هل تلاحظون الصحف المحلية بعد أحداث «12» مايو؟ والتوجه الإعلامي المحلي عموما؟
فقد تحول إلى بوق واحد وجوقة واحدة ترفض الإرهاب والفكر المتشدد وتنادي بالاعتدال والوسطية، والجميع دون استثناء حتى الذين كانت توجهاتهم في السابق تتقاطع مع هذا الطرح وبل هي عموماً ضده.
بالطبع الالتفاف حول هم واحد وهدف واحد هو مطلب وطني عاجل وملح، ولا نستطيع المساومة به.
لكن هل ظاهرة الحنجرة الواحدة والصوت الواحد والنظرة الواحدة ظاهرة صحية على المستوى الإعلامي والاجتماعي؟؟
وهي الظاهرة التي تصم أي صوت يغرد خارج السرب بالمروق والخروج على الجماعة.
طبعاً ظاهرة الحنجرة الواحدة هي ظاهرة غير صحية وخطيرة، إن لم نقل هي أحد المسببات التي قادت إلى العنف في مجتمعنا.
فإن كان على المستوى الصحفي فهي تشير إلى ان مساحة الحرية الصحفية لدينا لم تأخذ مداها واتساعها المطلوب منها بحيث تبرز جميع طبقات الصوت باختلافها وتقاطعها بحرية، ذلك الصوت الذي يستطيع ان يعبّر عن نفسه إلى اقصاه حتى لا يتحول إلى حشرجات مقموعة ومتراكمة ومضغوطة فيؤدي إلى الانفجار.
وعلى مستوى المجتمع هناك همسات وهناك لمزات والجميع يستطيع ان يسمعها لم تتخذ موقفاً نهائياً من أحداث التفجيرات، همسات تتخلل نسيج الخوف والقلق، قد يكون أبسط هذه الهمسات هو الحديث عن الأسباب التي شحنت هذه الجماعة باتجاه الدمار.
إذاً نحن لا نريد ان نعيد ونستزيد في أخطاء الماضي، أخطاء الصوت الواحد والحنجرة الواحدة، هذا الصوت الجاهز دوماً لاتهام الآخر الذي لا يشبهه أو يتقاطع معه بالمروق والخروج.
يجب ان يفطن إعلامنا وبصورة تحمل توجهاً جدياً وعاجلاً، لاتاحة المساحة لجميع الأصوات، تتناقش تتحاور، تطرح ما لديها بشكل موضوعي وهادئ، ويكون الرد عليها أيضاً بشكل موضوعي وهادئ، فهذا وحده من الممكن ان يسهم في جدل الضفيرة الوطنية بشكل منسجم ومتناغم ودون ان يحاول صوت ان يستحوذ على الساحة ويفوز بها كأنها ساحة الوغى.
ما الذي خلق تلك المواقع المشحونة حقداً وسخطاً على الإنترنت، ما الذي جعلها تحمل هذا الحقد الوافر والرغبة في التهديم؟ بشكل يجعلها تفتقد العقلانية وبعد النظر؟ لنتحاور لنتكلم لنعبر عن هواجسنا وقلقنا وطموحاتنا، ومخاوفنا على هذه الأمة وثوابتها من ناحية، ورغبتنا في التقدم الحضاري من ناحية أخرى، لنتكلم حديثاً طويلاً مليئاً بالهموم واللواعج، ولكن يجب ان يكون هناك حديث، وظاهرة الحنجرة الواحدة، هي ظاهرة ضد هذا المجتمع وضد حلمه وشعبه.
| 
