Thursday 5th june,2003 11207العدد الخميس 5 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
الليلة الأخيرة
أميمة الخميس

أنا بحاجة إلى قيود وحواجز من الموضوعية والحياد الفني، لكي استطيع مقاربة مجموعة شريفة الشملان القصصية الأخيرة، دون ان يخالطني حبي الوافر لشخصيتها النهرية الدافقة، وشهقة الوجد والدهشة التي تنبع دائماً من صوتها، وجدول مشاريعها الأدبية المزدان دائماً بالجديد والمبتكر.
المجموعة بعنوان «الليلة الأخيرة» إصدار دار الكنوز الأدبية في لبنان عام 2002، ولكنني وجدت ان مجموعتها تعكس «أي شريفة» تقدمها وخريطتها النفسية تماماً، تبرز ملامح شريفة القاصة غير العابئة تماماً بالهياكل الفنية أو المدارس الأدبية، هي نسيج يشبه نسيج الجدات المدثرات بالحكمة والبساطة.
وهذا تماماً ما أريد التعبير عنه، عندما رزقت بطفلتي الجميلة مؤخراً، اهدت لي شريفة، غطاء صوفيا لها، حاكته بيديها وكنت وأنا أتأمل الغطاء وأقلبه، واغوص في ألوانه الجذابة أشعر بأن شريفة تنسج قصصها بشكل مقارب لهذا الدثار الطفولي الأخاذ.
القصص تبدي ولهاً كبيراً بطقوس الجدة، لكنها جدة لم ترضخ للواقع وتعيد تصديره، بل جدة تختار زاويتها الخاصة للنظر إليه، ولعلها «شريفة» ترفض ان تطلق القصة بدون ان تكون معبأة بشيء من روحها وظلالها ورسائلها الفكرية، تلك الروح الوثابة التي نستشعرها في المجال المغناطيسي لشريفة تعود لتحاول ان تطل برأسها من خلال بعض القصص.
لكن التجربة المدهشة التي استوقفتني هي قصصها الرمزية التي وظفت فيها الحيوانات كأدوات رمزية، قصص تقترب من قصص الأطفال، ولكن الشحنة الرمزية العالية بداخلها تجعلنا نفهرسها بشيء يقارب كليلة ودمنة.
إليكم مثلاً هذه القصة المختزلة المكثفة بعنوان سمكة «غاصت السمكة في الأعماق، صعدت إلى السطح جمعت رفيقاتها، ابتدعت لعبات جميلة، وغنت سمع الاخطبوط غناءها.. رقص مستعملاً كل أذرعته.. علت موسيقى حب الحياة في كل مكان من البحر الواسع.. وأثناء ذلك امتدت يد الإنسان، سحبت شبكته الجموع الفرحة، التي تكدست مع بعضها، وشهقت مغادرة الحياة، ضاع اللؤلؤ، ضاع المرجان من البحر، ليكون قلائد للنسوة، منذ ذلك الحين، والأسماك تفتح عينيها فزعاً، ولم تستطع اغلاقها»، الليلة الأخيرة هو كتاب شريفة وخريطتها النفسية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved