شرفتني بالدعوة (اثنينيةُ) عميد المربين، الشيخ عثمان بن ناصر الصالح، قبل أسبوعين للمشاركة في الاحتفاء ب (توأم) الثقافة والبر، الأديب ورجل الأعمال المعروف الأستاذ عبدالعزيز بن سعود البابطين، وكان مساءً رائعاً شُغفتْ فيه الأسماعُ بروائع الكلم تمجيداً لأعمال الخير، التي يقف المحتفى به وأسرته رْمزاً جميلاً لها، وكان للثقافة حضور رائعٌ عطَّره الأديبُ البابطين بمحاضرة طويلة، بعضُها مقروء، والآخرُ مرتجل، وكان في كلا الحالين مبدعاً في العرض، وممتعاً للأسماع.
* * *
وقد شاركت عبر فعاليات تلك الأمسية الجميلة بمداخلة قصيرة أقتطفُ منها ما يلي:
* رغمَ زلازل المحن وبراكين الفتن التي رُزئ بها وطننا العربي في هذا الزمن الأغْبر، يظلُّ هذا الوطن رغم جراحه يزْخرُ بسنابل الخير ومشاعل البر تضيءُ الدروبَ المعتمة أمام البائس والسائل والمحروم، ويتنامى إحساسُنا بالفخر حين نعلمُ أن الساعين في درُوب الخير يفعلون ما يفعلون تقرباً إلى الله على صراط البرّ!
* * *
* وهم يُبادرون إلى فعل الخير ويحضُّون عليه، لا ينتظرون سؤال سائل ولا طارق باب، ولا يرجون عنه جزاء من الناس ولا شكوراً، بل يحتسبون الثوابَ الأسمى من عند الله، وهو نعمَ الثواب، ويقيني أن مجتمعاً يحتضنُ مثل هذه النواصي النبيلة المحبة للخير، الفاعلة له، الداعية إليه، لابد أن يكون أهلاً للخير وآهلاً به!
* * *
* وأسرة البابطين المنتشرةُ أطرافها الكريمة بين البلدين الشقيقين، المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، تقفُ اليوم دوحة حنان وارفة الظلِّ يقصدُها من مسّه هجيرُ الضيم، كي يتفيأ بعطائها، وهي روضةُ جودٍ يقتدي ببرها، ويهتدي بفعلها كلُّ من تسكنُ نفسه أريحيةُ البذل، حباً لله ورحمةً لعباده!
* * *
* وللمثقفين كلُّ الحقّ أن يحتفوا بأسرة البابطين ممثلةً في شبلها الأديب والشاعر عبدالعزيز، ولِمَ لا يحتفون.. وقد كانت الثقافةُ وما برحت (ضيف الشرف) على مائدة هذه الأسرة الكريمة، فقد أنفقت الملايين دون حساب لدعم مسيرة الثقافة في الوطن العربي وخارجه، وتكريم رموزها حيثما كانوا، وهي تفعل ذلك كلَّه إيماناً منها بمكان المثقف ومكانته في وجدان الأمة، وتقديراً لأدائه، وتصديقاً لمهمته الإنسانية ضمن البنية التنموية لبلاده، وحسبنا أن مركز البابطين الثقافي في قلب عاصمة العرب الرياض يقفُ شاهداً عملاقاً يغرد بصيت هذه الأسرة النبيلة وفضلها على الثقافة وأهلها، وهي إلى جانب ذلك كله لا تفتأ تدعمُ العديد من مشروعات البر في أكثر من مكان.. وأكثر من زمان نفعاً للباحث عن البر، ورفعاً لمعنويته، وردْعاً لقسوة العوز وسطوة الحرمان عليه.
* * *
* والله نسأل أن يديم على أمتنا سحائبَ الخير تُمطرُ في كل زمان ومكان زخَّات من البر، تطفئ ظمأ القلوب المعذّبة بماء الرحمة، وتقيم أودها بزاد المحبة، وتُسْندُ وجدانها بمشاعر الإيمان والحبِّ والتفاؤل، فتنصف بالبر من تنكر له الزمنُ قسوةً.. وجارتْ عليه الظروفُ حرْماناً!
|