إضاءة
حاشية الطبيب
د. .أحمد العيسى(*)

ابن آدم مجبول على حب الشهرة والظهور والألقاب وان يحمد بما لايفعل وصدقوني ان الأطباء بشر ويصنعون طبيباً من ابن آدم.
نعم يحبون ان يظهروا في صفحات الجرائد وبعضهم يحب ان يسبق ويعقب اسمه القاب قد لا تكون دقيقة أحياناً والأشد من ذلك وأمر ان تظهر صورته في إحدى الجرائد تكريماً له باكتشاف أو إجراء عملية جراحية وكأنه الأول والآخر فيها ونسي أخونا الصحفي ذلك الطاقم الطبي والذي هو الجندي المجهول خلف نجاحات هذا الطبيب.
كثيراً ما يستحوذ الطبيب على نصيب الأسد من الشكر والتقدير القولي: نصيب عادي من الهدايا من بعض المرضى شكراً له على مجهوده في تشخيص مرض وعلاجه طبياً أو جراحياً وينسى المريض من هم حول الطبيب ممن قد يكونون حقيقة هم الذين شخصوا المرض فهم طاقم طبي (حاشية الطبيب) وليس طبيباً فيجب ان لايختزل ذلك المجهود في الطبيب فقط.
فابتداء من موظف الاستقبال الذي نسق المواعيد وهو كثيرا ما عانى من ضغط بعض المراجعين وتحجيم بعض المرضى لمسؤوليتهم بقول أحدهم (تراك مثل الحاجب أو البواب للطبيب) ونسي أو تناسى ان موظف الاستقبال هو موظف جامعي تمرس في علم الإدارة والعلاقات العامة ولو وضع الطبيب في مثل هذاالمكان لفشل في فن استقبال المرضى والتعامل معهم.
أما الممرضة فكثيراً ما تلام عن تأخير المواعيد والتي هي بسبب الطبيب غالباً وعجمية لسانها تحول دون الدفاع عن نفسها ومن حولها يقول لها (سستر ليش أنت فيه تأخير إنت ما فيه كويس).
يجب ان نتذكر ان التشخيص المرضي ليس نابعاً من تفكير الطبيب فقط إنما هو عمل جماعي مكون من طاقم طبي متكامل مثل المختبر والأشعة أحياناً يكون مشخص المرض هو طبيب الأشعة أو طبيب المختبر فهؤلاء هم الذين يعملون خلف الكواليس حتى العمليات الجراحية فإن نسبة نجاحها لا يعتمد على الجراح فقط دائماً فهناك طبيب التخدير والذي في غالب الأحيان لايعرفه المريض وغيرهم.
ليس هدفي في هذه المقالة هو التقليل من حجم الطبيب (فأنا طبيب أولا وأخيراً) ولكن أعتقد ان الطبيب قد أخذ حقه وزيادة في مجتمعنا من حيث التقدير والاحترام (وهو يستحق أكثر) ولكن الذي أقصده هنا هو ان لانبخس الناس حقهم وان نعطي كل ذي حق حقه.
وإذا كان المثل يقول خلف كل رجل ناجح امرأة فأنا أقول خلف كل طبيب ناجح مختبر وأشعة وتخدير وغيرهم -تحية لكل طبيب يؤمن بالعمل الجماعي ويحرص على إبراز حاشيته للجمهور.
وأخيراً: أرجو من كل من تسول له نفسه من المرضى إهداء الطبيب هدية ان لاينسى الحاشية.