* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
أعلن مسؤولون أمريكيون ان وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ستقدم أدلة جديدة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية في غضون أسبوع هذا الاعلان من وجهة نظر كثير من المراقبين يأتي كمحاولة لانقاذ سمعة الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية التي تواجه اتهامات عدة بتضليل الرأي العام وخداع العالم بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وهو نفس الاتهام الذي يواجهة كل من الرئيس جورج بوش الذي يواجه الاتهامات هو وأجهزته الاستخباراتيه بينما يستعد الكونجرس لفتح تحقيقات حول مصداقية المعلومات التي قدمت حول الأسلحة ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي يواجه اتهامات داخل البرلمان البريطاني بانه خدع بريطانيا بالرغم ان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل وهو ما دعا رئيس الوزراء البريطاني الى التأكيد على ان الولايات المتحدة وبريطانيا ستكشفان عن أدلة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل في الوقت الذي تزايد فيه الشكوك حول وجود هذه الأسلحة أو أدلة عليها.
فشل الاستخبارات الأمريكية
فبعد مضي أكثر من سبعة أسابيع على سقوط بغداد ورغم تواجد القوات الأمريكية في العراق وكثافة جهودها في البحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة يبدو ان هذه الجهود آلت الى الفشل ولم تنجح هذه القوات حتى الآن في الكشف عن وجود هذه الأسلحة التي زعمت الولايات المتحدة وجودها في العراق واعتبرت ذلك ذريعة للحرب بناء على معلومات استخباراتية قالت عنها واشنطن انها مؤكدة حتى ان القوات الأمريكية نفسها كانت تخشى ان تكتوي بنار هذه الأسلحة أو ان يستخدمها صدام حسين في تحقيق خسائر فادحة في صفوف القوات الأمريكية حتى ان الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 6 مليارات دولار لتطعيم 300 ألف جندي ضد الميكروبات والبكتريا التي يمكن ان تطلقها هذه الأسلحة المزعومه.
ولعل هذا الفشل في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق قد زاد من توجيه الاتهامات والتصريحات اللاذعة لاجهزة الاستخبارات الأمريكية التي تواجه انتقادات عدة حول دورها في تقديم المعلومات المتعلقة بأسلحة العراق ويقول المحللون ان الفشل في العثور على أسلحة الدمار الشامل حتى الآن يدل على ان هذه الأسلحة غير موجودة أو موجودة بكميات لا تكفي لدعم التأكيدات بأن العراق كان يشكل خطرا حقيقيا على أمن الولايات المتحدة وان هذا الفشل ادى الى حدوث أزمة ثقة وتشكيك متزايد في مهنة الاستخبارات بعد ان ثبت كذب هذه المعلومات.وتتزايد الاتهامات خلف الكواليس بأن المعلومات التي قدمتها أجهزة الاستخبارات حول الأسلحة العراقية لم تكن دقيقة وان ادارة بوش قد قامت بتحوير المعلومات الاستخباراتية لأغراض سياسية وأن هذه المعلومات لم تؤخذ كليا في الاعتبار لان الادارة الأمريكية كانت تريد سماع ما يدعم سياستها المقررة مسبقا تجاه العراق فقط.ويرى بعض المراقبين وخبراء الاستخبارات ان المعلومات الاستخباراتية حول الأسلحة العراقية ربما لم تؤكد وجود هذه الأسلحة بالفعل وان مكتب الخطط الخاصة في البنتاغون الذي أنشأه نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفوفيتز أحد أشد صقور واشنطن قد لعب دورا محوريا في تحديد سياسة ادار ة بوش ودوافع تحركاتها ضد العراق وان هذا المكتب قد نجح في اقناع البيت الأبيض بأن أجهزة الاستخبارات لا تدرك خطورة التهديد العراقي واستند الى شهادات المعارضة العراقية في المنفى بقيادة أحمد الجلبي حول التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل العراقية وعلاقة صدام بالقاعدة وان البنتاجون أعطى أهمية كبيرة لمعلومات المعارضة العراقية رغم تشكيك وكالة الاستخبارات فيها.
خداع بوش وبلير
الرئيس الأمريكي بوش والذي يواجه هو الآخر اتهامات بالكذب حول أسلحة الدمار الشامل العراقية أظهر دعما ملحوظا لموقف الاستخبارات والدفاع عنها معربا عن رضاه سير عمليات البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق وقال انه تم اكتشاف معامل بيولوجية وأنظمة أسلحة محظورة نفى العراق امتلاكها ومعامل كانت محظورة بموجب قرارات الامم المتحدة وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت الأسبوع الماضي توسعا كبيرا في جهود البحث عن الأسلحة الكيماوية في العراق وتشكيل فريق من 1400 خبير أمريكي وبريطاني واسترالي لتولي مهمة التفتيش.
ويقول المراقبون ان عمليات البحث رغم اتساعها لم تسفر عن أي نتيجة تؤكد المزاعم الأمريكيه حول الأسلحة حتى الآن رغم ان القوات الأمريكية قامت بالعشرات من عمليات التفتيش في نحو 200 موقع مشتبه فيه لأسلحة الدمار الشامل بينما أعلن مسؤولون أمريكيون ان فرق البحث تمكنت من جمع أدلة تؤكد القناعات السائدة لدى الولايات المتحدة بأن العراق كان يخفي عددا من عناصر هذه الأسلحة أو المتطلبات التقنية اللازمة لاعدادها.
ويعلق المحللون على هذه التصريحات بقولهم ان هذا دليل على فشل العثور على أسلحة الدمار الشامل وان التركيز بدأ يتجه نحو الوثائق المتعلقة بهذه الأسلحة والأشخاص المتورطين بالعمل فيها.
من جانب آخر يواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير حليف الولايات المتحدة الأول في الحرب على العراق فضيحة داخل بريطانيا حول تزوير أدلة على وجود أسلحة دمار شامل في العراق وتفجرت هذه الفضيحة مؤخرا بعد ان اتهمته النائبه في البرلمان كلير شورت بممارسة الخداع والتلفيق وأعلنت انها كانت مطلعة على كل الوثائق المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في العراق وان المعلومات التي أوردها بلير عن الأسلحة كانت خدعة سياسية ولم تأت من أجهزة الاستخبارات ويطالب عدد من النواب في البرلمان البريطاني بتشكيل هيئة خاصة للبحث في ادعاءات بلير وصحة المعلومات التي قدمها للبرلمان البريطاني وشعبه حول أسلحة الدمار الشامل.
وردا على هذه الاتهامات أصر بلير على وجود أدلة فعلية على وجود أسلحة الدمار الشامل قائلا انه سيتم اعلانها عندما يتم استكمالها ودافع وزير الخارجية جاك سترو عن موقف حكومته بقوله ان العراق دمر الكثير من الأسلحة قبل الحرب ليخدع المجتمع الدولي حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية، ويربط المحللون بين هذه التصريح وبين تصريح مشابه صدر عن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الذي دأب على تأكيد وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق قال فيه انه ربما يكون العراق قد دمر أسلحة الدمار الشامل التي كانت لديه قبل الحرب وهو ما يعني من وجهة نظر المحللين اعترافا ضمنيا بفشل الجهود الأمريكية والبريطانية في العثور على هذه الأسلحة وتضاؤل الأمل في العثور عليها مستقبلا .
كانت الاتهامات الأمريكية قد تصاعدت ضد العراق رغم تأكيد وليام سكوت ريتر أحد أعضاء فرق التفتيش الدولية في العراق في الفترة ما بين 93 الى 98 كذب الادعاءات الأمريكية والبريطانية وتأكيده انه تم تدمير 90 الى 95 % من أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها العراق وان النسبة الباقية لا تشكل تهديدا ولا يعني ان العراق كان يمتلكها ولا يوجد دليل على ذلك ولم تقدم أمريكا وبريطانيا ما تدعم به ادعاءاتهما في هذا الصدد وهذا ما أكدته فرق التفتيش الأخيرة بقيادة هانز بليكس والبرادعي بعد ذلك.ويرى المحللون ان عدم استخدام صدام لأي نوع من هذه الأسلحة في الحرب حتى سقوطه يؤكد ان هذه الأسلحة لم تكن موجودة وان ما عثر عليه من أقنعة واقيه ربما كان خوفا من الجانب العراقي من ان يتم مهاجمته بأسلحة كيمياوية ويدللون على قولهم بفشل أمريكا وبريطانيا في العثور على أي أسلحة دمار شامل في العراق رغم ان أراضيه كلها أصبحت تحت أيديهم أو حتى تقديم أدلة على وجود مثل هذه الأسلحة وتصريحاتهم في هذا الشأن باحتمال تدمير العرق لهذه الأسلحة أو تهريبها دليل على فشلهم وأنها لم تكن موجودة في الأصل.
|