لم يعد هناك خلاف على أن السمنة أو البدانة المفرطة الناتجة عن زيادة كبيرة في وزن الجسم باتت من أخطر أمراض العصر، والسبب الرئيسي في الإصابة بالعديد من الأمراض الخطرة مثل ارتفاع ضغط الدم وجلطات القلب والأوعية، وتتضاعف هذه المخاطر في حالة حدوث السمنة في سن الطفولة.. التي أجمع الأطباء على أهمية علاجها والوقاية منها في هذه السن المبكرة حماية لصحة الطفل وزيادة فاعلية برامج العلاج، لكن كيف يمكن قياس السمنة عند الأطفال؟ وما هي مخاطرها؟، وأفضل سبل الوقاية منها، هذا ما نتعرَّف عليه من خلال هذا التحقيق الذي شارك فيه مجموعة من أطباء الأطفال بمستشفى الحمادي بالرياض:
ازدياد مضطرد
بداية يعرف د. سامي نوح استشاري أمراض الأطفال وحديثي الولادة السمنة بأنها شحم مخزن في الجسم سببه أن الشخص يأكل سعرات حرارية أكثر مما يصرف منها بواسطة الفعاليات الحيوية المختلفة، وتؤكِّد الإحصائيات أن السمنة عند الأطفال في ازدياد في جميع المجتمعات، فمثلاً يعاني 25% من الأطفال في أمريكا الآن من السمنة بينما كانت النسبة لا تزيد على 5% في عام 1965م، والإحصاءات التي أجريت في المملكة تؤكد أنها تفوق مثيلاتها في أمريكا، كما أنها بازدياد مطرد جداً في المجتمعات الخليجية، وتبدأ عادة بين عمر 5-6 سنوات، وهي تشكل خطراً كبيراً عند تقدم العمر على الصحة بشكل عام والإصابة بمختلف الأمراض مثل السكري وأمراض القلب، كما أنها تؤثر في الحالة النفسية للطفل الذي قد يفقد الثقة بنفسه ويصبح منعزلاً بسبب تعرضه للتهكم من أقرانه وعدم تمكنه من المشاركة في الفعاليات الرياضية.
وحول أهم أسباب السمنة عند الأطفال يقول د. نوح إن قلة الوعي بأسس التغذية السليمة عن جهل أو تجاهل لمخاطره وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة مع ارتباط المناسبات في العالم العربي بالأكل والولائم من العوامل الأساسية في السمنة، ويمكن تلخيص أسباب السمنة بما يلي:
- قلة التمارين والحركة بسبب ذهاب الطلاب للمدرسة بواسطة السيارة والجلوس على الكمبيوتر والتلفاز لساعات عديدة.
- عادات الأكل الخاطئة بتناول كثير من الحلويات والمشروبات الغازية والوجبات السريعة، وعدم تناول الفواكة الطازجة بشكل جيد حيث إن انتشار ما يسمى بالوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية في الدول الغربية، ودول أخرى أدت إلى انتشار السمنة.
- العوامل الوراثية تؤدي دوراً في السمنة.
- هناك بعض الحالات المرضية قد تسبب السمنة مثل تنادر بردر ولي وتنادر كشنك لكنها حالات نادرة.
- بعض الأدوية قد تسبب السمنة مثل الكورتيزون لو استخدم بشكل مستمر ولمدة طويلة وليس الكورتيزون الذي يستخدم لفترات قصيرة، وكذلك الأدوية المعالجة للحالات النفسية.
- بعض أمراض الغدد الصماء والجهاز العصبي كانخفاض هرمون الغدة الدرقية أو النخامية المسيطرة على معظم الغدد الصماء أو انخفاض الهرمونات الذكرية أو الأنثوية وهي نادرة.
- الحالات الاجتماعية السلبية كالطلاق أو الانفصال والموت والانتقال من مكان إلى آخر بشكل مستمر وقهر الأطفال، فالسمنة يمكن أن تكون بسبب إصابة الطفل باضطرابات نفسية أو عاطفية ناتجة عن خلافات أسرية.
المعادلة الحسابية
وحول كيفية تحديد السمنة يقول د. سامي نوح: تقاس السمنة بواسطة كارت النمو للوزن والطول وهناك ما يعرف دليل كتلة الجسم، التي يمكن أن تحدد إذا ما كان الوزن طبيعياًً أو لا وهي حسب المعادلة التالية: الوزن (بالكيلو جرام) على الطول (بالمتر المربع) فإذا كانت النتيجة من 30 إلى 35 كان الشخص سميناً، أما إذا كانت النتيجة من 40 فما فوق كان شديد السمنة ولا تصلح هذه المعادلة للأطفال في دور النمو.
وحول أفضل طرق وقاية الأطفال من السمنة ينصح د. نوح بتجنب الوجبات في المطاعم السريعة لأكثر من مرة في الأسبوع وتناول الأكل الصحيح المنوع، وتعليم الطفل على مضغ الطعام بشكل بطيء، وعدم إجبار الطفل على الأكل أو إجباره على أن يأكل جميع ما موجود في الصحن كذلك، تجنب وضع أكثر مما يلزم على المائدة وإعطاء الوجبات في أوقات محددة وإعطاء الوجبات قليلة الدهن في المدارس وللأطفال ما فوق سنتين يمكن إعطاء الحليب المبستر أو قليل الدسم.
بالإضافة إلى تناول كميات معقولة من الكاربوهدرات المعقدة والألياف الموجودة في الفواكة والخضراوات والحبوب، التي تساعد على إنقاص الكوليسترول، والحفاظ على نسبة السكر، والتخلص من الفضلات، وهذه نقطة جداً مهمة لأن عدم تنظيم هذه العملية يؤدي في بعض الأحيان لتكون السرطانات والأمراض الخبيثة كذلك ينصح بعدم الجلوس لساعات طويلة على الكمبيوتر والتلفاز واستبدالها بالمشي خارج المنزل، وممارسة الفعاليات الرياضية كالسباحة على الأقل 30 دقيقة في اليوم واستخدام السلالم بدلاً من المصاعد مع الحركة والنشاط المستمر أثناء اليوم فلا شك أن النشاط والحركة لهما فائدة كبيرة في تحسين صحة الإنسان بصفة عامة فقد أشارت الدراسات إلى أن للرياضة دوراً في تخفيض نسبة الدهون وجليكوز الدم، كما أن لها دوراً في نشاط الأنسولين واستقبال أنسجة الجسم له، ولكن هل هذه النسبة كبيرة لدرجة الاعتماد عليها في إنقاص الوزن؟ الإجابة عن هذا السؤال هو لا، حيث إن الدراسات التي أجريت في هذا المجال جاءت متضاربة لدرجة أنه لا يمكن أن نوصي للبدين بالرياضة كأساس لتخفيض وزنه، ولكن يمكنها أن تكون عاملاً مساعداً وخاصة لتخفيف الترهلات من جسم البدين الذي أنقص وزنه، وننصح الأمهات بتجنب إعطاء الأكل للطفل دون أن يكون جائعاً وتجنب إعطائه الأكل كهدية خاصة للحلوى والأكل الدسم كذلك تجنب إنهاء الأكل بالحلوى فهي عادة سيئة.
علاقة السمنة بالأمراض
وحول وجود علاقة بين السمنة والإصابة ببعض الأمراض يقول د. سامي نوح: نحن نعلم أن العقل السليم في الجسم السليم فعدم مراعاة الأسس الصحية للحفاظ على الوزن يؤدي لمخاطر تنعكس على الجسد والنفس والعقل، ومن الأمراض التي تسببها السمنة على سبيل المثال ازدياد حالات الربو القصبي، والانسداد التنفسي أثناء النوم مع صعوبة التنفس أثناء النهار، حيث تؤدي السمنة إلى تقليل القدرة على امتلاء الرئتين بالهواء مما يؤدي إلى نقص كبير في نسبة الأوكسجين في الدم مع احتمال ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ويؤدي إلى مرض بكويكيان الخطير، كذلك احتمالات الإصابة بمرض السكري، وذلك لزيادة المناعة لهرمون الأنسولين الذي يتبعه زيادة في إفراز البنكرياس لهذا الهرمون للتغلب على هذه المقاومة، التي تنتهي بفشل البنكرياس وحدوث مرض السكر، وكذلك ارتفاع ضغط الدم وزيادة المجهود على عضلة القلب لدفع كميات أكبر من الدم وغالباً ما نجد الشخص البدين يعاني من النهجان خاصة عند القيام بأي مجهود حركي بسيط أو عند صعود الدرج مع تصبب في العرق وصعوبة في التنفس. وثبت وجود علاقة بين السمنة وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بالإضافة إلى زيادة فرص الإصابة بالنوبات القلبية والمخية، وذلك لتصلُّب الشرايين، واضطرابات الهضم.
كما أن ترسب الدهون في الكبد قد يؤدي إلى حدوث آلام واضطرابات في الكبد، وكذلك ازدياد نسبة الإصابة بمتاعب المفاصل يسبب حدوث تآكلات وخشونة المفاصل وتبدأ في الظهور في سن مبكرة وتأتي غالباً في مفاصل الركبتين والفخذين وأسفل العمود الفقري، كما أن زيادة نسب الدهون كالكوليسترول، وحمض البوليك في الدم قد يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بحدوث حصوات المرارة، بالإضافة إلى الاكتئاب نتيجة التعرض للتهكم والاستهزاء وفقدان الثقة بالنفس والانطواء.
البنات الأكثر بدانة
ويضيف د. صفاء العيسى استشاري أمراض الأطفال وحديثي الولادة: أن نسبة البدينين من الأطفال والمراهقين تتراوح ما بين 5-25% تقريباً، وتشير الإحصائيات إلى البدانة بين الأطفال بازدياد مستمر.. مشيراً إلى أن البدانة هي تجمع كميات زائدة من الدهن في الجسم ويقال «بدانة» عندما تكون نسبة الشحوم أكثر من 25% من وزن الجسم، وذلك عند الأولاد وأكثر من 32% عند البنات، وتعرف بدانة الطفولة بأنها نسبة الوزن للطول بأكثر من 120% مقارنة بالحالة المثالية، ولكن قياس طبيعة الجلد هي الأكثر دقة في تقدير السمنة.
ويؤكِّد د. العيسى أنه ليس كل رضيع بديناً سيبقى بديناً حتى يصل مرحلة الطفولة، كما أنه ليس كل ولد بدين سيبقى بديناً حتى البلوغ، مشيراً إلى أن المشاكل التي تسببها البدانة تتضاعف في حالة وصول الطفل ذكراً كان أو أنثى لمرحلة المراهقة، وبدانة الأولاد قد تكون سبباً لارتفاع التوتر الشرياني «الضغط الدموي» عند الأطفال، وقد تترافق بالداء السكري وازدياد خطورة أمراض القلب والأوعية الأكليلية للقلب، وازدياد الخطر أيضاً على المفاصل التي تتحمل وزن الجسم، كما أنها تنقص من هيبته الشخصية وتؤثر في علاقته بأقرانه، وهو ما يعني أن كثيراً من المشاكل الاجتماعية والنفسية هي المتتاليات الأهم للبدانة عند الأطفال مع الوضع في الاعتبار أن البدانة عند البالغين أو الأطفال، أسباب متعددة تتركزَّ جميعها حول عدم التوازن في الطاقة الداخلة «وهي القادمة من الغذاء»، والطاقة الخارجة «الضائعة» التي تصرف في الاستقلاب الأساسي والنشاط الفيزيائي إلا أن بدانة الأولاد عادة ما تكون ناتجة عن تداخل عوامل غذائية، نفسية، عائلية، فيزيائية «غريزية».. فعلى سبيل المثال تكثر البدانة بين الأولاد الذين هم من أبوين بدينين، وقد تكون ناتجة عن العوامل الوراثية، أو عادات الأبوين في الطعام والنشاط الحركي، بالإضافة إلى عدم ممارسة نشاط حركي فعَّال كما أن معدل بقاء الأولاد أمام التلفزيون لعدة ساعات يومياً، كان فيما مضى مكرساً للنشاط المتواصل، ولذلك تكثر البدانة عند الأطفال والمراهقين الذين يشاهدونه الرائي «التلفزيون» بصورة أكبر من غيرهم وليس السبب في نقص كمية الطاقة الضائعة، ولكن أيضاً بسبب الحصول في كميات كبيرة من الطاقة من خلال تناول الوجبات الخفيفة أثناء مشاهدة التلفزيون، وحديثاً لوحظ تأثير الوراثة في إحداث البدانة، وتوزع الشحوم في الجسم، فالمولودون لأمهات بدينات فإنهم أقل حركة وتزيد أوزانهم في الشهر الثالث من العمر، مقارنة مع المواليد من الأمهات اللواتي أوزانهن طبيعية، وهذا يرجع إلى أن هناك شيئاً خلقياً يقود للاحتفاظ بالحريرات.
علاج البدانة
وحول أفضل وسائل معالجة البدانة عند الأطفال يقول د. العيسى: إن كثيراً من برامج معالجة البدانة عند الأطفال والمراهقين نادراً ما تؤدي لنقص الوزن أو على الأقل حصول تباطؤ في زيادة الوزن حتى ينمو وزنه الجسمي خلال أشهر أو سنوات لمعدله، حيث ثبت أن كل 20% من الزيادة عن المعدل الطبيعي يحتاج إلى 1 ،5 سنة من التوازن الغذائي حتى يصل للوزن المثالي، لذا فإن التدخل المبكر المناسب شيء مهم، وهناك دليل واضح يؤكد أن تعديل عادات الطعام والنشاط في الطفولة أكثر سهولة من البالغين، وهناك ثلاثة أمور تدخل في موضوعنا، لذا فالبرامج الناجحة تقوم على ثلاثة محاورهي:
1- النشاط الحركي: يجب تبني برنامج حركي بدني أو بالتدريج ليصبح فعَّالاً أكثر لحرق الدهون وزيادة مصروف الطاقة لاستمرار نقص الوزن، وإن كانت معظم الدراسات التي أجريت على الأطفال تؤكد أن النشاط الحركي وحده كخطة استراتيجية لا يكفي ما لم يشرك بشيء آخر، مثل التثقيف الغذائي، وتعديل السلوك وكيفما كان فإن النشاط الحركي له فائدة صحية، وحتى على الرغم من عدم ملاحظة تحسن في السمنة أو في وزن الجسم، لكن إذا تمت الممارسة لمدة 50 دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً، فإنه يلاحظ تحسن في مراقبة شحوم الدم والضغط الدموي.
2- تدبير الحمية: الصوم أو تحديد الحريرات الداخلة أمر غير مرغوب عند الأطفال عدا كونه سيؤثر في الحالة النفسية، وبشكل عكسي على النمو وصعوبة تفهمه، لذا فإن التثقيف الغذائي ضروري واقتران الحمية الغذائية مع النشاط الحركي يعد معالجة فعَّالة لبدانة الأطفال.
3- تعديل السلوك: كثير من الاستراتيجيات السلوكية عند البالغين قد أثبتت نجاحها عند الأولاد والمراهقين، منها المراقبة الشخصية مع تسجيل الداخل من الطعام والنشاط الحركي والتخفيف من تناول الطعام «تحديد وقت ومكان تناول الطعام»، إضافة لتقديم الحوافز «الجوائز» للسلوك المرغوب مع مراعاة أن السلوك الفعَّال في المعالجة يعتمد على طريقة الأبوين في معالجة مشاكل النشاط الحركي، ووضع الطفل مع مجموعة يسهل من حل تلك المشكلة.
وحول سبل الوقاية من بدانة الأطفال يقول د. العيسى: لا شك أن الوقاية من البدانة أسهل من المعالجة والوقاية تعتمد بشكل كبير على ثقافة الوالدين والتركيز على تشجيع الرضاعة الطبيعية، ومعرفة علامات الشبع إضافة لتأخير إضافة الأغذية الصلبة.
أما التثقيف في بداية مرحلة الطفولة فيتضمن التغذية الصحيحة واختيار وجبات خفيفة ناقصة الدسم إضافة لنشاط وعادات حركية جيدة مع مراقبة ساعات الجلوس خلف الرائي «التلفزيون»، لكن ذلك قد لا يسيطر على العوامل الوراثية، كما أن ثقافة الوالدين يجب أن تتضمن الثقة بالنفس ومراعاة الجانب النفسي.
البدانة عند الأطفال
من جانبه يؤكِّد د. عبدالحليم حمود استشاري أمراض الأطفال وحديثي الولادة أن البدانة من أكثر المشاكل الشائعة عند الأطفال في الوقت الحاضر، ولا سيما في البلاد التي يتوافر فيها الغذاء بكثرة، ومنها المملكة العربية السعودية إلى درجة يمكن معها القول إن البدانة قد وصلت حد الوباء، ومن المعروف أن البدانة بين الإناث تكون أكثر من الذكور بعد مرحلة الرضاعة، كما تختلف نسبة شيوع البدانة حسب الأعراق والأجناس وحسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وبشكل عام أثبتت الدراسات أن الطفل البدين في عمر 6 سنوات لديه إمكانية أن يكون بديناً في الشباب والكهولة بنسبة 25%.
كما أن اليافع البدين في عمر 12 سنة لديه إمكانية تصل إلى 75% لأن يكون بديناً في الكهولة، ولذلك فإنه كلما بكرنا في علاج البدانة في الصغر قلت إمكانية حدوث البدانة في الكبر.
ويتوقف د. عبدالحليم حمود عند أهمية الوراثة في حدوث البدانة فيقول: إن الوالدين البدينين ينجبون أولاداً بدناء أيضاً، حتى لو لم يعيشوا في البيئة نفسها ، فإذا كان الوالدان بدينين فإن ثلثي أولادهم سيكونون كذلك، وإذا كان أحد الوالدين بديناً فإن 50% من الأبناء سيكونون بدناء أيضاً، أما إذا كان الوالدان عاديين فإن نسبة البدانة بين أولادهم تصل إلى 9% فقط.
مشكلات وعلاجات
وحول أهم مشاكل البدانة عند الأطفال يقول د. حمود: يعاني الطفل البدين من العديد من الاضطرابات نتيجة لبدانته، وفي مقدمتها الاضطرابات النفسية، حيث يعاني العديد منهم من اضطرابات في السلوك وحوالي 15% من هؤلاء الأطفال يعانون من الكآبة بالإضافة إلى المشاكل التنفسية كصعوبة التنفس والشخير أثناء النوم، وقد يصل الأمر إلى حد القصور التنفسي وربما الوفاة، بالإضافة إلى مشاكل أخرى كارتفاع التوتر الشرياني وأمراض الشرايين التصلُّبية التي تؤهب للاحتشاءات والانسدادات الوعائية، كذلك الاختلاطات الاستقلابية: كفرط شحوم الدم والداء السكري وأمراض الكبد، وهنا تكمن أهمية العلاج مع مراعاة أنه لا يوجد علاج دوائي للبدانة عند الأطفال، والأدوية التي قد تستخدم عند الكبار لعلاج البدانة من غير المسموح باستخدامها عند الأطفال كما أن العلاجات الجراحية ليس لها دور في بدانة الأطفال إلا في الحالات المتفاقمة التي تهدد حياة الطفل، لذا يعتمد علاج البدانة عند الأطفال على ثلاثة ركائز:
1- الحمية، 2- التمارين، 3- تعديل السلوك الغذائي، وبشكل عام فإن الحمية يجب أن تكون متوازنة بحيث نؤمن نمواً طبيعياً للطفل مع تجنب البدانة، ولذلك يُوصى بالمواد الغذائية قليلة الحريرات وقليلة النشويات.
أما بالنسبة للتمارين فإنها ضرورية جداً للمحافظة على وزن طبيعي للطفل، حيث إن الجهد العضلي يستهلك القدرة الناتجة عن الغذاء، ويحول دون تحولها إلى شحوم.
وفيما يتعلق بتعديل السلوك يقول د. عبدالحليم حمود: إنه الأساس في علاج البدانة عند الأطفال، حيث يعتمد على المراقبة الذاتية، حيث يجب على كل طفل بدين (أو من يساعده) أن يحتفظ «بجدول غذائي يومي» عندما يقوم بتخفيف وزنه، هذا الجدول يضم نوع الطعام وكميته، بالإضافة إلى وقت تناوله، كذلك يجب مراقبة الطفل أثناء طعامه، وهل يأكل أثناء مشاهدة التلفزيون، أو عندما يكون غاضباً أو مكتئباً؟ لأنه في كل هذه الحالات فإن الطفل يأكل بشكل غير طبيعي.
كما أن الكثير من الأطفال البدينين لا يعرفون الإحساس بالشبع أو الجوع لأنهم يأكلون بشكل متواصل ومن الضروري تعليم الطفل هذه الأحاسيس، ومن الأمور المهمة أيضاً وضع جدول زمني للوجبات وتشجيع النقاط الإيجابية في سلوك الطفل وشخصيته وتعليمه كيفية البناء الصحيح لشخصيته، ومن الأمور المشجعة أيضاً تقديم الهدايا للطفل عندما نلاحظ وجود تغيرات إيجابية في سلوكه.
|