* الرياض - أحمد القرني:
تشارك المملكة دول العالم الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة التدخين ففي عاصمة الطب العربية الرياض برعاية معالي وزير الصحة د. حمد بن عبد الله المانع يفتتح وكيل الوزارة للشؤون التنفيذية د. قاسم بن عثمان القصبي ظهر اليوم فعاليات اليوم العالمي للتدخين تحت شعار «أفلام ومسلسلات بلا تبغ» بمعرض امانة مدينة الرياض بالملز بشارع صلاح الدين حيث ينفذ برنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة معرض توعوي بهذه المناسبة خلال الفترة من 1 - 5/4/1424هـ، وستكون مواعيد زيارة المعرض خلال فترتين صباحية من 9 - 2 ظهرا ومسائية من 4 - 10 مساء.
وقد خصص للنساء يومي 3 و 4/4/1424هـ الفترة المسائية لتعم فائدة الاستفادة من المعرض لكافة شرائح المجتمع.
هذا وتقوم وزارة الصحة بجهود مكثفة من خلال برنامج مكافحة التدخين للتوعية بأضرار التدخين، وما يسببه من امراض خطيرة للمجتمع.
هذا وقد ارتبطت صورة التبغ بالرجولة او بالانوثة بالعصرية او البدائية، بالجاذبية او بالرياضة، بسبب الحملة التسويقية التي تروج له.
فلون عبوة التبغ، والكتابة المدونة عليها، والاماكن التي تعرض فيها اللوحات الاعلانية، والحفلات والعروض الموسيقية التي يروج فيها للمنتج ويوزع مجانا فيها، والمسابقات الرياضية التي يتنافس فيها الرياضيون وهم مزينون بالعلامات التجارية والرموز الخاصة بشركات التبغ، والملابس والازياء التي تزين بأسماء وشعارات منتجات التبغ، والرجال والنساء الذين يدخنون على الشاشة والمسرح وفي الاماكن التي تسلط عليها الاضواء، كل ذلك انما يدل على ان بيع منتجات التبغ يعتمد على رسم صورة جميلة لهذه المنتجات.
ولا يحتاج المرء الى كثير من البحث لكي يصل الى العناصر التي لها صلة بالتاريخ والتقاليد في الترويج لصنف او لنوع بذاته دون غيره.
صناعة التبغ تستهدف الشباب:
نجوم الشاشة الكبيرة والصغيرة هم الابطال والقدوة في هذا العصر. فالطريقة التي يتحدثون بها، والملابس التي يرتدونها، والطعام والشراب الذي يتناولونه سواء على الشاشة ام في حياتهم تؤثر تأثيرا كبيرا على سلوك الجمهور وتفضيلاته ولا سيما الشباب.
فالشباب الذين يشاهدون التدخين في الافلام اكثر نزوعا الى التدخين من غيرهم.
وقد ادركت شركات التبغ هذه الظاهرة، فظهرت سجائر مارلبورو، العلامة الاولى لشركة فيليب مورس، في 28 فيلما على الاقل من اشهر افلام هوليود في السنوات العشرة الاخيرة، كما ظهرت الى جانبها علامات تجارية اخرى شهيرة. وتوضح الدراسات التي اجريت في هذا الاطار ان اصناف التبغ الاكثر ظهورا في الافلام الشهيرة هي نفسها التي تحظى بدعاية ضخمة في سائر وسائل الاعلام.
وقد خلصت البحوث التي اجريت في الولايات المتحدة الى ان المراهقين غير المدخنين، الذين اعتاد نجومهم المفضلون التدخين على الشاشة، تزداد احتمالات اقبالهم على التدخين في المستقبل 16 ضعفا بالمقارنة مع غيرهم. والاهم من ذلك ان حوالي 31% من المراهقين الذين شاهدوا اكثر من 150 مشهدا للتدخين في الافلام سواء في السينما او الفيديو او التلفزيون، قد جربوا التدخين في حين لم تزد هذه النسبة على 4% في حالة المراهقين الذين شاهدوا اقل من 50 مشهدا للتدخين، وحتى بعد تثبيت الآثار الناجمة عن تدخين الآباء وغير ذلك من العوامل والتحكم بآثارها ثبت ان كثافة عرض مشاهد التدخين ادى الى مضاعفة احتمالات تجربة المراهقين للتدخين ثلاثة اضعاف.
الأفلام العربية أيضا تدس في محتوياتها سموم التبغ:
تم اختيار إحدى دول الاقليم الرئيسية كنموذج لدراسة العلاقة بين التبغ وصناعة السينما، ولك من خلال البحث الذي اجراه مركز خدمات التنمية في جمهورية مصر العربية بهدف استعراض مختلف الصور المرتبطة باستخدام التبغ في 100 فيلم عربي انتقت عشوائيا انتجت في الفترة الممتدة من عقد الخمسينات الى الآن.
وقد اظهر المسح ان استخدام التبغ في هذه الافلام يرتبط بمشاهد تعبر عن الرجولة والقوة والسلطة، وعن حالات الضيق والتوتر والغضب، وفي اللقاءات الاجتماعية والنزهات الجماعية، وفي حالات الانغماس في الملذات والبحث عن المتعة والحفلات الليلية، وفي حالات التأمل والابداع.
وقد اظهرت الدراسة ان هذه الافلام لا تظهر فقط الانماط المختلفة لاستخدام التبغ نتيجة للتغيرات الاجتماعية ولكن كان لها ايضا دور في التشجيع على استخدام التبغ بربطه بالتغيرات الاجتماعية والمواقف المختلفة، اظهر المسح زيادة مطردة في استخدام التبغ في الافلام، بداية من عقد الخمسينات الى ان وصل الى ذروتها في عقد التسعينات، كما تبين من دراسة متعمقة لعشرة افلام منتقاة عشوائيا من كل عقد، ان عقد السبعينيات شهد اعلى معدلات استخدام التبغ في الافلام، اذ وصل عدد هذه المشاهد الى 428 مشهدا. ويعزى ارتفاع هذا الرقم بشكل رئيسي الى تدخين الممثلين المساعدين.
أما الافلام التي انتجت في الستينيات والسبعينيات فكانت تستهدف تبليغ رسالة المساواة بين الطبقات والمساواة بين الجنسين والمساواة في السلوك، فأصبح من المألوف حينئذ رؤية النساء والرجال يدخنون معا، وصار تدخين النساء علانية ان حدث سلوكا مقبولا اجتماعيا مع الفترات السابقة.
وفي عقد الثمانينات قل استخدام التبغ في الافلام بنسبة قليلة، وظهر في تلك الفترة نوع جديد من الافلام يركز على المشاكل التي يعانيها الفرد، كما شهدت تلك الفترة انخفاض نسبة تدخين الفتيات والنساء، وتغير الصورة النمطية «للبطل» بعد ان صورته الافلام في شكل شخص بسيط وواقعي. وفي نفس الوقت بدأت افلام الثمانينات تعرض كمشاهد معاقرة الخمور والمخدرات والادمان التي كانت تميز تلك الفترة.
ومع بداية عقد التسعينات ازدادت مشاهد التدخين في الافلام مرة اخرى ولا سيما الرجال، اضافة الى مشاهد الفتيات وهن يدخن سرا، كما عادت الشيشة الى الظهور في الافلام، مع تغير صورتها واقترانها بشباب ما تبقى من الطبقة الوسطى الذين يدخنونها في المقاهي، وهكذا تغيرت صورتها من وسيلة لتدخين الحشيش والمخدرات الى نشاط اجتماعي مقبول يمثل جزءاً من المناخ الدافىء والممتع لحياة الطبقة الوسطى وتجمعاتها.
الدعاية للتبغ تغزو السينما الهندية:
ان غزو السينما بمنتوجات التبغ يتسع مداه اكثر واكثر. فمدينة بوليود التي تقع في بومباي، الهند، هي اكبر منتج للافلام في العالم، اذ تنتج 800 فيلم في كل عام، وتباع منها 800 مليون بطاقة عالميا ويمتد تأثيرها الى معظم بلدان العالم، ولاسيما جنوب آسيا، والشرق الاوسط، وافريقيا. وتكشف دراسة اجريت على عينة من 395 فيلما هنديا انتجت في الفترة من 1991م الى 2002م ان 202 فيلم اي ما يمثل 5 ،76% منها، عرضت مشاهد للتدخين. فبالرغم من ان الاستخدام الغالب للتبغ في الهند يتمثل في انواع من التبغ غير السجائر الجاهزة، وهذه الانواع متمثلة في الجوتكا «تبغ لا يدخن ويحتوي على مواد اخرى ويستخدم بالمضغ» او البيديز «نوع مقطع ويجفف في الشمس ثم يلف يدويا ليدخن بعد ذلك»، الا ان هذه الافلام تعرض صورة فحوالي 72% من مشاهد استخدام التبغ في الافلام التي تمت دارساتها كانت لتدخين السجائر المعروفة عالميا وبالرغم من شعبية الافلام الهندية فنادرا ما تحظى باهتمام نقاد السينما والفن الرئيسين في بريطانيا الذين يعتقدون انها تحتاج الى ذوق خاص لكي يتعود المرء عليها.
دراسة حول دور الأفلام في التأثير على الشباب:
تقول دراسة علمية حديثة ان نجوم السينما في هوليوود الذين يظهرون في الافلام وهم يدخنون يشجعون المعجبين بهم من الشباب على ان يسلكوا مسلكهم.
وتوصلت الى ان المراهقين يتأثر سلوكهم بمشاهدة نجومهم المفضلين في السينما وهم يدخنون، وغالبا ما تتركز مشاهد التدخين في الافلام ذات الانتشار الاكثر وسط المراهقين والبالغين.
واتهمت الدراسة المنشورة في مجلة لانسيت الطبية البريطانية منتجي هوليوود بالترويج للتدخين رغم الحظر الطوعي الذي فرض على منتجات التبغ في الأفلام.
وقالت: انه لم يحدث تغيير في حضور مشاهد التدخين في افلام هوليوود عما كانت عليه قبل عشرة سنوات ورغم وجود حظر على دفع شركات التبغ اموال لصناعة السينما.
الخداع وأساليب الدعاية غير المباشرة لمنتجات التبغ:
ان العائد التجاري من وضع منتجات التبغ ضمن مشاهد الأفلام كبير جدا، ويوجز محلل تسويقي يعمل في شركة ار.جي. رينولدز للتبغ اهمية مشاهد التدخين في الافلام لصناعة التبغ بقوله:
«إن المادة الاعلانية هي الرسالة، والرسالة يجب ان تكون جزءا من العمل الفني».
وما ابعد المسافة بين ذلك وبين ما تفعله الشركات الفاحشة الثراء، عندما تعطي عينات مجانية من المنتج للمستهلك لتضغط بها عليه، ان هذا هو الفرق بين شركة براون آند ويليامسون للتبغ التي تقدم إعلانا صريحا في الافلام وبين سيجارة مارلبورو التي تظهر بشكل جذاب في الافلام. أثناء السياق القصصي وكأسلوب للحياة مما يجعل المشاهد المعجب بالبطل او الممثل يتأثر بفعلته ويسعى لتقليده.
ويصف خبراء التسويق عملية تسويق اي منتج او علامة تجارية بأنها فن اختيار المكان المناسب لوضع منتج او اسم خدمة بشكل ظاهر في الافلام والبرامج التلفزيونية المميزة، وبعد وضع المنتج وسيلة غير مكلفة للتعريف بالعلامة التجارية، وتحسين صورة الشركة المنتجة، وتوفير فرص ترويجية من خلال بعض الافلام والبرامج التليفزيونية الحالية الاكثر نجاحا.
الاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ:
في شهر مايو 2003م وافقت الدول الاعضاء في منظمة الصحة العالمية بالاجماع على معاهدة لمكافحة التبغ تعتبر اول اجراء من نوعه من اجل الصحة العالمية.
وتهدف «الاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ» التي تبنتها المنظمة الى خفض الوفيات الناجمة عن التدخين التي يقدر عددها بخمسة ملايين شخص سنويا.
وسيتعين على 192 دولة عضو في المنظمة بمقتضى الاتفاق الحد من الاعلانات والمبيعات الخاصة بمنتجات التبغ خلال خمس سنوات.
كما يلتزم الاعضاء بأن تخصص ثلث المساحة الخاصة بعلب السجائر بوضع اعلانات تحذر من أضرار التدخين على الصحة بما فيها صور للرئات المصابة.
ويعتبر تبني المعاهد انتصارا تاريخيا للمنظمة ولرئيستها د. جرو هارلم بروندتلاند التي اوشكت فترة رئاستها على الانتهاء بعدما جعلت من خفض الوفيات الناجمة عن التدخين هدفا رئيسيا لفترة وجودها على رأس المنظمة.وقالت بروندتلاند امام ممثلي اعضاء المنظمة «اننا نتحرك اليوم من اجل انقاذ مليارات الارواح وحماية صحة الاجيال المقبلة، انها لحظة تاريخية».
هذا وقد وضع التصويت على المعاهدة نهاية لنزاعات داخلية قاسية استمرت حوالي اربع سنوات حيث ان الدول ذات صناعات التبغ الكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا قد عارضت المعاهدة في البداية لكنها وافقت عليها في نهاية المطاف تحت ضغوط قوية من الدول النامية.
وتقول منظمة الصحة العالمية ان حوالي 9 ،4 ملايين نسمة يموتون سنويا بأمراض السرطان وامراض القلب واعراض اخرى ترتبط بالتدخين.
|