Sunday 1st june,2003 11203العدد الأحد 1 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

16/6/1390هـ الموافق 18/8/1970م العدد 307 16/6/1390هـ الموافق 18/8/1970م العدد 307
أسبوعيات شاب
يكتبها هذا الأسبوع حمد القاضي
الوطن هو تلك «القيثارة» التي نعزف عليها ألحان «الحب» وترنيمات الولاء..!

وقد «يجف» التوق في أعماق الإنسان وقد ينضب الشوق لحظات من الزمن، ولكن من الصعب جداً أن يجف «الحنين» إلى مسقط رأسه.. أو ينضب «التعلق» به ثوان معدودة فقط بل أيام وشهور..!
وقبلي بكى الشعراء أوطانهم.. وناح «الأدباء» على بلادهم.. وحنوا إليها «حنين» النياق إلى تربة «نجد» وصباها.. وحنوا إليها حنو المرضعات على الفطيم.. فقبلي غنى ابن الرومي على «مزهره»:
وحبب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهموا
عهود الصبا.. فحنوا لذلك
وقبلي رفع الآخر عقيرته منشداً:
ولو لم يعين في الشريعة كعبة
ليممت وجهي قبلة الأوطان
وبوحي من هذا وسيراً على سنة «الحياة».. كان «توقي» وحنيني إلى أول «بقعة» قبلت مقلتاي ثراها الثرى..!
كان «شوقي» إلى أول «تربة» لامست فيها شفتي وجه الحياة بعوسجه وياسمينه.. بز قومه.. ونسرينه!
وكان أن ضج بي «موكب» الذكريات.. وصرخ في أعماقي «بوق» التوق.. فحملت حقائب ذكرياتي.. وتوقي وحنيني إلى مدينتي الناعسة الجفنين على حد تعبير الشاعر سعد البواردي» وهو يخاطب «فلنتينا» أول رائدة فضاء إلا أن «سعدا» يعني «شقراء» وأنا أعني «عنيزة»..!!
وبعد هذه الأمواج من الحنين.. وهذه السفائن من الشوق.. كان اللقاء بمدينتي الوديعة كوداعة الأطفال.. المبتسمة كابتسامات أزهار النرجس..!
وعند إشرافي عليها.. حلقت بي زوارق فكري.. وقوارب ذهني.. في رحلة عميقة حالمة إلى «شواطئ» الماضي..!
فالتربة التي يولد على ثراها الإنسان.. تحكي سطوراً خالدة في أعماقه.. وأحرفاً محفورة على قبر «قلبه».. فهي أول «محطة» وقف عندها الإنسان يتأمل في الوجود.. ويحدق في الوجوه..! ما مصيره في هذه الحياة.. وما كينونة هذا الكون..؟ وكيف وعن أي طريق سيجدف في «يم» هذه الحياة مع المجدفين.. ومتى سيضع شباكه في هذه اللجة.. لتصيد له ما شاء الله أن تصيده..؟؟
وأنا في «رأد» هذه التأملات.. ووسط هذه المواكب من الأسئلة.. كان اكتحال عيني بمسقط رأسي.. وما أعظم فرحة «اللقاء» بعد ترحة الفراق..! وعلم هذا عند المتيمين فهم به أدرى وبمعرفته أعلم».
ولقد كنت في الطريق كما «صب» يداعب موكب الزمن؟ من أجل أن يحث خطاه.. حتى يلتقي بغادة قلبه..!
وكان أن وطأت قدماي أول أجزائها.. وهنا.. وهنا فقط ارتعشت جميع جوانب نفسي.. وانبعثت كل.. الذكريات.. في أعماقي.. وهنا توقف النبض في عروقي.. وجمدت في مكاني.. فهنا كانت لي شطحات صبا.. وسبحات صغر.. ومواطن ذكريات!؟
وقدمت إلى «مدينتي».. وإذا هي بين أحضان الطبيعة الحالمة نائمة في كل دعة وطمأنينة.. وقد توسدت «صنقريها» والرمال من حولها كأنها طوق على معصم غادة.. والسواقي وسط خمائلها كأن عزفها أحد «سيمفونيات» بتهوفن.. وهي بكل ما فيها كأنها «زهرة» تتطلع أجفانها إلى السماء اللازوردية.. تنتظر أن تتفتح لتضم إليها البهاء والنور إلى أعماق صدرها..!!
هنا - يا سادتي القراء- أرى القلم يرتجب بين أصابعي.. فأنى لي أن أصف أرضاً امتزجت بدمي..؟ وأنى لي أن أنعت «تربة» اختلطت بنجيعي وتضمخت بذكرياتي.. ولهذا سأضع «الشارة الحمراء» أمام يراعى.. وافتح الشارة الخضراء للأديب الكبير والمؤرخ الشهير «أمين الريحاني» لأنقل بعضا من كلامه عندما زار «عنيزة» فكان أن أسرته «سندسية» أرضها.. و«عسجدية» تربتها.. ودماثة أهلها.. وهذا غيض من فيض من حديثه عنها في كتابه ملوك العرب: «عنيزة مليكة القصيم و محط رجال أبناء الأمصار، عنيزة قطب الذوق والأدب، باريس نجد بل هي أجمل من باريس إذا أشرفت عليها من الصفراء، لأنه ليس في باريس نخيل وليس لباريس منطقة من ذهب النفود بل هي أجمل من باريس حين إشرافك عليها لأنها صغيرة وديعة خلابة بألوانها كأنها صورة صورها - مانه - لقصة من ألف ليلة وليلة، وكأنها «لؤلؤة» في صحن من الذهب مطوق باللازورد، بل قل هي السكينة مجسدة وقد بنت لها «مكانا» بين النخيل مزدانة بافريس من ذهب الرمال وكللته بإكليل من الاثل، فهي في مجوف من الأرض يحيط به غاب من هذه الأشجار ليرد عنها رمال النفود» أ - هـ.
هذه «عنيزة» مدينة وديعة خلابة أنجبت «تربتها» كثيراً من شعراء نجد الموهوبين.. هذه عنيزة التي أحن إليها وأذوب في هذا الحنين..!!
فبطاقة دعوة - أيها القراء - أقدمها لكم.. لتزوروها.. كيما تستمتعوا ب«ياسمين» خمائلها.. و«جمان» جداولها.. و«ذهب» رمالها.. و«ندى» صباها و«شاعرية» مناظرها..!!
دعوة إلى «زيارتها».. وزيارة جميع مناطق القصيم الخضراء..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved