«1»
* في الزمن الصعب يسهلُ الكلام..
* وفي أزمات الإغلاق والانغلاق.. يمتلك الجميع مفاتح الحل ومنافذ الإشراق..!
* تتكرر الأدوار.. وتتقاطع الأفكار.. فيزيد الحصار من الداخل كما الخارج.. لنرى أنفسنا في مزايدات الاحتكار وتقلبات الإعصار..!
«2»
* يجزم بعضهم ويكاد يُقسم.. على أن «المقررات» المدرسية هي المشكلة.. وأن تغييرها هو الحل..!
* ويرى غيرهم أنه الفكر الموروث وليس غيره.. ويقرؤون نصوصاً لرموز دينية مهمة يرون تأثيرها السالب في تكوين اتجاهات الرفض والخروج..!
* ويتساوق آخرون بشكل ضدي فيحسبون المشكلة في الموروث الطارئ.. ويحملون التوجهات الحداثية والعلمانية والعولمية، اشكالات «التشظي» و«التبعية»..!
* وهكذا سواهم مع سواها.. لندور في حلقات «مفرغة».. وكان حقنا - كما حقهم - أن ندعو إلى ندوات مفتوحة «مباحة» مُتاحة.. يحاور فيها الكل أفكار الكل.. دون ان يستثنى منهم من يرى منبع المعضلة من «اغتصاب» الأرض، وتسلط «يهود»، وقمع «الحريّات»، ونهب «الثروات» و«العدوان» على الآمنين، و«الاستيلاء» على مقدراتهم، و«التدخل» في حاضرهم وغدهم..!
* وربما انضم اليهم من اقتنع بالخلل قادماً من المؤسسات الدينية اوالمدنية، ومن رأى الخلاص بالانفتاح، واعطاء الحقوق للأقليات، والتسامح أمام الفكر المختلف، والآخر المخالف..!
* شتات لا يلتئم.. وفيها نقاط بداية لمن أدرك أن المجتمع قد نما.. ولم يعد قابلاً للوصاية تحت مظلة.. «قل ولا تقل».. و«افعل ولا تناقش».. واستمتع بالنوم ودعنا نفكر ونقرر بالنيابة عنك..!
«3»
* كان «شارل بودلير 1821 - 1867» مقتنعاً أن ثمة حقاً منسياً قد يُهم الجميع أن يعاد إليه الاعتبار وهو الحق في التناقض..!
* وأضاف ان المعرفة تعني التناقض.. وإذن فلا بأس إن اختلفنا الى درجة التضاد، وتناقضنا الى درجة التصادم.. على أن يظل ذلك في إطار «الرأي».. فليقل ولتقل ولنقل.. ولنبق أصدقاء/ أصفياء/ أوفياء «لمشروعات» الأمة ومستقبلها..!
«4»
* عرضت «أربعاوية» «الأسئلة 20/3/1424هـ» التكوين الفكري المنفتح الذي أثرى جيلنا خلال التسعينيات الهجرية فنشأ سليماً من العُقد ، نائياً من التطرف، عارفاً حقوقه - وان لم ينلها جميعها -، معترفاً بواجباته - وإن لم يؤدها كاملة-.. بعيداً عن بؤر الحزبية - كما أسلافه - او الأُحادية - مثلما لاحقيه-..!
* درس بعضنا - ممن التحقوا بالمعاهد العلمية «الدينية» - كتباً تراثية منها «التوحيد الذي هو حق الله على العبيد»، والعقيدة الواسطية والحموية، وزاد المستقنع في الفقه، وتفسير الجلالين، وشرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، وكتباً محدثة في أصول الفقه ومصطلح الحديث والفرائض، والبلاغة والعروض والقافية والتاريخ والجغرافيا، وزادونا - في سنوات -.. الكيمياء، والفيزياء، والأحياء، والجبر، والهندسة، وحساب المثلثات «قبل إقرار الرياضيات الحديثة»، كما التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها..!
* تجاوزت موادنا عشرين مادة في فترة كانت ارهاصاتها تشير الى خطط او محاولات لتطوير المعاهد العلمية في منحى يشابه تطوير الأزهر في منتصف القرن الماضي.. وما قبله.. لكن هذه المحاولات لم تستمر.. فكنا جيل التجربة الموءودة.. فقد عادت المقررات مثلما كانت..!
* لم نتبرم من «عبء» ولم نحمل المقررات اخفاقاتنا الدراسية اوالحياتية.. ولم نشك من عدم توازن معرفي او نفسي.. جمعنا كل التخصصات، وقرأنا المتون والمطولات.. ولم نعرف أعمال سنة، واختبار فصلين، وأسئلة التسهيل، وحالات الغش والتجهيل..!
«5»
* أضاف بعضنا الى مقرارته المرهقة دراسات خاصة في اللغة الإنجليزية، وفينا من جمع بين الدراسة في المعهد العلمي والمتوسطة والثانوية وحصل على شهادتيهما، وقد واصل بعضنا في جامعتين.. وعمل بعضنا - ممن اضطرته ظروف العيش - في بيع الخضراوات والفواكه او قيادة سيارات الأجرة، او العمل الحكومي المؤقت خلال الصيف، فضلاً عمّن آثروا الانتساب الجامعي والانتظام في وظيفة رسمية يعيش منها ويصرف على من يعولهم من والديه واخوته..!
* لم يُعْزَ لمقرراتنا دعاوى التخلف او التطرف، ولم تُملأ الصحف والمنتديات بالحديث عن ضرورة «التغيير» بله «التطوير»..!
* لم يُدافع عن أعبائنا أحد.. بل لم نكن نعرف أنها أعباء.. فدرسنا بعزم، وواصلنا بحزم، وتخرجنا بتميز، ولم يعرف في جيلنا ارهاب او ارهابيون.. او تطرف او متطرفون، ولم يندب آباؤنا حظ ابنائهم ولم يتباك مثقفونا على أجيالهم ولم يخش أحدٌ على أحد او من أحد..!
«6»
* لا يغير هذا الحديث اقتناعاً بواقع المقررات الحالية.. بل إن لصاحبكم - بحكم عمله - أوراق عمل ومكاتبات رسمية تضمنت رؤاه المنهجية في أهمية التطوير.. ليس فقط للمواد الشرعية بل للمواد العربية والاجتماعية والعلمية والرياضية كذلك، وفي أساليب التدريس، واختيار المديرين والمعلمين والمرشدين، وتدريبهم مما لا مجال للحديث عنه او المزايدة حوله..!
* وإذن فالحكاية هنا ان تغيير المقررات -وحده - ليس حلاً.. او لن يؤدي الى حل، ويبقى تطويرها عملاً مشروعاً مُشرعاً لا يجوز الجدل حول أهميته بل ضرورته، كما لا يصح انتقاد من يطالب به او امتداح من يرفضه، ولابد معه من التفكير كذلك في تطوير المدير والمعلم والموجه والمرشد والمبنى والوسيلة والأنظمة والمطويات والنشرات والمحاضرات والسلوكيات.. بل ودراسة دور الآباء والأمهات وشؤون وشجون المجتمع والجماعات..!
«7»
* الأزمة تتحول الى معضلة إذا استطاعت نقلنا من حالة التوازن الى الاضطراب، وإدارة الأزمات Crisis Mangament تتطلب صفاء في الرؤية.. وقدراً من الرويّة.. وقرارات مدروسة تفعل دون أن تنفعل..!
* مرّ بنا «زمن» تهنا فيه بين «الحداثيين» و«التقليديين»، وتوالت التُهم «المرسومة» و«الجزافية»، ونال الناس منها الأذى.. وأتى «الزمن» الذي تشظت فيه الأمة بين «السلفيين» و«السروريين» و«القطبيين» و«الاخوان» و«التكفيريين» و«الجاميين» و«القبوريين» و«الصوفية».. وعشرات الفرق الأخرى.. والانتصار بفئة ضد فئة، وتقديم فئة على فئة.. سيعيدُنا الى «المربع الأول» الذي جنينا منه «فرقة» و«تأزماً» و«مشكلات»..!
«8»
* تغيرت الأحوال - دون ريب -، ولمن شاء البحث في أعماق «التبدلات» المجتمعية فإن الرؤية «البانورامية» كفيلة باقناعه ان اختصار المشكلات في مشكلة هو المشكلة، وان «ابتسار» الحلول في «قرار» هو «الفرار»، وان «المواجهة» الشاملة هي في الحوار الشامل مع «الناس» وليس داخل «النخب».. دون «خوف» أو «حيف» أو «حجر» أو «اتهامات»، وان الأمم لا تُبنى بانشائية كاتب او خطيب..!
* حدِّدوا المشكلة أولاً..!
|