* حوار حسن الشهري:
أكد فضيلة الشيخ جابر الحكمي مدير عام هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة الغربية على ان الفئة التي تقتل الأبرياء وتروع الآمنين فئة ضالة خارجة عن الحق حتى ولو ادعوا انهم صالحون وظهرت عليهم بعض السمات والصفات.
وقال إن هيئة الأمر بالمعروف تعتبر ما يحدث من تفجيرات خارجاً عن الدين والعقيدة والولاء للوطن والمليك والشعب، وان الدين الإسلامي يدعو إلى احترام الآخر حتى لو خالفنا في الدين والعقيدة.
الدين الإسلامي يحترم الآخرين حتى لو خالفونا في العقيدة والدين
مناهجنا التعليمية سليمة.. وعلينا التركيز على العلم الشرعي
الرفق واللين.. صفتان مهمتان يجب توفرهما في الآمر بالمعروف
* قال تعالى: {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّتٍؤًمٌنٍونّ بٌاللَّهٌ} من خلال الآية الكريمة ما هو دور الهيئة تجاه المجتمع والخدمات التي تقدمها؟
الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز مهم يقوم عليه رجال مخلصون يأمرون الناس بالتمسك بدينهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم، وينهون الناس عن ارتكاب المنكر من أجل ان تحقق الخيرية لهذه الأمة كما نصت الآية الكريمة فكون هذه الأمة هي خير الأمم وأفضلها وأتقاها وأنقاها فلكونها تأمر بالخير وتنهى عن الشر وتؤمن بالله عز وجل.
أما الخدمات التي تقدمها للناس فهي حفظ أعراضهم وضبط الأمن الأخلاقي لهم وحفظ الضرورات الخمس التي قامت الشريعة بحفظها وهي: «الدين، النفس، العقل، العرض والمال».
* ما رأيكم في المقولة القائلة إن الخلل في مناهج التعليم؟
هذه فكرة خاطئة وقول غير صحيح، وذلك ان التعليم قائم في بلادنا من سنين طويلة وحتى قبل ان توجد مدارس نظامية كان التعليم يتم عبر التتلمذ على العلماء المشهود لهم بالعلم الغزير وكان تركيزهم وحفظهم للعلوم الشرعية أعظم وأكبر من الوضع الحالي وما يدرسونه من كتب شرعية أعظم من المناهج الموجودة حالياً، ومع ذلك لم نسمع أو نقرأ ان أحداً منهم اعتدى على الآمنين أو ارتكب ما يخالف الدين فيما يعرف بالارهاب اليوم، ولم يوجد هذا الفكر إلا عندما ضعف العلم الشرعي وحل محله مبادئ وقيم ليست من الدين ولا من الإسلام في شيء.
والذي أراه انه يجب ان نركز على تعلم العلم الشرعي وعلى غرس المبادئ والقيم في نفوس الناشئة وليس تقليصها لأن العلم الشرعي هو العاصم من الفتن وكتاب الله وسنة رسوله فيهما المخرج والعلاج، والهلاك والدمار هو في الابتعاد عن ذلك، أو تقليصه، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الذين ينادون بتقليص المناهج ويقصدون بذلك تقليص مناهج الدين وتقليل الدعوة كأنهم بذلك يعزون ما أصاب الأمة إلى خلل في الدين، والسؤال الذي يفرض نفسه هو الخلل في الدين وفي العلم الشرعي وفي الإسلام أم الخلل في عقليات ونفسيات وتفكير من حاد عن ذلك؟ إن الدين الإسلامي يحض على احترام الآخرين حتى ولو خالفونا في العقيدة والدين ألم يمت النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي؟ وهذا يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعامل معهم، ألم يأمر عمر رضي الله عنه بعطاء من بيت مال المسلمين لليهودي عندما رآه يتكفف الناس وقد احدودب ظهره؟ ألم يجز الإسلام للمسلم الموحد الزواج باليهودية أو النصرانية مع انها ستكون معه في بيت واحد وتشاركه في مأكله ومشربه ومرقده وتكون أماً لأولاده وحارسه في بيته وماله؟ فالخلل إذاً ليس في الدين بل الخلل في الحيدة والخروج عنه.
* كيف تثمنون فضيلتكم خطاب وزير الداخلية؟
عندما تشتد الكروب وتكثر الأزمات وتتشابك حلقات المحن يظهر العقلاء ويهرع الناس إليهم للأخذ من معينهم الصافي وهكذا هم قادتنا فهم كالجبال الشامخة لا تتأثر بعوامل التعرية ولا تهزها الرياح العاتية ولا الأعاصير الشديدة المدمرة بل تبقى على شموخها وكبريائها شامخة بدينها ومبادئها ومواقفها وسمو وزير الداخلية منهم فهو كالطود الشامخ لا تزيده الأزمات إلا ثباتاً ولا الشدائد إلا رسوخاً، وعندما تطيش العقول ويكثر القيل والقال ويحتار كل ذي لب تبقى حنكة ودراية سموه مشرقة لم تجعله هذه الأزمة يفقد توازنه أو يبطش ببريء أو يأخذ أحداً لا ذنب له بذنب آخر ينظر إلى الجميع على انهم أبناؤه مهما كثرت شقاوتهم وتجاوزوا في أسئلتهم يبقى الجميع أبناءه ويبقى هو والدهم، الحقيقة لقد أعلنها سموه صريحة واضحة كالشمس تبدد ظلمات الوهم «إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستبقى ما بقي الإسلام في هذه البلاد». سلم لسانك أيها القائد، وأطال الله بقاءك.
فالهيئة والله لا ذنب لها فلم تقتل أحداً ولم تفجر بيت أحد ولم تسط على مال أحد، فالهيئة والعاملون فيها دعاة خير وبر وصلاح يحبون قادتهم ومواطنيهم ويدينون بالولاء لدولتهم ويسعون ويطيعون ولاة أمرهم عن عقيدة ودين وليس نفاقاً أو تقية أو تملقاً، لا يستغلون الأزمات للاساءة لبلدهم ودولتهم ومواطنيهم بل يقفون ضد كل ناعق وصاحب فكر دخيل يحبون الناس ويتمنون لهم الخير والفلاح لا يهدفون إلى سلطة ولا يسعون للفوز بكرسي أو مغنم إلا رضاء الله وبقاء هذا البلد آمناً مطمئناً تسوده الفضيلة وتختفي فيه الرذيلة تحت قيادة والد الجميع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
* بعض الشباب يميلون إلى التشدد في دعوتهم وتعاملهم مع الآخرين، فما توجيه فضيلتكم لهم؟
إن الرفق واللين والحلم من أهم الصفات التي ينبغي ان يتحلى بها الآمر والناهي والداعية قال تعالى: {وّقٍولٍوا لٌلنَّاسٌ حٍسًنْا} الآية. أي: قولوا لهم القول الطيب، ويقول سبحانه في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {فّبٌمّا رّحًمّةُ مٌَنّ اللّهٌ لٌنتّ لّهٍمً وّلّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ القّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} الآية، فرحمة الله عز وجل التي نالت محمدا صلى الله عليه وسلم ونالت أمته جعلته رحيماً بهم ليناً معهم ولو كان فظاً غليظ القلب ما تألفت له القلوب ولا تجمعت حوله المشاعر، فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى عناية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج إلى عطائهم ويحمل همومهم ولا يشغلهم بهمه، ويجدون عنده الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا وهكذا كان قلب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال سبحانه لنبيه موسى وهارون:{اذًهّبّا إلّى" فٌرًعّوًنّ إنَّهٍ طّغّى" فّقٍولا لّهٍ قّوًلاْ لَّيٌَنْا لَّعّلَّهٍ يّتّذّكَّرٍ أّوً يّخًشّى"} الآية، فمع ان موسى نبي الله وكليمه وفرعون ألد أعداء الله حيث ادعى الألوهية من دون الله ومع ذلك أمر الله نبيه بتوجيه القول اللين له لعل ذلك يكون سبباً في هدايته، ولذلك عندما وعظ أحد العلماء الخليفة المأمون وشدد عليه قال له المأمون: ارفق يا رجل فقد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني وأمره بالرفق.
وفي صحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه».
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه». والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
ولكن لعله من المناسب ان نسوق ثلاثة مواقف للنبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته.
الموقف الأول: موقفه صلى الله عليه وسلم مع من تكلم في الصلاة: ففي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: «بينما أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ عطس أحد القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني الناس بأبصارهم فقلت ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فعلمت انهم يصمتونني ولكنني سكت، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ولكنه قال لي «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو تسبيح وتكبير وقراءة قرآن»، فانظر كيف ان هذا الصحابي تأثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومدح وأثنى.
الموقف الثاني: فعله صلى الله عليه وسلم مع الصحابي الذي بال في المسجد: ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «بينما نحن في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم: إذ جاء اعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم: مه.. مه.. فقال صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه دعوه، فتركوه حتى بال، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن» الحديث.
حتى ان هذا الاعرابي تأثر من فعله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم ارحمني انا ومحمدا ولا ترحم احدا غيرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد حجرت واسعاً»، فانظر يا اخي الكريم كيف رفق الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الاعرابي مع انه قد وقع منه منكر عظيم.
الموقف الثالث: فعله صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا. ففي مسند الإمام احمد عن أبي امامة رضي الله عنه قال: «إن فتى أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، فاقبل عليه القوم فزجروه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعاه حتى ادناه منه وقال له: «أتحبه لأمك؟ قال لا: جعلني الله فداك، قال: أتحبه لابنتك؟، قال: لا بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: اتحبه لاختك؟ قال: لا جعلني الله فداك، قال: أتحبه لعمتك؟ قال: لا بأبي انت وأمي يا رسول الله، قال: أتحبه لخالتك؟ قال: لا بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم ولا لبناتهم ولا لاخواتهم ولا لعماتهم ولا لخالاتهم» ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب بيده الشريفة على صدر هذا الفتى وقال: «اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه» يقول ذلك الشاب فوالله ما كان شيئاً ابغض إلي من الزنا بعدها».
وعندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن قال لهما قولته المشهورة «بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا».
بل ان من عظمة الإسلام ان امر الإسلام بالاحسان حتى إلى الحيوان فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «دخلت امرأة النار بسبب هرة ربطتها حتى ماتت لا هي اطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض». ويقول صلى الله عليه وسلم: «دخلت الجنة مومس بسبب كلب وجدته يلهث من العطش فسقته».
|