من الرسائل التي تأتيني بين وقت وآخر.. هي تلك الرسائل من الشباب السعودي الذين يعملون في مجال «الأمن» التابع لمؤسسات وشركات الحراسة الخاصة.. والمسمين «سكيورتي».
** هؤلاء الشباب.. اتجهوا إلى هذا العمل.. ليس لأنه مجال خصب.. وليس لأن له مستقبل.. وليس لأنه «يكِبْ» فلوس.. كما «تِكِبْ» شركة الاتصالات أو أرامكو أو البنوك التي يصل راتب الموظف فيها أحياناً.. إلى «000 ،70» سبعين ألف ريال.. ومتوسط الراتب «000 ،30» ريال.. ويبدأ الموظف الصغير بسبعة آلاف ريال.
** ليس لذلك.. بل لأنهم لم يجدوا إلا الشارع أو هذا العمل.. اتجه لها هذا الشاب أو ذاك.. ليحفل بألف وسبعمائة ريال شهرياً يسد بها رمقه.. بدلاً من الشحاذة أو التسول أو التسلف أو «سَرْق الطْيَسْ» أو الطمر في الاستراحات.. وبدلاً من مدة اليد لأم أو أب أو أخت.. وبدلاً من أن يستحوذ عليه الشيطان ويقوده إلى مهاوي الهلاك..
** إذاً - هؤلاء - عصاميون.. يعملون حوالي العشر ساعات أو تزيد.. في الشمس والحر والبرد والمطر والمخاطر والمشاكل والخناقات والمضاربات.. والكل يقل عليهم أدبه.. وليس لهم أدنى هيبة أو مكانة أو وقار أو قيمة مع الأسف.. ولو وجدت ثلاثين منهم مجتمعين ومعهم «شرطي واحد» لصارت الهيبة والمكانة للشرطي.. ولو تكلم أولئك الثلاثون مجتمعين.. لقال الناس لهم.. «اسكتوا بس» ولو تحدث العسكري لوحده لصمت كل الناس وارتعدوا وهكذا حال كل «ضْعَيْفٍ مسكين».
** هكذا الفارق.. هؤلاء الشباب يتجهون إلى شركات الحراسة.. وهي «تمطِّر» عيونهم قبل تعيينهم.. ثم تدربهم على استعمال «طفاية الحريق» فقط لا غير.. كيف يمسكها.. وكيف ينزع الأمان وكيف يبخ الرغوة.. وهكذا وكأن عملهم كله حرائق.. وكأنهم سيأخذونهم لغابات مشتعلة.
** هم لا يعرفون أي شيء آخر غير ذلك.. ولو جئت إليهم في أي إدارة ومعك «مشعاب» لكان لك شأن آخر.. لأنهم مساكين عُزْل. حتى «الحزام» من القماش وليس من الحديد.
** يقولون.. الشركة تأخذهم ثم توظفهم.. وتقبض من العميل «الشركات والمؤسسات» ألفي ريال وثلاثة آلاف ريال على الرأس.. وتشفط ألف ريال وتعطيهم الباقي وقدره «1500» ريال فقط لا غير»!!
** دعونا نتساءل حول وضع هؤلاء بعض الأسئلة..
** لماذا رواتبهم بخسة؟ لماذا لا يكون راتب الواحد على الأقل أربعة آلاف؟
** لماذا لا يدربون على استخدام الأسلحة مثلاً؟! لماذا لا يدربون تدريباً عسكرياً متكاملاً؟
** لماذا لا يعطون دروساً أمنية؟
** لماذا لا تتولى جهات أمنية تدريبهم ثم تسلمهم لشركاتهم؟
** لماذا لا يسلح بعضهم ويعطون صلاحيات.. أليسوا سعوديين مثل رجال الشرطة والأمن؟
** أليسوا يحرسون جهات وهيئات مهمة وخطيرة؟
** نتمنى تعديل أوضاعهم.. ونتمنى أن ندرك.. أن هؤلاء الشباب.. سعوديون أكفاء.. وأن وراءهم مسؤوليات والتزامات.. وأن «1700» ريال لا تسدد فاتورة الكهرباء في الصيف.. وأن هذا الرويتب» لو جمع عشرين سنة.. فلن يبلغ مهر فتاة أو قيمة خردة «دِدْسِنْ».
وأن متر الأرض السكنية ألف ريال في مواقع عادية.. بمعنى.. أن راتب شهر فقط يحصل على متر واحد.. فقط يعني بيت «دجاج»..
** مساكين هؤلاء.. ونحن بالطبع.. لا نلومهم لو عملوا بدون نفس.. أو غابوا أو تسيبوا.. أو تركوا العمل.. أو «نْطَلُوا» البدلة على مكتب «مدير عام شركة توظيف الشباب السعودي» وعادوا عاطلين..!!.
| 
