* القاهرة مكتب الجزيرة عثمان أنور طه محمد:
عادت اسرائيل للعزف على نغمة اقصاء أو طرد الرئيس ياسر عرفات وتحميله أية اخطاء وعواقب الفشل في منع عمليات المقاومة أو القضاء على الارهاب حسب زعمها ورغم ان هذه النغمة قد رددتها من قبل وطالبته باختيار رئيس وزراء فلسطيني ولكن بعد الاختيار وقبول الفلسطينيين خارطة الطريق تنكر لها الاسرائيليون وعادوا لتكرار مطلب اقصاء عرفات أو طرده وعدم فك الحصار المفروض بل وعملت اسرائيل على الربط بين ما حدث للرئيس العراقي السابق وبين عرفات مؤكدة على ضرورة الاطاحة به.
وفي خضم الاحداث المتلاحقة والخلافات حول خارطة الطريق وعدم استجابة اسرائيل لتنفيذها وفي ظل الضغوط المتوالية من قبل اللوبي اليهودي في أمريكا على الادارة الأمريكية هل تنجح اسرائيل هذه المرة في ابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات؟
يرى المراقبون ان المطلب الاسرائيلي بإبعاد عرفات عن السلطة يمثل احد العراقيل والصعوبات التي تضعها اسرائيل لعدم تنفيذ خارطة الطريق وان اسرائيل تحاول بهذا الطلب اضاعة الوقت حتى يحين موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تحول دون ممارسة بوش الضغوط على شارون لئلا يخسر أصوات اليهود الأمريكيين فاسرائيل في واد آخر فقد وضعت طريقها الخاص في شأن الخريطة وقد اعدت حملة اعلامية دبلوماسية مع رجالها في الادارة تربط بين العراق وتحريره وبين تحرير فلسطين من الديكتاتورية وتركز على ان قادة اسرائيل يريدون السلام مع الفلسطينيين وعلى اولوية مكافحة الارهاب عند الاسرائيليين وهي ذات الأولوية لدى الأمريكيين وتبرز أهمية بناء الديمقراطية في الوصول إلى سلام وإلى دولة فلسطين وتضع على الدوام علامات استفهام عن قدرات عرفات واستعداده للسلام.
الرئيس الفاعل
يؤكد الدكتور أحمد يوسف عميد معهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية ان الحكومة الاسرائيلية برئاسة ارئيل شارون أعلنت أكثر من مرة عن عدم رغبتها في التفاوض مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتهدف من وراء ذلك إلى وجود شخصية طيعة تلبي الشروط والاملاءات الاسرائيلية والأمريكية.
وأياً كان كما يقول فإن أي شخصية بديلة للرئيس الفلسطيني لن تكون مقبولة في الشارع الفلسطيني كما ان هناك اصرارا من الرئيس عرفات على ان يكون رئيسا فاعلا للفلسطينيين وقائدا لشعبه بالرغم من المحاولات الاسرائيلية والضغوط الأمريكية والمشكلة ليست في شخص ولو كان رمزيا أو فاعلا لكن المشكلة مرتبطة بمن ينفذ التوجهات الاسرائيلية والاملاءات الأمريكية.
ولذلك - كما يضيف - فان هذا الملف الذي طرح أخيراً معقد للغاية وربما ينذر لاحقاً بنشوب نزاع يهدد الوحدة الوطنية الفلسطينية وان الهدف من وراء الضغوط الاسرائيلية ان تصبح في السلطة عناصر أكثر اعتدالا لا توافق على أساليب السلطة الحالية وبالتالي فإن هذه الحكومة ستفتقد إلى روح الجسد.
ويشير إلى ان المطالبة باجراء إصلاح سياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية له اسباب عديدة بالرغم من تباين الأهداف وراء المطالبة بالاصلاح سواء داخل السلطة أو خارجها أو تنوع المطالبة بالتغيير سواء من جانب اسرائيل أو أمريكا وان كانت السلطة بحاجة حقيقية إلى اجراء مجموعة من الاصلاحات على مستويات عدة ويقول ان هناك من يرى ان السلطة نفسها بحاجة إلى إصلاح وهذا الرأي يتنوع فهناك من يرى ان تكون السلطة أكثر ثورية ودعما للانتفاضة فيما يرى طرف آخر أن تكون السلطة أكثر عقلانية وليس معنى ذلك ان تبتعد السلطة عن دعم الانتفاضة ولكن هذا الرأي يذهب إلى ضرورة ان ترشد السلطة من أدائها.
ويرجع السبب وراء المطالبات الأمريكية والاسرائيلية بشأن الرئيس عرفات ومحاولات ابعاده إلى ان ادارة البيت الأبيض تطمح في عناصر فلسطينية تكون أكثر قربا من الموقف الأمريكي ووجود عناصر لا توافق على أساليب السلطة الحالية ولذلك فانه مطلوب من الشعب الفلسطيني على كافة مستوياته ان يتجاوز هذه الأزمة وان يقف إلى جانبه موقف عربي متماسك بعيداً عن اية ضغوط سواء من جانب أمريكا أو اسرائيل وتفويت الفرصة على اية شروط أو املاءات.
وبخصوص ما اذا كانت اسرائيل والولايات المتحدة قد نجحتا في الضغط على عرفات لتحجيم نشاط المقاومة الفلسطينية لاسرائيل يجيب د. أحمد يوسف بأن هذه معضلة حقيقية فالسلطة الفلسطينية يبدو انها لم تعكس بنية المقاومة ولا تعكس اوضاع هذه المقاومة بالرغم من ان حركة فتح نفسها والتي يرأسها الرئيس عرفات بعكس عرفات يبدو بها تناقضات تظهر بينها تيارات مقاومة ربما تكون قريبة من فصائل أخرى مثل الجهاد وحماس في الوقت الذي تظهر فيه تيارات أخرى نجاح إلى العقلانية كما أشار من قبل.
ويقول ان التيارات الأخيرة هدفها الوصول إلى التسوية ليست بالضرورة ان تكون مع شارون وربما يفسر الأمر بأن من يرى ان قضاء السلطة على المقاومة هو جزء من التناقضات الداخلية للسلطة الفلسطينية وهذه ازدواجية كما يصفها ستظل عالقة على ما يبدو لفترة طويلة.
خطة إسرائيلية
اما الدكتور مراد غالب رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية فيرفض إبعاد الرئيس ياسر عرفات عن رئاسة الدولة والسلطة لان هذه رغبة أمريكية اسرائيلية ويشدد على ضرورة ان تكون الدول العربية حريصة على الرئيس الفلسطيني ودوره الفاعل في السلطة.
ويقول ان المنظمة من جانبها حريصة على وحدة الشعب الفلسطيني واستمرار نضاله من أجل الحرية والاستقلال وعدم الالتفات إلى التآمرات والمطالبات الخارجية خاصة وانها تستهدف إلى لفت الانظار عن طرح خيار المقاومة للقوات الاسرائيلية والتي تتبع كافة الاشكال العدوانية وترتكب ابشع الجرائم وفي مقدمتها جريمة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
ويشير إلى انه مطلوب من الدول العربية ان تستمر في مواقفها الداعمة للرئيس عرفات ورفع الحصار عنه ورفع الحصار الفوري عن جميع الأراضي الفلسطينية ووقف جرائم القتل وتدمير المنازل ومحاولات ضرب وطمس الهوية الفلسطينية لمنع قيام دولة فلسطينية بل والعمل على اختزال عرفات في منصب شرفي وان يكون هناك أشخاص يتمتعون برضاء اسرائيل وأمريكي.
ويقول ان المنظمة تدرك ذلك وتحرص على ان تكون مخاطباتها مباشرة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تأكيداً منها على انه رئيس شرعي ومنتخب من شعبه وان الشعب الفلسطيني وحده هو الذي يملك تغيير قياداته وليس غيره.
ويضيف ان الخطط الاسرائيلية التي تظهر من وقت لآخر بخصوص التخلص من الرئيس عرفات تظهر عند تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في الأراضي العربية المحتلة والزعم بأنه وراء هذه العمليات ولم تدرك اسرائيل ان هذه المقاومة في عروق جميع الفلسطينيين وان تنوعت واختلفت أساليبها الا ان هناك اتفاقاً على انهاء الاحتلال وطرده من كافة الأراضي الفلسطينية واقامة الدولة وعاصمتها القدس الشريف.
ويرى الدكتور عبدالله الاشعل مساعد وزير الخارجية المصري انه فور انتهاء الحرب على العراق بدأت اسرائيل حملة اعلامية دبلوماسية تربط بين العراق وتحريره من الديكاتورية وبين تحرير فلسطين من ديكتاتورية عرفات وذلك حسب زعمها كذلك التركيز على مكافحة الارهاب وهي ذات الأولوية لدى الأمريكان وتنادى بطرد أو اقصاء عرفات وتضع على الدوام علامات استفهام حول قدراته واستعداده للسلام وقد وضعت اسرائيل هدفا لنهاية الطريق الذي تسلكه في خارطة الطريق يتزامن مع انتخابات الرئاسة الأمريكية وهذا الهدف يقوم على المراوغة واضاعة الوقت لتغيير النظام الفلسطيني وبدأ هذا الملف كما هو حاصل الآن بالحديث عن التخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وهناك تصريحات اسرائيلية تؤكد على ان المشكلة اليوم ليست في خريطة الطريق بل رعاية عرفات للعنف والارهاب ويقولون اذا كانت الحجة ان الفلسطينيين يعتبرون عرفات قائدهم فلأن ذلك يعود لتعودهم كما تعود الشعب العراقي على رئيسه على عدم تصور المعيشة بدونه كذلك يسعى الاسرائيليون لإقناع دول الرباعية بعدم التفاوض مع عرفات كما يأمل الاسرائيليون بإقناع الأمريكا بتغيير النظام الفلسطيني برمته قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية.
|