القفز إلى التطبيع

أتاحت القمتان في شرم الشيخ والعقبة فرصة للرئيس الأمريكي لتفهم الأمور في المنطقة بصورة أعمق، وقد سمع بالصوت العالي والواضح التأكيد القوي أن على إسرائيل أن تتجاوب مع مقتضيات السلام دون القفز على الثوابت العربية.فقد رفع الجانب الأمريكي إلى الزعماء العرب مطلب التطبيع مع إسرائيل وأجمعت الأنباء القادمة من شرم الشيخ أن الوفد السعودي كان حريصاً وبقوة على رفض التطبيع ما لم تعد إسرائيل الأراضي العربية المحتلة وتعترف بالدولة الفلسطينية.. وأسهمت قمة شرم الشيخ في توضيح المواقف العربية بصورة جليَّة.وإلى جانب هذا الموقف من التطبيع أعرب الأمريكيون عن تفهمهم لموقف العرب من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وأهمية استمرار التعامل العربي معه بينما تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تهميشه.إن التفاهمات التي حدثت في شرم الشيخ بما تحمله من تحديد للخلافات ستفيد العملية السلمية أكثر من التغاضي عنها ما يعني أنها ستتفاقم.وأفلحت القمة كثيراً في التأكيد مجدداً على أهمية دفع خارطة الطريق الى الأمام مع تجديد الرئيس الأمريكي التزامه بالعمل على اقامة الدولة الفلسطينية والتأمين العربي على أهمية العمل باتجاه ذلك مع تصريحات إيجابية من قبل مختلف الفصائل الفلسطينية بإمكانية تطور الحوار بين الفصائل إلى ما يرقى إلى التجاوب مع ما تنادي به خارطة الطريق.التجاوب العربي الكبير مع السلام تقابله شكوك عربية في مدى استعداد إسرائيل للتعاطي بطريقة ايجابية مع خارطة الطريق ولا تساور الشكوك هنا العرب وحدهم بل أيضاً دوائر سياسية وإعلامية في الغرب وفي الولايات المتحدة ما يحتم على الرئيس الأمريكي تأكيد ذلك الالتزام بصورة عملية تتيح لخارطة الطريق الوصول الى مرحلة التطبيق..ومن المؤكد أن هناك مصاعب ترتبط بجماعات الضغط الصهيونية القوية في الولايات المتحدة خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية الرئاسية ومع ذلك فهناك التزام من أكبر دولة بإقامة الدولة الفلسطينية وهو التزام يتطلب تنفيذاً مهما كان الثمن، لأن عليه يمكن بناء السلام بينما غيابه يعني الانزلاق إلى الحرب مجدداً.