Wednesday 4th june,2003 11206العدد الاربعاء 4 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

للقضاء على عشوائية التخصص: للقضاء على عشوائية التخصص:
لنساهم في زرع الأهداف المستقبلية عند طلابنا..!!
تركي بن منصور التركي

حينما تسأل طالباً في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة عن ماذا يريد أن يكون حينما يكبر..؟ تجد أنهم ينطقون بأحلام.. فهذا يريد أن يكون طبيباً والآخر مهندساً والثالث طياراً.. وغير ذلك، ولو سألنا الطلاب الذين يدرسون فيه الآن دون غيره.. فستجد أن غالبية اجابات الطلاب تنطلق من أنه «لا يوجد أفضل من هذا المكان» أو «لم يقبلني سواه..!!» بمعنى أن الاقتناع بالتخصص غير موجود.. وهذا ما يفسر كثرة تحول الطالب الجامعي من تخصص لآخر وربما الانسحاب نهائياً من الدراسة الجامعية..!! السبب أن «الهدف» المسبق كان غائباً عندهم.. وهؤلاء الطلاب الجامعيون كانوا مثل الطلاب الصغار الآن حينما كانوا بأعمارهم.. حينما سئلوا عن طموحهم ورغباتهم قالوا شيئآً. لكنهم فعلوا شيئاً آخر..!!
نعم قد تكون قلة الفرص المتاحة سببا، ولكن هناك أسباب أخرى لهذا الخلل في التفكير للمستقبل، سواء كان الخلل من الوالدين اللذين يتعاملان مع طفلهما في مراحل متعددة من حياته، أو من خلال المدرسة في مراحلها المختلفة، حيث يغيب في كلا الحالين العمل على «زراعة» الهدف وحبه في نفس الطالب.
لن أتحدث عن الماضي كثيراً، لأن الحديث عن «الأسباب» لن يفيدنا بقدر حديثنا عن «الحلول»، والذي يجب أن نصرف لها طاقاتنا وأعمالنا، فالأسباب عمل انتهى ولا طائل من تناوله، بينما يبقى الحل عاملاً مهما في استشراف الرؤية المستقبلية للتغيير نحو الأفضل، سأقترح برنامجاً أرى فائدة تطبيقه على المستوى الفردي للأسر مع أبنائها، وفائدة تطبيقه أيضاً بصورة جماعية في المدرسة، بهدف مساعدة الطالب منذ نعومة أظافره على «اختيار» تخصص أو هدف مستقبلي يريد تحقيقه، وذلك من خلال الخطوات التالية:
أولاً: يطلب من الطالب «الطفل» أن يختار لنفسه «وظيفة» يريد أن يكون عليها في المستقبل، ويمنح وقتاً كافياً ومدة أطول للمقارنة بين مجموعة الخيارات الشائكة، مع أهمية مناقشة الطالب عن أسباب اختياره لهذا «العمل» دون غيره، ومحاولة التأكد من «قناعته» به وأنه «منجذب» إليه من خلال معرفة مميزات وخصائص عمل تلك «المهنة» في المستقبل.
ثانياً: حينما نجد لدى الطالب رغبة وانجذاباً لتخصص معين، نطلب منه أن «يمارس» خصائص ومميزات عمل تلك المهنة، فمثلا لو كان الطفل أشار إلى أنه يريد أن يكون «ضابطاً» فإننا نبحث معه عن خصائص عمل تلك المهنة، رجل الأمن من مهماته «حفظ الأمن» من مهماته «حفظ النظام» فيبحث مع الطالب هذه الخصائص وأنه يجب أن يكون من اللحظة «رجل أمن» في بيته مع أسرته، مع زملائه في المدرسة، مع الأقارب، يمارس هذا الأمر بألا ينتهك النظام في علاقاته وحياته، وينبه ويعاتب الآخرين الذين ينتهكونه، تصور أن «طفلاً» يلوم والده لعدم ربطه لحزام الأمان.. مثلاً!! أو أن طفلاً آخر يقنع والده بضرر «الوجبات السريعة» من منطلق حرصه على «الصحة» وغير ذلك، وهنا سنساهم في أن نخلق توعية من الداخل في كل بيت وكل مدرسة بدلاً من أن ننتظر من رجل المرور أو رجل البلدية أو رجل الصحة أن يقوموا هم بهذه الأدوار.
ثالثاً: أشارت الدراسات العلمية ان عملية «التصور» او التخيل الذهني لها مفعول كبير في بناء وتخطيط الأهداف، بل أن دراسة أمريكية أجريت في جامعة ميونستا أشارت إلى أن التخيل الذهني يفيد بنسبة 94% في الوصول إلى الهدف المنشود ف«ما تركز عليه.. تحصل عليه»، من هنا فإن الاجراء الثالث مع الأطفال ينطلق من أهمية الطلب منهم أن يستشعروا «ذهنياً» ويتخيلوا في حالات الاسترخاء أنهم يمارسون هذا الفعل، فالطفل الذي يرغب أن يكون معلماً، عليه أن يوجه بأهمية تكرار عملية التخيل الذهني وهو يمارس دور المدرس وهو يقف أمام طلابه في الصف ويصحح لهم ويعلمهم وغير ذلك من الوظائف الأخرى، فمع مرور الوقت سيعمل هذا الشيء على ترسيخ «الهدف» في العقل اللاواعي لدى الطفل وجعله «خياراً» أساسياً يعمل لأجله.
رابعاً: أهمية متابعة الطالب في مراحله الدراسية المختلفة، ففي الأسرة مثلاً بالإمكان أن يساهم الأب في دعم رغبة الابن، فالأب الذي يجد في ابنه ميلاً لتخصص الطب ويرى أن ابنه اجتاز بدايات هذه الرغبة، عليه أن يعمل على مساعدة ابنه في جلب الاصدارات التي تعزز من هذه الرغبة مرئية أو مقروءة أو مسموعة، كما أن عليه أن ينقله لجو العمل من خلال زيارات لامستقبل وأماكن العلاج، وفي البيئة المدرسية مهم أن تهتم المدرسة في تبلية متطلبات رغبة الطالب من خلال جمعيات وممارسة أنشطة تتعلق بالتخصص المطلوب، على نحو عمل جماعة النظام وجماعة أخرى للصحة وثالثة للمعلم وجماعة للمهندس وغير ذلك، تعمل هذه الجماعة على ممارسة أنشطة تتعلق بالتخصص والقيام بزيارات ذات صلة، وتبقى هنا مشكلة انتقال الطالب من مرحلة إلى أخرى «ابتدائى إلى متوسط» أو مدرسة إلى أخرى وما يشكله من عدم معرفة رغبته السابقة، وحلها يكون بتضمين ما تم عمله مع الطالب من خلال تقرير يرفع معه عند انتقاله من مدرسة لأخرى، وبالامكان البدء بتنفيذ هذه الرؤية من خلال المدارس الشاملة والنموذجية كمجمع الأمير سلطان للمتفوقين ببريدة والذي يحوي شريحة كبيرة من الطلاب المتفوقين في جميع الفئات الدراسية الثلاث، اضافة لوجود ادارة عامة تشرف على المراحل الثلاث مما يسهل عملية التنسيق والربط في تتبع الطالب.
خامساً: يجب الاهتمام بكون الأهداف التي تزرع في نفس الطالب أن تكون «فضفاضة» فليس كل مهتم بالصحة سيكون طبيباً وليس كل رجل أمن سيكون عقيداً أو طياراً، فيعمل على ضرورة توسيع دائرة الهدف، فالطب مثلاً يخدم فيه الممرضون والاخصائيون في الأشعة والصيدلة والمختبر وغير ذلك، ويكون الهدف الاجمالي الذي يعمل عليه هو «الصحة» كاطار عام يحوي هذه التخصصات، وهذا راجع إلى أن البلد تحتاج لجميع التخصصات وليس لتخصص دون آخر، ولأن التركيز على هدف بعينه لا يتخطاه الطالب قد تكون له محاذير فيما لو لم يقبل أن يتحقق للطالب رغبته في الاطار الخاص للتخصص «الصحة - الطب»، وذلك يرجع لتمايز القدرات والفرص لأشخاص دون غيرهم..وهذا المقترح سيساهم في أن يسد ثغرات هامة في مسيرة الطلاب، وسيقلل من نسب التسرب العالية التي تشهدها الجامعات للطلاب والتنقل بين أكثر من جامعة وتخصص بسبب غموض الرؤية للمستقبل المنظور، بل انها ربما تجعل آخرين لا يزاحمون على التخصصات العلمية في الثانوية العامة وهو قد خطط وركز ذهنياً على تخصصات لا تتطلب هذا التخصص العلمي.

الكلية التقنية في بريدة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved