بقلم: فاروق بن زيمة
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن «الهلال» وبالأخص بعد هزيمته من اليمامة.. وكثرت البلبلة والشكوك حوله.. حتى ان بعض مشجعيه كاد ينتزع منه الثقة كعامل حتمي للشبهات التي حام نسيجها في آفاق الألوف التي تحيط بهذا النادي العريق.. وراحوا يعيدون النظر فيما عهدوه من أمجاد وبطولات..
كثر الحديث في المجالس وتعددت المقالات في الصحف.. منهم من «يستغيث» ومنهم «من يصطاد في الماء العكر» وأما انا فلست من هؤلاء ولا أولئك.. وإنما انسان رياضي فكر كثيرا في الحديث فلم يجد المناسبة.. بل لم يجد الجرأة.. والآن سنحت الفرصة لتقديم هذا الحديث.. فرأيت لزاما عليَّ أن أخرجه ليرى النور.. فربما رأى وسلك الدرب.. وربما بهره النور وجثم في مكانه دون حراك..
* هزم الهلال من النصر بأربعة لاثنين.. واتهم «ابن نصير»، كعامل أساسي في الهزيمة.. وطالبت الصحف بضرورة اشراك «ضاري» فشارك هذا الأخير في مباراة الهلال واليمامة، كما شاركه «ابن نصير»، عندما دخل مرماه هدفان.. فدخل فيه هدفان هو الآخر.. وتحولت النغمة.. وقيل الادارة.. المدرب ضرورة تحتمها ظروف النادي.. واشرك «مرشد» و«حميد» فبدت الألوف الصاخبة تبخل عليهم بالسلام.. هذا بعض مما قيل.. قد يبدو صواباً لأول وهلة.. وفيما بعد سيتضح ان ما ذكر لايمت الى الهزيمة بصلة.. وليس كل ما قيل عاملا أساسيا من عوامل الهزيمة.. ان الأسباب أعمق بكثير.. وأبعد مدى مما قيل.. وهنا سأدلي بحديثي.. وهو شامل يعني جميع الأندية وليس الهلال إلا منطلقا اليه.
* من المعلوم ان «الهلال» صاحب بطولات المملكة «81، 84» هذا أمر لاشك فيه ولا غبار عليه.. والمفاخرة بهذه البطولات كشيء قد وقع ليس عيبا.. وإنما العيب كل العيب.. أن يبقى كل هلالي يحملق بعيونه الى الخلف نحو الماضي الذي كسب فيه الهلال تلك البطولات بلاعبين.. هم غيرهم اليوم يمثلونه.. ودونهم احساسا وشعورا وحجما في تقدير المسؤوليات.. ان النادي لا يظل مقرا للبطولات إلا حينما يفرخ في كل عام.. ويلد من الخامات ما هي على وزن من كان قبلها وأكثر.. في اطار متساو من الرعاية والعناية في صقل المواهب وتنميتها.. وهذا هو العامل الرئيسي في الحفاظ على مكانة النادي وصيانة منجزاته وتجديد تفوقه..
* والسؤال الآن: أين الاهتمام بالمستوى العام للشبل ولاعب الدرجة الثانية؟.
إننا في الواقع لا نلمس شيئا اسمه «اهتمام» بهذه الخامات لا في تمارينها ولا في مبارياتها.. هي قد تكسب وقد تخسر وفي كلتا الحالتين الأمر لا يعني ولا يهم.. وهكذا يبقى كل شيء حتى تعلن حالة الطوارئ في النادي بهبوط مستوى لاعب أو ذهاب آخر.. وعندها يباغت «الصغير» ويزج به دون سابق انذار في مباراة لم يهيأ لها من قبل.. فتحدث الصدمة وتنشأ عنها العقدة.. وهذه عملية انتحارية فيها هدم لآمال اللاعب وضياع لمستقبل النادي حين يتهاوى أشباله في متاهات العقد شبلاً وراء شبل.. والقضية ليست قضية زج مفاجئ عند الحاجة وانما هي فوق ذلك بمراحل.. القضية قضية استعداد مرحلي وتنشئة صحيحة خالية من العقد، وألا يوضع الاحتياطي إلا عندما يكون مؤهلاً فنياً وفي مستوى اللاعب الأساسي، هذا الحديث ليس للهلال وإنما نسوقه لجميع الأندية بما فيها الهلال لأن في عدم المساواة في العناية والاهتمام بين الكبير والصغير من اللاعبين تحطيما لبرامج النادي ومخططاته للمستقبل.. وما النفسيات والمزاج إلا نتيجة حتمية للحزازات التي تنشئها الأندية بين لاعبيها.
* عرفت شبلا في أحد الأندية.. وتنبأت له بمستقبل كبير.. ثم فجأة اختفى ولم أعد أراه لافي مباريات قريته ولا في التمارين، وعندما سألت عنه عرفت انه يلعب في أحد أندية الحواري.. فبحثت عنه حتى التقيت به وعرفت منه انه تخلى عن «حكاية» الأندية الرسمية.. حيث لا عدل ولا انصاف.
قال:«إن الجميع يتكلمون عليَّ عندما أتصدى للاعب كبير بصلابة، ومن هذه العبارة نعرف ان الأندية تنشئ لاعبيها نشأة استسلامية وتعودهم على ضرورة الاستسلام.. هل هذا من مصلحة النادي؟ وهل هذا من مصلحة الرياضة؟ هل هذا فيه ترغيب؟
إننا نطرد الصغار حفاظا على اخلاص الكبار.. وعندما يتمرد هؤلاء نبحث عن أولئك فلا نجدهم.. وان وجدناهم.. عادوا على نفس الطريق وبنفس الشروط.
* أعجبني الهلال في مباراته الأخيرة مع اليمامة على كأس سمو ولي العهد.. ولم يعجبني.
اعجبني لأنه أشرك عناصر جديدة من أفراد الصف الثاني.. ولم يعجبني لأنه ليشركهم عن قناعة بمقدرتهم وانما عن اضطرار وشعور «بحاجته» اليهم.. وهذا ما سبق وان تكلمنا فيه في بداية هذا الحديث..
وما أرجوه من الهلال في نهاية هذا الحديث عدم التوقف عند هذه الاعداد.. بل عليه ان يعد لاشراك اعداد أخرى في الدور الثاني.. وهم كثرة لديه.. ولن يتم له ذلك إلا باشعارهم من اليوم بضرورة الاستعداد لخوض غمار الدور الثاني.. مع ضرورة وضع أسلوب التعامل القديم جانبا والأخذ في التعامل بأسلوب الانصاف والتساوي على أساس أنهم جميعاً أبناؤه لا فرق بينهم.. ولا فضل لأحدهم على الآخر إلا بحجم الاخلاص والتضحية.
|