أصبحت أحوال الشركات المساهمة السعودية لا تسر صديقا وتزيد من شماتة المنافسين سواء من المنافسين داخلياً أو خارجياً، وأصبح المساهم في ربكة وفي تخبط لا يعرف متى يبيع أسهمه أو متى يشتري لأن غالب حركته تكون موجهة من حركة السوق من قبل كبار المضاربين وعند مناقشة أي مساهم لماذا اشترى أسهم هذه الشركة يجيب فوراً بمعرفته بضعف أداء هذه الشركة وإنما الدافع هو حركة السهم والمضاربة في الشراء أو البيع وفي هذه الحالة قد يتضرر عدد من صغار المساهمين الذين يدخلون في شراء أسهم هذه الشركة متأخرين عن كبار المساهمين، مما تسبب لهم خسائر أو تجميد لرؤوس أموالهم لفترة طويلة.
وقد يفرح بعض المسؤولين في الشركات المساهمة لحجم كمية التداول لأسهم شركته في سوق الأسهم، وأنا أعتقد ان هذا هو الفرح المبكي لأن النظر الى حجم التداول ليس واقعياً ولا منطقيا في تقييم أداء الشركة، وما تعانيه بعض شركاتنا المساهمة فاق كل الحدود وتجاوز كل التوقعات من سوء الأحوال وذلك نتيجة لتخبطاتها الادارية وتجاوزاتها المالية وضعف أدائها الفني والتقني وعجزها التسويقي.
فإذا أخذنا الشركات الزراعية نجد ان تطورها عكسي بدلا من الصعود أخذت تتجه للهبوط وأسبابها هي:
1- عدم قدرتها على الخروج من عباءة اعانات الدولة وعدم تكيفها مع تغيير الدولة لاستراتيجيتها الزراعية وما يلزم ذلك من تغيير في سياسة الشركات الزراعية.
2- ضعف الإحساس الوطني بأهمية المحافظة على الثروة المائية وعدم اهدارها والمحافظة عليها واقامة المشاريع الزراعية القليلة الاستهلاك للمياه.
3- عدم الإلمام الكافي بالتطورات العالمية وما يتطلبه انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية «T.W.O» والحاجة الى اعادة الأهداف وتبني الاستراتيجيات التي تتوافق مع المتطلبات العالمية.
4- ضعف القدرة التنافسية أمام المنتجات الزراعية المستوردة.
5- غياب الحملات التسويقية والاعلانية للتعريف بمنتجات الشركات الزراعية وجودتها وخلوها من الأسمدة أو المواد الكيميائية المضرة.
6- محدودية التطوير التقني والفني لدى أغلب الشركات الزراعية.
7- تعرض أغلب الشركات الزراعية لخسائر سنوية متكررة أو عدم قدرتها على توزيع أرباح للمساهمين، مما استدعى تخفيض رؤوس الأموال لبعض الشركات.
أما فيما يتعلق بشركات الخدمات، فإن بعضها وكأنها تسبح بعكس التيار وحال بعضها وكان المساهمون في كل سنة يتوقعون لها ان تنهار وسبب الانهيار المتوقع ليس بسبب عدم الحاجة الى خدماتها إنما حقيقة لضعفها الاداري ولقصورها التام في النواحي التسويقية والاعلانية ويمكن ايجاز بعضها في التالي:
1- شركات الخدمات الفندقية في جميع دول العالم تقوم بحملات دعائية في الموسم وفي الفترات التي يضعف فيها الاقبال وكثيرا ما رفعنا سماعة الهاتف لنجد على الطرف الآخر من يتحدث من خارج المملكة ويخبر انه من الفندق الفلاني واننا اخترناك من المرشحين لقضاء اجازتك وبأسعار مفضلة بينما حال الشركات الفندقية في المملكة نسبة الاشغال متدنية مقارنة مع باقي الفنادق المجاورة فالدعاية معدومة ولا أثر للمندوبين وكأن لسان حالهم يقول هدفنا من يأتينا ولا نتعب أو نبحث عمن نأتي به.
2- شركات خدمات النقل سواء البري أو البحري أعتقد ان حصتها السوقية لا تمثل إلا أرقاما متواضعة مع وجود منافسة من مؤسسات فردية أو شركات برؤوس أموال محدودة، كما ان القصور التسويقي واضح والحملات الدعائية شبه معدومة مع العلم بالحاجة الماسة لخدمات هذه الشركات على مستوى الأفراد أو المؤسسات والشركات وذلك لعدم وجود بدائل نقل أخرى.
أما بالنسبة للشركات الصناعية فهي مصدر الفخر في كل دول العالم وكثيراً ما سمعنا عن دول معينة تفتخر بالتخصص في صناعة بعينها وتطويرها لهذه الصناعة وقدرتها على المنافسة العالمية بل زادت على ذلك أنها أصبحت تسوق لمخترعاتها «Know How» أصبحت لها مكانة عالمية في هذا المنتج، أما في شركاتنا الصناعية فإننا بعضها ما زال يتخبط لعدم تحديد أهداف واضحة ولعدم الاختصاص في منتج أساسي يحقق لها الشهرة والاستمرارية ولقصورها في مجال البحوث والتطوير وعدم وجود ادارة تعنى بتلبية حاجات المستهلك وكثير منها تغفل التأثيرات البيئية وآثارها على المستخدم وكثيرا ما سمعنا عن آثار بيئية سيئة من منتج معين ووقف تصنيعه في دول العالم، أما بالنسبة لمصانعنا فإنها آخر من يعلم بالآثار البيئية لهذا المنتج، كما ان غالب صناعاتنا ما زالت تجميعية أو تعليبية وعدم قدرتها على الاستقلال بمنتجات متميزة قادرة على المنافسة والاستمرار، وأعتقد ان الجزء الأكبر والمهم من المشاكل الصناعية هو عدم وجود ادارات فنية وتقنية قادرة على البحث والتطوير.
أما الشركات المالية أو البنوك بالنسبة لتحقيق الأرباح فهي الأولى في حلبة سباق الأرباح وكثيراً ما قرأنا عن قائمة أكثر عشرة بنوك في العالم تحقق أرباحا يكون من بينها أربعة أو خمسة بنوك من السعودية وسؤالي ما هو فخر هذه البنوك هل في ارهاق المواطن وتحميله أعباء ديون أم هو في تقديم تسهيلات للشركات ورجال الأعمال وامتصاص جميع أرباحهم وتعريضهم للخسائر والإفلاس ومن ثم الحجز على المشروع وبيعه بأبخس الأثمان، أم فخر هذه البنوك بالفوائد المرتفعة المنفرة التي تجعل أكثر رجال الأعمال يتعاملون مع بنوك خارج المملكة وهنا حقيقة يجب ان يعرفها الجميع ان البنوك ساهمت مساهمة كبيرة في خروج رؤوس الأموال الوطنية من المملكة لأنها في حالة القروض تقدمها أكثر بكثير من السعر السائد في البنوك العالمية وفي حالة الفوائد تقدمها أقل من الأسعار السائدة اضافة الى العمولات والخدمات البنكية الأخرى، كما أن الخدمات البنكية في المحافظة والأسهم تزيد بكثير عن مثيلاتها في العالم. وهل افتخار البنوك بابتكار أدوات وأوعية بنكية مبتكرة تتناسب مع احتياجات المجتمع، أعتقد كل ما تقوم به هو مقلد وكثير منه لا يتناسب مع تقاليدنا ومعتقداتنا، وأخيراً هل افتخار هذه البنوك بمدى مساهماتهم الاجتماعية أو الإنسانية في المملكة ما أعتقده ان مساهماتهم لا تتجاوز ذر الرماد على العيون.
Fax:026501493
|