تلفت من حولك...
نقِّب بين النَّاس عنكَ...
حاول أن تعرف موطىء قدمكَ...، أن تتعرَّف مكانكَ، ودوركَ، أن تحدِّد موقعكَ، وهويته...، لن تخسر أبداً...
وعندما تجد نفسكَ تفكِّر في شؤون الآخرين، وتصنِّفهم حسب سياداتهم، وتجد أنَّ هناك سيادة مطلقة للمال، لأنَّه الثَّروة والجَّاه، فلا تغفل أنَّ العلم له سيادة مطلقة، فهو المال والجَّاه، وسوف تعرف عندئذ أنَّ هناك سيادات كثيرة وكلُّها على درجة من الأهمية تتماثل ولا ينقص شيء منها عن الآخر...
فسيادة المال والثَّروة...
وسيادة الجَّاه والمنصب...
لا تقلُّ عنهما سيادة العلم وسلطانه...
ولا سيادة الخلق وهيبته وإجلاله..
ولا سيادة الفكر وتأثيره وإبداعاته..
فكلُّ السِّيادات هذه جاه ووجاهة، وكلُّها ذات سطوة وتأثير، وكلُّها ذات قدرة على صناعة الحياة..
ولئن كان المال يغري الإنسان، وهو مطمحه، وسرُّ قلقه في الحياة فإنَّ العلم إغراؤه أكثر جاذبية، وأبلغ سطوة، وإن كان لهما هذا فإنَّ الخلُق سيادة عليهما، إذ لا أخلاق تسود دون إيمان مطلق... فبذرة الإيمان الخلق، ووسائل التَّعبير عنه سلوك... ولا هيمنة لمن لا خُلُق له...
وإن توفَّرت سيادات المال، والجَّاه، والمنصب، والخلُق، فإنَّ هناك سيادة أخرى لها تأثيرها ودورها في صناعة الإنسان هي سيادة الفكر... فمن ذا الذي لا يقدِّر المفكِّرين، ومن ذا الذي لا يعرف منازل الفكر، وأدواره...
فسل نفسكَ: أيَّ سيادة لكَ، وأنت صاحب أيِّ سيادة، ثمَّ لا تغفل تقدير سيادات غيركَ...، إذ لا يتحقَّق لكَ أن تسود بسيادتكَ وأنت تغفل سيادات غيركَ. وكلُّها من نعم اللَّه تعالى التي توجب الشُّكر لتدوم.
|