Monday 2nd june,2003 11203العدد الأثنين 2 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
سقوط صدام خسارة للإسرائيليين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

بعد اتضاح الرؤية، وصمت المدافع في العراق وتتويج أمريكا وبريطانيا منتصرتين في العراق وجد الإسرائيليون أنهم ليسوا في صفوف المنتصرين في معركة التخلص من صدام حسين إذ يرى كثير من السياسيين الإسرائيليين وكبار المعلقين والكتاب في الصحف الإسرائيلية أن على إسرائيل أن تدفع ثمن الانتصار الأمريكي والبريطاني ... والبريطاني بالذات وأن حماس الرئيس جورج بوش لتنفيذ بنود خارطة الطريق إنما هو تنفيذ لوعد قطعه لحليفه توني بلير.
على ضوء هذا الفهم من قبل المحللين السياسيين الإسرائيليين بدأت النخب السياسية تراجع الموقف الإسرائيلي من موضوع الحرب على الإرهاب حيث حاول الإسرائيليون منذ انطلاق الدعوة إلى هذه الحرب ركوب الموجة وتصوير قمعهم للمقاومة الفلسطينية إسهاماً من جانبهم للقضاء على الإرهاب الدولي من خلال اعتبار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إرهاباً فلسطينيا، ولكن وبعد اتضاح الرؤية بعد إنجاز المهمة في العراق أخذ الصحفيون يرون عكس ذلك فالكاتب الإسرائيلي يارون لندن أحد كتاب الزوايا السياسية الثابتة في صحيفة يديعوت أحرونوت يرى أن سقوط صدام حسين وإن فتح فرصة جديدة للإسرائيليين إلا أن هذه الفرصة ستفوتها الدولة العبرية إذا ماربطت ربطاً متساوياً بين المضمون الأخلاقي للحرب ضد الإرهاب العالمي والمحلي، وبين سخافة الاحتلال وإذا ما اعتقد الإسرائيليون أن قوتهم تشبه القوة التي تكاد تكون غير محدودة للقوة الأمريكية العظمى.
يذهب الكاتب الإسرائيلي إلى أبعد من ذلك ويقول بربط الأوروبيين الموقف الغاضب من المسلمين نحو الغرب بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حكومة بلير تعبر عن هذا الميل في الدبلوماسية الأوروبية وتعتقد أنه يجب البرهان للعالم الإسلامي بأن العنف الذي استخدم ضد نظام صدام لم يكن موجها ضد الثقافة الإسلامية بل ضد الإرهاب الدولي والبرهان سيكون تبريد الموقف من إسرائيل والحرص الأشد على الفلسطينيين هذا الموقف المتوازن يجد تعبيره في الصيغة الأوروبية لخريطة الطريق.
سياسيون ومحللون يرون بأنه في أعقاب تصفية النظام في العراق ستضطر إيران وسوريا إلى كبح جماح تأييدهما للمنظمات الفلسطينية، وحزب الله سيضطر إلى التغيير وإلا - فإن مصيره التصفية وبدون تأييد مصدري الإرهاب فإن الفلسطينيين سيكونون ملزمين بالتفاوض معنا بالكلمات وليس بالعمليات.
وهكذا فالإسرائيليون يرون أن المسافة بين هذا التوقع وبين الرؤية الأوروبية هي أكبر مما يخيل لهم إذ إن هذا وتلك أيضاً يدخلان المواجهة المحلية والمواجهة الدولية في سلة واحدة. فبينما تريد الدبلوماسية الأوروبية تعويض المسلمين بواسطة تشديد الموقف من الإسرائيليين، يريد الإسرائيليون استغلال ضعف الفلسطينيين كي يفرضوا عليهم حلاً سياسياً وواضح أن هذا الموقف يعزز الموقف الأوروبي القاضي بأن الطريق لإرضاء المسلمين هو تليين الإسرائيليين.
غير أن الموقف الأوروبي ليس على هذا القدر من الخطورة يقول الإسرائيليون فالخطر هو أن نرفق انتصار أمريكا على صدام بقائمة إنجازات الصهيونية، وفي أعقاب النصر اللامع للأمريكيين الشماليين -يتصرف الإسرائيليون بالروح التي تصرفوا بها بعد حرب 6 حزيران 1967م ففي أعقاب تلك الحرب استولوا على الأرض الصغيرة التي تبقت للفلسطينيين بعد الهزيمة في عام 1948م وبغباء شديد استوطنوا فيها.
في البداية أصرت المؤسسة السياسية الإسرائيلية على أن الشعب الفلسطيني هو وهم، ومع الأيام اعتقدت أن بوسعها إملاء حدود أرضه وطبيعة العلاقة بينه وبين هوية القوة السياسية التي ستقوده.
وهذا هو الخطأ بعينه فالعلاقة بين سقوط صدام والمشكلة الفلسطينية هي علاقة آنية وليست مبدئية بأي حال.
لم يقاتل نظام صدام حسين من أجل حق العراقيين في تقرير المصير، ولا من أجل تحرير العراق من ربقة الاحتلال ولا من أجل إزالة المواقع الاستعمارية من قلب الأرض العراقية فالمجتمع العراقي الذي استعبد لأمير العصابة من تكريت لم يوجهه أي منطق سياسي، ولكن كل مراقب تاريخي نزيه سيعترف بأنه من زاوية نظر فلسطينية، كانت هناك أسباب تاريخية حقيقية لممارسة القوة ضد المشروع الصهيوني.
المقاومة الفلسطينية هي عنف ولكن جذورها لا تشبه جذور الإرهاب العراقي، القيادة الفلسطينية فاسدة، عنيفة، تسلطية ولا تفوت أي فرصة لتفويت الفرص، ولكن بالمقارنة مع قيادة صدام، بل وبالمقارنة مع ما يجري في معظم الدول العربية، هي قيادة مثالية تجري داخلها مفاوضات حرة جداً.
ويؤكد الكاتب: إذاً صحيح أن سقوط صدام يفتح أمامنا فرصة جديدة، ولكن نحن أيضا تمكنا من تفويت الفرص وهذه الفرصة سنفوتها إذا ما ربطنا ربطاً متساوياً بين المضمون الأخلاقي للحرب ضد الإرهاب العالمي والمحلي وبين سخافة الاحتلال، وإذا ما اعتقدنا أن قوتنا المتواضعة تشبه القوة التي تكاد تكون غير محدودة للقوة العظمى».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved