاب: يقول تعالى أصلحوا أنفسكم وقوِّموها بالعمل الصالح، ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، والنصح للمسلمين، وإظهار الحق، والتحذير من أسباب العذاب، فإذا فعلتم ذلك فقد اهتديتم، فلا يضركم بعد ذلك من ضل وعصى، ولم يقبل منكم، فالمعنى أن الإنسان يحرص على إصلاح نفسه، والاهتداء بشرع الله الذي منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمتى عمل بذلك فقد اهتدى، وحينئذ لا يضره من ضل عن الهدى، وسلك سبيل الردى، ولو كان أقرب قريب.وليس فيها دليل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا ثبت أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: { )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة:105)
} وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب».
وقد قال جماعة من الصحابة: إنه لم يأت زمان هذه الآية، فقد روى الترمذي وصححه عن أبي ثعلبة الخشني، قال سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنياً مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع العوام فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن على دينه مثل القابض على الجمر» أي لكثرة المخالف وقلة الموافق.وقال ابن مسعود رضي الله عنه: يوشك أن يأتي زمان تأمرون فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال: فلا يقبل منكم. رواه عبدالرزاق.وعلى هذا فلا يجوز الاحتجاج بهذه الآية على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في هذه البلاد، حيث إنها والحمد لله بلاد إسلامية، وفيها قبول الدعوة، وتمكين الدعاة وأهل الحسبة من الأمر والنهي، بخلاف بعض البلاد.
|