* باريس جيرالدين اميال (ا.ف.ب):
لن يتمكن رؤساء دول وحكومات مجموعة الثماني الذين سيجتمعون في ايفيان، جنوب غرب فرنسا، في مطلع حزيران/يونيو من تجاهل الوضع الطارئ الذي يواجهه الاقتصاد والمتمثل في تدهور سعر صرف الدولار والانكماش في المانيا وانحسار السيولة الخطير والعجز المالي... كما لن يتمكنوا في الواقع من إيجاد العلاج الشافي. ومن حيث المبدأ، كان يفترض بوزراء مالية المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا واليابان وبريطانيا وروسيا ان يمهدوا، اثناء اجتماعهم في دوفيل (غرب) في 16 و17 ايار/مايو، الارضية الملائمة لرؤساء دولهم وحكوماتهم.
وفي بيانهم الختامي، بذل وزراء المالية جهدا كبيرا لتبديد القلق الكبيرالذي يلقي بثقله على اقتصاديات بلادهم عبر تصريحات تدعو إلى الثقة، إلى حد تجاهل الامر الواقع. وأقر الوزراء في ختام لقائهم بان «اقتصادياتنا لا تزال تواجه عددا كبيرامن التحديات»، دون ان يحددوها. ثم أكدوا «اننا واثقون مع ذلك من القدرة على تعزيز النمو»، قبل ان يوصوا بقيام كل بلد بإجراء الاصلاحات الهيكلية اللازمة على المدى المتوسط.
هذا دون ان يتم التطرق إلى الانكماش في المانيا، ثالث الاقتصاديات في العالم، وتقلص النشاط الاقتصادي في ايطاليا في الفصل الاول وانحسار السيولة الذي يهدد المانيا بالاضافة إلى الولايات المتحدة كما نبه إلى ذلك صندوق النقد الدولي والاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي).
وبدون ذكر التراجع المتواصل في سعر صرف الدولار حيال الين واليورو خصوصا، وهو ما يلقي بثقله الكبير على الصادرات اليابانية والاوروبية ويهدد بالقضاء على التحسن الاقتصادي الهش اصلا، في مهده.
واعتماد «منهج كويه» الذي طرحه وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي فرنسيس مير لم يقنع، بل على العكس. فبالامتناع عن التعبير عن قناعاتهم حول الدولار، أجج وزراء المالية من المضاربات مما ادى إلى رفع سعر صرف اليورو حيال الدولار الأمريكي إلى مستويات بدء التداول به في 1999 ليصل إلى 1 ،17 دولاراً. والاسوأ من ذلك ايضا ان وزير الخزانة الأمريكي جون سنو صب الزيت على النار عندما قال: ان الولايات المتحدة تخلت عن استراتيجيتها لسعر صرف قوي للدولار.
ويبقى على الرئيس الفرنسي جاك شيراك اذن، وهو مضيف القمة، وعلى نظرائه، ان يطمئنوا الرأي العام والمستهلكين واصحاب الشركات والمستثمرين الذين يزدادون قلقا وتشوشا، وعليهم ايضا ان يحاولوا ايجاد علاج لما يعاني منه الاقتصاد العالمي.
لكن السؤال المطروح هو كيف يمكن لرؤساء وحكومات الدول طمأنة كل هؤلاء حيث أخفق وزراء ماليتهم؟ وليس من المؤكد ان يكون لدى قمة مجموعة الثماني، عبر استرداد الملف، مزيداً من ادوات العمل وهوامش المناورة وامكانية التحرك بأفضل مما قام به وزراء المالية قبل اسبوعين.
وتبدو مسألة اسعار القطع الاكثر اهمية والاكثر صعوبة في الوقت نفسه.
واعلن مسؤول اوروبي لم يكشف عن هويته «إذا اتهم الاوروبيون الامريكيين بأنهم يلعبون ورقة تراجع سعر صرف الدولار، فان هؤلاء سيجيبونهم بانه لن يكون عليهم سوى خفض معدلات فوائدهم».
واضاف ان الاوروبيين قد يجازفون بذلك بإحياء الخلافات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة في حين ينبغي بهذه القمة التي تعقد في جبال الالب ان ترسخ المصالحة عبر الاطلسي كما يرغب بذلك جاك شيراك.
وهذه الاعتبارات الدبلوماسية تضعف فكرة اي عمل منسق باتجاه خفض سعر صرف اليورو، حتى ولو ان الرئيس الفرنسي شدد في نهاية نيسان/ابريل على ان «الاولوية» بالنسبة لأعضاء مجموعة الثماني «هي ان يظهروا رغبة مشتركة في اعطاء دفع جديد للنمو عبر سياسات اقتصادية متقاربة».
|