رجوع فنانة عن الحجاب لإحساسها بالملل!!

خبر صغير قرأته بنظرات الدهشة والامتعاض.. وقفة أمام إيماءات جيل الفن وانعطافات التخبط تحت مظلة البريق الإعلامي الذي يفتش عن كل نقطة تفرز إثارة في أخبار الفنانين.. ورحلات الممثلين.. وأحوال فراشات السينما.. وجديد صاحبات الحناجر الذهبية.. في مراحل التحليق المدهش..
أثار في نفسي هذا الخبر كوامن شتى.. بالرغم من انني لا أدري عن صحته.. إلا انني أردت ان أمارس قراءة عابرة عن هذا الموقف الذي ربما تكرر كثيراً مع لامعات الفن أو منسوبات التمثيل حينما تعتزل المهنة أو تعرض عن دائرة الأضواء.. تائبة متحجبة.. وهنّ بشر معرضات للميل والرجوع.. حقاً نسعد حينما نسمع بتوبة إحداهن داعين الله تعالى ان يهديهن إلى الطريق السوي.. وهنا الأمر لا غرابة فيه كحق من حقوقهن.. لكن ان تتحول «توبة الفنانة» إلى احتفالية صاخبة ذات سبق صحفي متميز!! وتغطية مصورة وكأنه «فتح جديد» فاعتقد ان الأمر هنا يثير مشاعر مبتذلة ويحرك عواطف مستهجنة ويعكس ردود فعل لا تخدم الفنانة المعتزلة ولا حتى المجتمع والجيل.. بل انه يسيء للقيم الدينية الأصيلة حينما ينظر إلى الحجاب وكأنه تجربة شخصية تمر بها الفنانة المعتزلة في مرحلة انكسار أو رغبة في كسر الروتين ثم لا تلبث ان تنزعه تحت وطأة الملل وعدم الاقتناع.. واستبداد الحنين إلى فضاء الأضواء..
عفواً.. يا ذات الخمار.. فليس ثمة نزوة تمارسينها وانت تغطين هامتك الشماء وتشمخين بمظهر من أهم مظاهر دينك.. فلا تكوني مادة معلبة لهؤلاء.. لماذا تتحرك الصفحات الفنية وتقدم تلك الفنانة المعتزلة على انها الانموذج الذي يجب ان تحتذيه بنات الجيل.. والمثل الأعلى الذي تستقي من صنيعه القيم النبيلة.. وحينما تتراجع أية فنانة عن قرارها الحاسم تشتعل الأغلفة مرة أخرى وتتقاطر تلك الصفحات لتغطية الحدث ونقل اسرار التراجع عبر عناوين تقطر إثارة وفلاشات تلوي أعناق المتابعين وتملأ أعينهم الفارغة بالدهشة..
نعم.. لا نريد ان تتحول تلك القيم الدينية العظيمة إلى تجارب ذاتية وممارسات تقدَّم للجيل بأسلوب القناعة والعدم.. لأنها لا تخضع لمزاج أو حكم بشري ولا تنطلق من محطات نقاش أو دوائر إثارة أمام نقاد الفن ومتابعي ساحاته.. ولم يبق إلا ان يأتي مراسل فني يعيش مرحلة حبو كتابي ليقدم آراء وتحليلات فقهية لمظهر ديني تمارسه الفنانة وهو يحمل بضاعة علمية فقيرة.. وهل كانت مواقف الفنانات منطلقات شرعية.
أجل.. يا معشر النقاد.. وحاملي الفلاشات حُق لنا ان نعلن صرخة استنكار ونرسم وقفة احتجاج أمام قراءاتكم الخارجة عن النص وتغطياتكم المدجنة لأن اعتزازنا بقيم الدين وتعليمات العقيدة أكبر من دوائر إثارة مثقوبة تزرعونها في مجالاتكم.. ولا شأن لنا بموقف فنانة: التزمت بالحجاب أم خلعته.. اريحوا أعصابكم واطمئنوا فمصير الأمة غير معلق بحياة فنانة محفوفة بالضجة.. وبنات الجيل قادرات على ان يجدن القدوة الحسنة..