Thursday 5th june,2003 11207العدد الخميس 5 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
انخفاض قيمة الدولار
د. سامي الغمري

لعقود أربعة مضت تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة المالية على الاقتصاد العالمي وذلك من خلال قوة الدولار وأسعار الفائدة وتوطن أسواق المال فيها. وإذا ما أضفنا سيطرتها شبه الكاملة على صندوق النقد العالمي والبنك العالمي فإن الصورة كانت ولا تزال قدرة إحكامها على الاقتصاد العالمي والتي جنت منه على فوائد جمة من أهمها تمويل اقتصادها الوطني بأقل تكلفة. وقد زاد من تفوق عملتها تفضيل المضاربين العالميين في التعامل بالدولار الأمريكي عن باقي العملات الأخرى اعتقادا منهم بأن الاستثمارات بالدولار تعد خالية تماما من المخاطر وذلك لما تضمنه الخزانة الأمريكية لهم ومن مساندة حكومية سياسية للعملة المميزة المطلوبة في أي بقعة على وجه البسيطة. إلا أن من المفارقات الأخيرة ما أصاب أسواق المال العالمية من تراجع في سعر الدولار أمام العملات العالمية خاصة اليورو الأوروبي، وما تبعه من تقلبات نذكر منها عدة أحداث بعدها بدأ فيها الدولار فعلاً يفقد جزءاً كبيراً من الثقة المحيطة به، فأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م كانت مؤشراً أولياً لما يمر به دولار اليوم المتراجع إضافة إلى ما لحق به ثانياً من فضائح مالية ومحاسبية لشركات أمريكية طالب فيها آنذاك المجمع الأمريكي من الإدارة الحكومية بالتدخل لحماية دولاراتهم من عمليات النصب والاحتيال ووضع حد قانوني للتلاعب بمدخراتهم فكانت النتيجة الطبيعية أن انخفض الدولار في الصيف الماضي أمام اليورو. وبعد شهور من الصيف الماضي بدأت الحرب على العراق، فكان صدى حرب العراق من الأثر دافعاً إلى التساؤل عما يحدث من هبوط للعملة نفسها حالياً. وما هو العامل الرئيسي وراء انخفاض الدولار وارتفاع اليورو الأوروبي؟ وهل تراجعت سطوة الدولار في الوقت الراهن؟ وهل ستشهد القطاعات المصرفية العالمية إصدار محافظ جديدة ادخارية باليورو وليس بالدولار؟ وهل سيتم التحول إلى العملة المنافسة الأوروبية على اعتبار أن اليورو هو ملاذ آمن آخر للمحافظ الاستثمارية بجانب الدولار الأمريكي.
في الحقيقة هناك أكثر من قول يدور في الذهن. نرى أنه بالرغم من كل التقلبات العالمية الحاصلة في العامين الماضيين إلا أننا لا نرجع قوة اليورو إلى اليورو نفسه وإنما نرجع ضعف الدولار مؤقتاً نظراً لعدة عوامل ذكرناها ساهمت في حالته ووضعه في السوق المالي العالمي اليوم.أضيف أن ما اتخذه البنك المركزي الأمريكي العام الماضي من إجراءات تجاه الدولار انعكست بوضوح على أسواق المال العالمية وتمثلت في انخفاض أسعار الفائدة المتواصل مما جعله أقل جذباً للشراء والاستثمار.وقد يعضد هذا الرأي ما أشارت إليه إحصائيات مالية أن الدولار يستحوذ على 60% من الاحتياطات المالية الدولية مقابل فقط 20% لليورو الأوروبي، وأن معظم السندات الدولية مرتبطة بالدوار. وهذا يعني بوضوح أن الدولار لا يزال قوياً متماسكاً وقادراً على امتصاص معظم الصدمات سواء من عمليات إرهابية أو ظهور عملة جديدة منافسة وغيرهما. بل أتوقع أن اليورو الأوروبي سوف يعاني من ضعف في السنوات القادمة خاصة عندما ينضم إلى الاتحاد الأوروبي أربعة أعضاء جدد من دول شرق أوروبا نعرف عنها أنها دول ضعيفة في كياناتها الاقتصادية مقارنة بأعضائها القدامى. وبانضمام دول من شرق أوروبا سوف يترتب عليه بعض المردودات غير الإيجابية على قوة اليورو مستقبلاً.
عموما على المستثمرين السعوديين أن يستفيدوا من هذه التغيرات حيث إن انخفاض قيمة الدولار مقابل اليورو سيشجع الصادرات السعودية في نموها وسوف يشجع السياح على القدوم للمنطقة الشرق الأوسطية. ولهم أيضاً التخلي عن الارتباط الشديد بالدولار. والتعامل ولو جزئياً بالين الياباني واليورو الأوروبي لما يحقق لهم التوازن ومما سيجنبهم الخسائر المالية إلى أدنى حد ممكن.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved