تدور في المجتمع الإسلامي ومنطقة الشرق الأوسط، فتن وأحداث خاصة، ويدور فيما حولنا أمور أخرى عامة.
فهل المقصود في الهدف الاول، الاسلام، لتكون الحرب: بقوتها المادية، وأساليبها الفكرية، ضد دين الله الخالق سبحانه، الذي جعله الله الدين المقبول عنده {إنَّ الدٌَينّ عٌندّ اللّهٌ الإسًلامٍ }. آل عمران» والدين الذي لا ينهزم ولا يهتز؟ أم هي حرب فكرية وثقافية يراد منها تحويل المفاهيم الى ما يدين به الحاملون لذلك الفكر، والمنطلقون من مفهوم ثقافتهم ليقيسوا ما عند الآخرين، على ما لديهم من دلالات، وراءها مقاصد ومصالح ذاتية؟ أم ان ما يدور، وراءه مصالح اقتصادية، يراد ابتزازها؟ حيث مهدوا لذلك بمخططات عبر سنوات مضت، زرعوا فيها بذورا، ظنوا انها زرع قرب حصاده، وفكر يخدم مقاصدهم اعطى في معهودهم - ثماره التي حان قطافها، وسوف يخيب الله ظنونهم، في المفاهيم والتدبير.
لاشك انها امور وراءها أمور، وعبر وعظات، لعل دواعيها حركت ضميرا، ونبهت غافلا، ليدرك المسلم شيئا من مقاصد ما يدور حوله، سواء الظاهر منها، أو المبطن، فيجد المسلم عندما تحتدم الامور امامه، وبعدما يتجسم الخطب، وضاقت عليه السبل، ان في تعاليم دينه، وفي مصدري التشريع اللذين لا يتطرق اليهما الشك وفي سجل امته التاريخي من العظة والعلاج، ومن الحكم والتأديب، ما يوسع عليه المخرج، ويريح نفسه عما يحل بها.
ألم يقل سبحانه: ) اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (لأعراف:128)
إذ ربما صحت الابدان بالعلل، وربما استيقظ النائم، عن خطر يداهمه، بصوت ازعجه، فهانت عنده حالة الازعاج، بما درأ الله عنه من خطر.. وقد تهاوى نظام البعث وقيادته، وما تركا من مساوئ.
وعندما بدرت تصرفات واقوال من بعض الأعداء، بكلمات ذات عمق في المفهوم، بدأت تتحرك النفوس وتجيش العواطف، وذلك بمثل تلك المقولة: الآن بدأت الحروب الصليبية من جديد، فلم يسع تلك القيادة، الا ان طلبت من القائل الاعتذار عن ذلك القول، خوفا من النتائج التي حركتها الحماسة الدينية، وهذا مصداق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله الكريم: «ونصرت بالرعب مسيرة شهر» فجمرة الاسلام في قلوب ابناء الاسلام، لا تُخمد جذوتها الغفلة والتقليد، ولا الفكر المستورد، وانما تزيدها حرارة محاولة الاعداء النيل من الثوابت في هذا الدين.. خذ نموذج ذلك من عبر التاريخ، فلقد أهينت امرأة في بلاد الروم، فرفعت صوتها: وامعتصماه!! فسخر منها اولئك القوم ولكن الله اوصل صدى هذه الكلمة الرنانة الى مسمع المعتصم، فلبى النداء من يومه، وجعله الله سببا في أخذ الثأر وفتح الله على يديه عمورية اكبر معاقل الرومان ذلك الوقت، كما صور ذلك ابو تمام في قصيدته البائية.
وعندما تظاهر العراقيون، أو فئة منهم يطالبون بجلاء الغازين ويطلبون حكومة اسلامية تطبق فيهم شرع الله ازعج هذا النداء الحلفاء، وغيروا قيادتهم العسكرية بأخرى مدنية.
بل نرجو فيما يدور من احداث، انفتاحا في قلوب ابناء المسلمين ليدركوا اهمية ما تتطلع اليه القلوب، مما هو ثابت في دينهم، حيث ساق الله العبر، ليدركوا ما يجب عليهم في انفسهم ونحو مجتمعهم، مع اهمية الارتباط بالخالق جل وعلا، مسبب الاسباب، ودافع البلايا، حيث يقول سبحانه: { )سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53)
فالمصائب تحرك قلوب اهل الايمان، ليدركوا انهم ما اصيبوا الا بسيئاتهم ومن خلل في نفوسهم واعمالهم، فيبحثوا عن الحل بتدارك ذلك، والعودة لخالقهم اعتقادا وعملا، اما غيرهم فتدفعهم نشوة الفوز الى التمادي في الغواية، فهذا كبير حاخامات اسرائيل تذكر عنه «معاريف» ان اربعة ذكور في اعمار مختلفة، اكدوا ان هذا الحاخام الاكبر الذي يمثل اليهود الغربيين تحرش بهم جنسيا. انه الفساد الخلقي في القمة، ومن باب اولى ان تفسد القاعدة.
كما ذكرت صحيفة اخرى: ان الاقدام على الانتحار لدى جنود العدو الاسرائيلي بلغ 400 سنويا وتكاثر عاما بعد عام.
وفي الجانب الآخر: نرى ان الدخول في الاسلام في امريكا واوروبا يزداد منذ احداث مركز التجارة الامريكي، وان الكتاب الاسلامي، وترجمة معاني القرآن هي الاوسع انتشارا لدى الغربيين، لأن الاحداث دفعتهم الى الحرص على معرفة هذا الدين من مصادره، رغم ان الاعلام مسلط على تشويه صورة الاسلام وارهاب المسلمين، حتى يحققوا غرضهم السياسي باثارة جماهيرهم ضد الاسلام وتعاليمه. لكن الامر صار بالضد لمحبة المثقفين الاطلاع على ذلك بأنفسهم، فنتج تسابق من دور النشر على ملاحقة كل ما يكتب عن الاسلام بتجرد، فنشط بعض المسلمين وبعض المنصفين من مثقفيهم في هذا الميدان، الذي احدث رد فعل يناقض ما أرادوه يخدم سياستهم، وما يريدونه يحقق مآربهم.
أما أبناء المسلمين وخاصة في العراق فبان شعورهم بعودتهم للمساجد وارتباطهم بالعلماء: سماعا وسؤالا.
وهذا الدكتور ابا رفيز موردوج الامريكي نائب رئيس جامعة برمنجهام يانج، الذي اسلم واجرى معه حوارا مندوب صحيفة العالم الاسلامي الصادرة عن الرابطة بمكة، هذا المسلم يقول: ان أبناء الاقليات المسلمة في امريكا لهم دور في تصحيح كثير من المغالطات والشبهات عن الاسلام، فهم يحاولون قدر استطاعتهم، ان يؤكدوا بأن الاسلام بريء من كثير من افعال بعض المسلمين، وهم يبذلون قصارى جهدهم في دعوة الغرب، لأن ينظر للمسلمين بموضوعية، وهو ما بدأ يحدث بالفعل في اعقاب احداث سبتمبر، بسبب اهتمام ابناء المجتمعات الغربية بالقرآن الكريم وترجمة معانيه، لدرجة اصبح معها تراجم معاني القرآن الكريم اوسع الكتب انتشارا في امريكا، وكذلك جميع الكتب التي تتحدث عن الاسلام. وما الهداية الا من الله سبحانه.
وحسب النظرة العربية، نرى الفضائية المصرية، تورد كلاما للسياسي المصري اسامة الباز، جاء فيه: لسنا مطالبين بتبرير مواقفنا، ولكننا مطالبون بتصحيح بعض المواقف الخاطئة، وهذا لا يقلل من صلابتنا، لأن تاريخنا ومعتقداتنا ليست هشة، ولذلك اقول: بأن ما حدث سوف يزيد لحمتنا قوة فيما بيننا، وان نعالج جوانب القصور في بيتنا العربي، وبتفاهمنا وتماسكنا.
جواب مسكت:
ذكر النويري في نهاية الأرب: انه حكى عن حويطب بن عبد العزى بلغ عشرين ومائة سنة: متين في الجاهلية ومتين في الاسلام، فلما ولي مروان بن الحكم المدينة دخل عليه حويطب فقال له مروان: لقد تأخر اسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الاحداث: فقال: والله لقد هممت بالاسلام غير مرة، كل ذلك يعوقني ابوك عنه وينهاني ويقول: أتدع دين آبائك لدين محدث، اما اخبرك عثمان ما كان قد لقي من ابيك حين اسلم؟ فسكت مروان.
وروى عن يزيد عن عروة قال: لما مات كُثيّر عزة، لم يتخلف بالمدينة امرأة ولا رجل عن جنازته وغلب النساء عليها وجعلن يبكينه، ويذكرن عزة في ندبهن له، فقال: محمد بن علي الباقر: أفرجوا لي عن جنازة كثير لأرمقها، فجعل الناس يدفعون النساء عنها، ومحمد بن علي يقول: تنحين يا صويحبات يوسف.. فانتدبت له امرأة منهن، فقالت: يا ابن رسول الله لقد صدقت إنا لصويحبات يوسف ولقد كنا له خيرا منكم له فقال محمد بن علي الباقر لبعض مواليه احتفظ بها حتى تجيئني بها اذا انصرفت.
قال : فلما انصرف اتى بها، وكأنها شررة النار، فقال لها: محمد بن علي: إيه، أنت القائلة انكن ليوسف خير منا؟ قال: نعم تؤمنني غضبك يا ابن رسول الله؟ قال: فأنت آمنة من غضبي فأنبئيني؟ فقالت: نحن دعوناه الى اللذات من المطعم والمشرب والتمتع والتنعم، وأنتم معاشر الرجال ألقيتموه في الجب وبعتموه بأبخس الأثمان، وحبستموه في السجن، فأينا كان عليه أحنى؟ وبه أرأف؟ فقال محمد : لله درك لن تغالب امرأة الا غلبت، ثم قال لها: ألك بعل؟ فقالت: لي من الرجال من انا بعله. فقال محمد: ما اصدقك؟ مثلك من تملك الرجل ولا يملكها، فلما انصرفت قال رجل من القوم: هذه فلانة بنت معتب الدوسي «8:173».
|