Monday 2nd june,2003 11203العدد الأثنين 2 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تلميحة تلميحة
هل أصبحنا «مدمنين» إعلام
محمد المنيف

حينما ترد كلمة إدمان يتوارد الى الذهن كل ما هو مخدر أو ما يمكن أن يوصف به من ابتلي بتعاطي أي من أنواع المذهبات للعقل مع العلم أن الإدمان وهو المداومة غير العقلانية لأي فعل إنساني في حياتنا اليومية نحتاج بسببه إلى التأهيل والعلاج فهناك من هم مدمنون على شرب الشاي أو مشاهدة المصارعة وأفلام الفيديو وآخرين في ارتياد المقاهي أو ما يعيشه الشاب من إدمان في العاب الكمبيوتر ثم الإنترنت ما دفع المختصين في علم النفس للبحث عن حلول ناجعة للقضاء على تلك الظاهرة، أشياء كثيرة منها ما يصل الى حدود التعود فقط ومنها ما يصبح في مرحلة أكثر خطورة، أما الظاهرة القديمة الجديدة التي برزت على غير ما اعتادت عليه مجتمعاتنا المحلية هي إدمان الاستماع للأخبار والتقارير والحوارات التي استفحل أمرها وازداد الناس فيه انغماساً نتيجة الحروب وما تسببت فيه الأحداث من حالات قلق وخوف من المستقبل مما دفع الغالبية إلى ترقب ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في هذا الأمر وصلت بالكثير إلى حمل أجهزة الراديو الصغيرة إضافة إلى وجودها في كل سيارة ومكتب او بتأمين أجهزة التلفزيون في كل غرف المنزل وإدارات العمل ناهيك عن الرسائل عبر الجوالات أو الاتصالات بين الأصدقاء أو أفراد الأسرة عند تجدد الاخبار او نقل مشاهد حية على الهواء عبر القنوات التلفزيونية التي هي ايضا تعيش حربا مسعورة في المنافسة والتحدي لنقل الخبر بين المحطات وبين الصحفيين والمذيعين ممن أصبحوا جزءاً من المعركة تعرض الكثير منهم فيها للإصابات أو القتل.
هذا الواقع الهائل من الأخبار والقنوات والمصادر أوجد حالة من الإدمان اليومي عند العامة من الناس على مختلف مستوياتهم العلمية والثقافية بالحديث والمناقشات عند لقاءاتهم في المجالس والمناسبات اذ لم يعد لهم هاجس او مجال غير الأحداث غير السارة على المستوى العالمي وما يمكن توقعه من نتائج فأصبح كل منهم محللاً سياسيا والآخر خبيرا عسكريا او متخصصا في ظاهرة الإرهاب عارفا لدوافعه وأسبابه ووسائل تنفيذه وعن واقع الحال في أفغانستان وفي الشيشان مع الثقة دون تردد لوضع الحلول لتلك القضايا مع انهم الأكثر جهلا بحقيقتها، وإذا قلنا أن مثل هذه الحالات من الإدمان قديمة جديدة فنعني ان هناك من له الأسبقية في بلدان أخرى في الاهتمام بالخبر والمعلومة في هذا المضمار نتيجة تعرضهم لأحداث مشابهة عودتهم على قراءة الأخبار في الصحيفة والاستماع للمذياع واخيرا مشاهدة التلفزيون أما نحن فالأمر يعتبر جديدا باستثناء ما كنا عليه من حرص على متابعة أحداث الأرض المحتلة ثم غزو الكويت وصولاً لاحداث حرب العراق الأخيرة ثم احداث التفجيرات مع ما أضفناه من متابعة لكل الأخبار العالمية منها المهم وغير المهم بما هيىء لنا من السبل الحديثة لنقل الأحداث صوتاً وصورة مباشرين ما يجعلنا نخشى فقد القدرة على العودة للتوزان ومعالجة تلك الحالات من الإدمان التي غرست فينا الشعور بالخوف من المستقبل حتى برزت ملامحه وصوره في عيون الصغار قبل الكبار والقضاء على ما خلفته فينا تلك المتابعة من أمراض الضغط والسكر بالتأكيد على أن أمر المستقبل عند الله لن نقدم فيه ولن نؤخره إلا بمشيئته عز وجل.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved