حين أرسل اللَّه تعالى الرسل، إلى الأرض فلكي يسود الحق والنور وهما أساس السلام، وحين ختم الرسالات بدين الإسلام، فلأنَّه تعالى بدأ بفطرة الحنيفية المسلمة، وختم بسلام الحنيفية الأساس، فديانات اللَّه تعالى على الأرض هي تنظيم لحياة الإنسان من أجل فضيلة الحياة وسلامها... لا مكان فيها للظلم والاعتداء وهما مظاهر عدم السلام وخدش الفضيلة والحياة الفاضلة بها...
وعُرِفَ المجتمع المسلم والمسلمون بالمسالمة والطيبة المنبعثة من طبيعة التَّنشئة التي تؤكد ترسيخ صفات هي من منطلق القيم التي يقوم عليها دين هؤلاء وهي الصفح والتسامح والعفو والمسالمة {وّإذّا خّاطّبّهٍمٍ الجّاهٌلٍونّ قّالٍوا سّلامْا}...
لذلك عندما تداخل المجتمع الإنساني بما طرأ عليه من وسائل، وقرب فيه الإنسان من الآخر، وتضافرت الجهود من أجل المصالح الموحَّدة، كان الهدف سعادة الحياة البشرية بأبنائها، غير أنَّ المسلمين باتوا يرون ويتعرفون على أنماط سلوكية لا عهد لهم بها، وأوَّلها الجريمة المنظمة التي عُرِفَت لها منظماتها وأصبح الصغار يعرفونها قبل الكبار فعُصابات مثل «المافيا» وسواها لا يجهل عامَّة الناس خططها وأساليبها وفتكها وجرائمها عن طرق عدة وأوَّلها السينما والفيديو والقصص البوليسية، ثم خارجاً عن إطار التكوينات المكتوبة والممَّثلة، فإنَّ الأحداث والأخبار التي تجرى على مسمع ومرأى العين، وملفات التحقيق في مؤسسات الأمن الدولي والقومي للمجتمعات المتقدمة تشهد على «الجريمة» وانتشارها في العالم غير المسلم فهناك من الرؤساء من سقط غدراً على أيدي مجرمي تلك المجتمعات، وهناك حروب إبادة جماعية حدثت على مرّ الأزمنة، وهناك فساد مستشرٍ في العالم، نجد العالم الإسلامي خالياً منه بعيداً عن «صداعاته»، حتى ما يحدث في هذه المجتمعات المسلمة الصغيرة يكون له من الدوافع البشرية ما يُخرجه عن دائرة الإجرام المنظَّم السائد. إلى أن برزت هذه الأحداث الأخيرة التي فاضت عن الحد الذي يمكن أن يصدِّق معه عقل بأنَّ ليس هناك أيدٍ خفية من ورائها هدفها تشويه الإسلام وجعله المشجب الذي تعلَّق عليه الأغراض بهدف التوسع في المصالح الخاصة للأمم الكبرى بحجَّة مكافحة الإرهاب، ولكي يجدوا المبرر لذلك، ويمهَّدوا الدرب فإنَّ هناك خططاً منظمة لانتشار الجريمة في المجتمع العربي والمسلم، والتأثير في أفراده من الجاهلين هو السبيل الأوحد الذي عنه يمكن وسم الجريمة بالمسلم... وإلاَّ لماذا هذا الانبثاق المفاجىء لروح الشر والقسوة والتدمير التي تفجَّرت في صدور فئات ظالمة على هذا النحو المكثَّف في مُدَّة زمنية متطابقة داخل المجتمعات المسلمة؟... ويتم استهداف المسلمين فيها ومساجدهم ومدارسهم ومدرسيهم؟ ثمَّ هذا الشرُّ الذي طغت به فئات داخل مجتمعهم بمثل ما يحدث هنا في بلادنا؟ ألا يكون من اللاَّئق ربط هذه الحقائق ببعضها ومن ثمَّ إعلان براءة الإسلام ممَّا يريد محاربوه كي يتحقق لهم عن هذه الخطط الوصول إلى أغراضهم؟...
|