* عنيزة- فيصل عبدالرحمن الواصل:
ككل الصغار كانت أمجاد تحمل حقيبتها وأحلام الطفولة البريئة وهي متوجهة إلى المدرسة صباح كل يوم حتى تعلقت بالمدرسة والمعلمة والطبشورة.. وانطلقت في رحلة التفوق نحو الصف الثاني الابتدائي تنظر الى المستقبل بعينيها الجميلتين وترسم المستقبل على وسادتها الوردية الصغيرة.
وفجأة اغتيلت أحلام أمجاد وتبددت آمالها وأبدلت رحلة التفوق بمشوار الفشل والعودة إلى نقطة الصفر مع الخطاب الذي تلقاه ولي أمرها «علي القطيمي» من مديرة المدرسة تشعره بأن ابنته «المتفوقة » لن تمنح وثيقة النجاح وستعتبر هذه السنة لها سنة تحضيرية على أن يتم قبولها في العام القادم في الصف الأول الابتدائي ذلك أن عمر أمجاد يقل بحوالي 20 يوماً عن السن النظامي للقبول!!
جاء ذلك بناء على تعميم إدارة التربية والتعليم للبنات بعنيزة المبني على تعميم وزارة التربية والتعليم.. والأدهى من ذلك والأمرُّ أن هذا الخطاب صدر في 19/3/1424هـ أي بعد مشوار دراسي امتد لأكثر من ثمانية شهور من الجهد والتعب والمثابرة.
والد الطفلة أمجاد أبدى ذهوله وحزنه في ذات الوقت واستغرب أن يصدر هذا القرار من مؤسسة تربوية يدرك المسؤولون فيها مدى التأثير النفسي والتربوي جراء اختلال الموازين الذي سيترتب عليه لدى طفلة بريئة لم تعرف سوى كلمات الثناء والتشجيع إزاء تفوقها ثم تفاجأ في العام القادم أنها ستعيد ما أتمته في العام الماضي.
وكيف سيكون حالها- والحديث لوالدها- وهي ترى زميلاتها يحصلن على وثائق النجاح وشهادات التفوق دون أن يكون لها نصيب من ذلك؟
ويضيف: إن مصدر الحزن هو أن هذا الإشعار لم يأت إلا في نهاية العام الدراسي ومع اقتراب فترة تسليم وثائق النجاح.
ولاستشفاف رأي متخصص في المجال التربوي والنفسي التقينا بسعادة الدكتور صالح بن عبدالله الخلف أستاذ علم النفس في كلية المعلمين بالقصيم الذي أكد أن لهذا القرار تأثير سيىء على الوضع النفسي للطالبة وسيترتب عليه حالة من الإحباط نتيجة عدم قدرتها على استيعاب القرارات والأنظمة وفي مثل هذه الحالة لا يمكن للطفلة أن تعذر الآخرين.. ويبني على ذلك استجابات محبطة وعدوانية تجاه المدرسة وتجاه زميلاتها اللاتي انتقلن إلى الصف الثاني فتتحول المدرسة من مثير مشوق أو حتى محايد إلى مثير سلبي إذ لم يعد للجهد الذي بذلته خلال عام أي قيمة.
وأيد الدكتور صالح رأي «الجزيرة» في أن تبعات هذا القرار أشد وقعاً على الطالبة من الرسوب.. ومضى في القول بأن إخفاق الطالبة في مشوارها الدراسي يعطي مؤشرات تدريجية للرسوب بالنسبة لها.. أما أن تتفوق وتنال تقيمات عالية ثم تعاد للصف الأول فهذه كارثة.
واسترد قائلا: إذا كان قرار وزارة التربية والتعليم مبني على أن الطفل ليس بمقدوره التعليم قبل سنته السادسة فقد أثبتت دراسة العالم النفسي العربي محمد الحمومي عكس ذلك حيث أثبتت دراساته أن الطفل في شهره الخامس قادر على تعلم مبادىء علم الرياضيات.
ويضيف: إن هذا القرار سينشىء شعوراً لدى الطفلة بالظلم لا يمكن محوه كما سيسكنها إحساساً بالإحباط والكراهية للمدرسة... في الوقت الذي ننتظر من مؤسساتنا التعليمية والتربوية العمل على تكوين مفاهيم أساسية أخلاقية كالعدل والخير والصدق بينما نجدها قد أفقد الأب والأم والمعلمة مصداقيتهم وهم بذلك يربون هوية الفشل التي تحدث عنها «جلسر» في نظريته «العلاج بالواقع» وعندها كيف سنبني هوية النجاح لدى هذه الطفلة؟
وراهن الدكتور صالح الخلف على سلبية النتائج والفشل الذي سيؤول إليه مستقبل أمجاد.
وللوقوف على وجهة نظر القناة الرسمية التقت «الجزيرة» بالمشرف على إدارة التربية والتعليم بعنيزة سعادة الأستاذ علي بن إبراهيم العبيكي حيث أبدى تأييده للقرار وأكد أي قرار إصلاحي لابد أن يكون له ضحايا ونوه إلى أن القرار جاء بعد دراسة متأنية من لجنة تربوية مختصة لها رأيها الذي يختلف عن آراء العامة.
|