ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن يبقى الدولار قوياً، بل أن الولايات المتحدة تفضل دولارا منخفضاً مقابل العملات الدولية الأخرى وبشكل خاص اليورو والين الياباني، وبرغم تصريح الرئيس الأمريكي مؤخراً في لقائه مع رئيس الوزراء الياباني كويزومي في واشنطن بأن الولايات المتحدة تفضل دولاراً قوياً وهو بعكس ما تعمل الولايات المتحدة من خلال سياستها النقدية التي تفضل دولار منخفضاً لدعم المنتجات الأمريكية المعدة للتصدير ودعم الميزان التجاري الأمريكي.
والمتابع لسعر اليورو خلال الأشهر الماضية يلحظ الارتفاع المتزايد للسعر حتى أن مستوى الارتفاع قد وصل إلى 30% خلال 5 أشهر الماضية وهو ما يعني أن الدولار قد فقد 30% من قيمته أمام اليورو حيث وصل سعره قبل أيام إلى اليورو الواحد يساوي 1812 ،1 دولار، وبالتالي انخفاض القوى الشرائية للعملات الأخرى المرتبطة به وهي أغلب دول العالم خارج دول اليورو، وهذه القوة لليورو تعزز القوة التصديرية للسلع الأمريكية عكس دول اليورو، تبعاً لانخفاض الدولار مقابل اليورو، وتستفيد الدول الأوروبية من هذا الارتفاع من خلال شراء النفط المقوم سعره بالدولار بأن يكون أقل بنسبة ارتفاعه أمام الدولار مما يحقق الوفر الكبير لدول اليورو، ولكن الدول الأوروبية تعاني من حالة ركود اقتصادي خاصة ألمانيا التي تحتاج إلى خفض العجز عليها قبل فرض الضريبة عليها من دول الاتحاد الأوروبي، وهنا يصعب حفز الاقتصاد دول اليورو في ظل عملة قوية تخفض من عملية التصدير للخارج، وهذا ما جعل الدول الأوروبية تتجه إلى تشجيع الاستهلاك الداخلي من خلال خفض الفائدة وزيادة الإنفاق لزيادة القوة الاستهلاكية وهي خطوات بطيئة ومكلفة للدول الأوروبية وقد لا تحفز الاقتصاد لهذه الدول بالقدر الملموس والمتوقع.
المملكة تخسر الكثير من خلال ارتفاع اليورو وانخفاض الدولار، في حين نجد أن الطلب على السلع الأوروبية أو دول اليورو سيزيد تكلفته ما بين 20 إلى 30% وهذا يرجع إلى ضعف الدولار الذي هو ما يتم السداد على أساسه لدينا سواء من قبل الحكومة ومشترياتها أو القطاع الخاص وما يقوم به من أعمال، لقد أصبحت القوة الشرائية لدينا منخفضة لضعف الدولار الذي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على هذا الخفض لتحفيز الاقتصاد الأمريكي وتحقيق النمو الذي لم يتحقق مع سلسلة الإجراءات الأمريكية من خفض الفائدة والضرائب والمشاريع الجديدة في العراق لكن لم يتم تحقيق الحفز المتوقع أو المطلوب.
في اعتقادي أن تغيير سياسة المملكة ودول الأوبك بتسعير النفط مصدر الدخل الأساسي من خلال سلة عملات هو الأفضل، ولكن لا يمكن تحقيقه برغم طرح هذا الرأي كثيراً، ولأسباب كثيرة ذات أبعاد سياسية واقتصادية لا ترحب بها الولايات المتحدة، وهذا ما سيشكل ضربة قوية على الدولار في الاقتصاد الدولي وفتح المجال لليورو ليكون هو البديل وحتى مع ارتفاع أسعار النفط فإن الدولار فقد كثيراً من قوة الارتفاع نظراً لقوة اليورو،
وأعتقد أن على الدولة البحث لإيجاد مخرج لانخفاض الدولار وتذبذبه المستمر الذي يفقدنا أي ارتفاع متحقق في الإيرادات من خلال سلة عملات لتسعير النفط برغم العوائق والموانع العديدة، التي قد لا تكون بقدرتنا التحكم بها أو العمل على تفاديها. ولكن نطرح السؤال ما هي خطط الدولة البديلة لارتفاع اليورو وانخفاض الدولار والخسائر المحققة نتيجة ذلك؟!
|