إذا أردت ان تتوشح برداء الثقافة والمعرفة وقبل ان تلتقي الاصدقاء والاحبة فلابد ان تكون قد قرأت ومنذ الصباح كافة المقالات والتحليلات السياسية التي حملتها الصحف.
وقبيل وصولك الى الاستراحة او مجلس الجماعة عليك ان تستمع الى نشرتين للاخبار او ثلاث، من بينها - بالطبع نشرة الB.B.C لان محور الاحاديث والنقاشات ستكون سياسية قحة وستتعدى الفضاءات العربية الى كل ما هو عالمي ودولي.
واذا كنت خطيبا فلابد ان تتحدث عن امريكا وروسيا ومندناو وبورما وحلف الاطلسي حتى تبدو متابعا ومتفاعلا مع الاحداث وقضايا الساعة.أما اذا اردت الاتصال ببرنامج اعلامي فضائي فيجب ان تحفظ كما من المصطلحات السياسية التي سمعتها قبل قليل في الاذاعة او التلفاز حتى تبدو لدى «ام العيال» وبقية المعارف والاصدقاء من اصحاب الرؤى والطروحات السياسية.حقيقة لا اعلم كيف استشري «مرض تسييس» المجتمع بتلك السرعة وبهذا الشكل ليتحول الجميع الى محللين ومفتين سياسيين يبدأون بشرح خريطة الطريق ويمرون بصلاحيات برلمان الشيشان ثم الوضع في اقليم التبت والعولمة وانتهاء بالانتخابات الامريكية واحزاب اليمين واليسار في فرنسا.وكأن كافة قضايانا ومشكلاتنا المحلية قد حلت ولم يبق امامنا سوى الحديث عما هو خارج الحدود.اما مستوى ما يطرح ويقال فيمكن الحكم عليه وبسهولة من خلال الاستماع الى المشاركات المخجلة لاولئك المتسيسين «بالعافية» عبر اتصالاتهم ومهاتفاتهم.ولأن اهتمامات وقضايا الرأي العام لدينا «موضة» اكثر منها احتياجا ومصلحة فإنني اتوقع الا تطول المسألة وسيعودون قريبا لأسعار الحبحب والخضري وارقام اللوحات المميزة واخطاء حكام المباريات وحوادث طريق الحاير، ذلك ان بحور السياسة اعيت حتى المتخصصين في شجونها بعد ان عجزوا عن فهمها وفك طلاسمها.
|