* بيروت - هناء دندن:
يوم تحرر فلسطين المقاومة الشريفة للاحتلال سيكون الشعب الفلسطيني العظيم قد اكتسب شرعية حكم ذاته بذاته، فهو الذي يكون قد حقق حريته بيده، ويكون بالتالي قد استحق حكم ذاته بذاته فإذا ما سار الشعب العراقي على طريق المقاومة الشعبية فسيكون هو ايضا قد حرر نفسه من الاحتلال الأمريكي على ارضه.
بهذه الكلمات يعبّر الرئيس السابق لمجلس الوزراء عن رأيه فيما اصبح امرا واقعا في العراق بعد الحرب عليه، وفيما يرسم للفلسطنيين عبر خارطة الطريق المسوق لها على مستويات كافة بحيث يتم انهاء القضية المركزية والام ويصبح الشرق الاوسط شرقا امريكيا/ اسرائيليا بامتياز.
ومن يتابع التعليقات السياسية والاعلامية في العالم العربي هذه الايام وما نتج من تفجيرات ارهابية في الرياض والدار البيضاء يدرك تماما مدى سلبية انعكاس هذه الاوضاع على القضية العربية الام خاصة وان العديد من الادوات تقف الى جانب المخططات المرسومة سواء عن حسن او سوء نية يذهب ضحيتها العشرات من المواطنين المدنيين وتمهد بالتالي الى احداث فجوات امنية قد تساعد اعداء الوطن العربي للاستفادة منها بكافة المجالات السياسية والامنية والعسكرية. حول هذه القضايا والعديد من القضايا المطروحة على الساحة العربية التقت «الجزيرة» رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق الدكتور سليم الحص وأجرت الحوار التالي نصه:
* الجزيرة: لا بد في البداية دولة الرئيس ان نقف على نظرتكم للعراق بعد الغزو الأمريكي له هل ترون انه يتجه نحو استقرار او ردات فعل تعيد خلط الاوراق؟
الرئيس الحص:ليس سرا ان أمريكا ترمي من وراء الحرب على العراق من جملة ما ترمي اعادة رسم خريطة المنطقة وقد عبر عن ذلك كبار المسؤولين الأمريكيين بالقول: انهم بصدد اعادة تشكيل واعادة تركيب المنطقة وتحت هذا العنوان كل الاحتمالات واردة، وقد لا يسلم منها أي بلد في المنطقة العربية.
الانظار شاخصة هذه الايام على كيفية التعاطي الأمريكي مع الشأن العراقي هل سيحافظ الأمريكيون على وحدة اراضي العراق ام هم سيعملون على تقسيمها الى كيانات فئوية؟ الحديث الغالب هو إنشاء فيدرالية قد يكون النموذج الذي يحتذى به في بلدان عربية تحت الرعاية الأمريكية . أي فرز المجتمعات العربية طائفيا ومذهبيا واثنيا وانشاء كيانات في اطار فيدرالي.
بعد الحرب على العراق توجهت أمريكا بالضغط على سوريا ولبنان وعاد الكونغرس الأمريكي يبحث في مشروع محاسبة سوريا، ويبدو هذه المرة برعاية من الادارة الأمريكية على عكس المرة السابقة حيث كانت الادارة تعترض مناقشة هذا الامر لانه كان يهمها وقتها المحافظة على حسن العلاقة مع سوريا، ولكن بعد الحرب تغير هذا الموقف واصبحت الادارة الأمريكية هي التي تهدد سوريا وقد تكون هي وراء اعادة احياء المشروع في الكونغرس . فبين الحين والآخر نسمع تلويحاً او تهديداً مباشراً من كولن باول او رايز او رامسفلد لتوجيه ضغط على سوريا والى لبنان من خلال سوريا، حيث هذا القانون يسمي سوريا في اكثر من مكان ويدعو الى تأييد سوريا لإرسال الجيش الى الجنوب وتحميلها مسؤولية دعم حزب الله ويعتبرها محتلة للبنان.
من هنا لبنان معني جدا بما هي سوريا مستهدفة به واقل ما يمكن ان نقول عنه لو صدر هو فرض حصار على سوريا كما حصل في وقت العراق.
* الجزيرة: هل تتوقعون ان يصدر هذا المشروع؟
الرئيس الحص: الله اعلم لا نستطيع ان نقرأ بوضوح ما يجول في خاطر المسؤولين الأمريكيين ولكن اقول لو حوصرت سوريا بهذا القانون سيكون لبنان خاضعا ايضا لمثل هذا الحصار. بطبيعة الحال لبنان لا يمكن ان يفكر بإقفال حدوده مع سوريا وبالتالي أي حصار لسوريا هو حصار للبنان، ولهذا نقول نحن مستهدفون كما سوريا مستهدفة.
ويبدو وكأن ثقل الضغط تحول في الآونة الاخيرة من سوريا ولبنان الى ايران فإيران تتهم اليوم من الأمريكيين كما كان يتهم العراق بانها تمتلك اسلحة دمار شامل وانها بصدد تصنيع اسلحة نووية وبان لها علاقة بتنظيم القاعدة ، ايران تتعرض لضغط شديد اليوم دول عربية أخرى ايضا تحت الضغط المستمر تحت عنوان الاصلاح الديمقراطي والحريات وحقوق المرأة وغيره.
* الجزيرة: كيف تنظر الى وضع المملكة العربية السعودية بعد تفجيرات الرياض؟ والى أي مدى هي مستهدفة؟
الرئيس الحص: لا شك ان ما تعرضت له السعودية من عدوان هو مستنكر بكافة المجالات ونستنكره اشد الاستنكار والامر مثله في الدار البيضاء، ويمكن ان تتكرر مثل هذه الحوادث التي نأمل ألا تحصل وهي مؤذية جدا للوضع القائم للحياة الاقتصادية وللمستثمرين ولحركة السياحة ولا شك ان هذه الاحداث لئيمة ويجب مكافحتها بكل السبل وكان من شأن هذا الحادث في الرياض ان يجعل من الوضع الامني شأنا له اولوية وهو كذلك.
* الجزيرة: التفجيرات في الرياض ادت الى اقفال بعض السفارات الاجنبية ولكن اليوم عادت من جديد هل ترون ان المرحلة الآن تسير نحو اتجاه معاكس وهل هذه التفجيرات سيكون لها انعكاسات على القضية العربية الام؟
الرئيس الحص: انا اعتقد ان السلطة السعودية تملك من المعلوما ت ما تملكه لتتخذ الاجراءات اللازمة لمكافحة هذه الامور وعودة السفارت او اغلاقها كانت بادرة سياسية وامنية تخوفا من أي رد فعل او عمل ارهابي آخر ولكن الحكومة السعودية سيكافح هذه الظاهرة بالطرق المناسبة واعتقد انها قادرة وهم ادرى بوضعهم.
* الجزيرة: هناك كلام يتم التداول به حول اوبك والوجود العراقي في الاوبك وما اذا كان سيسحب هل - ومن خلال قراءتكم - ترون امكانية هذا؟
الرئيس الحص: للحقيقة قرار مجلس الامن الغى العراق ككيان فأنا لم اعد أرى ان العراق موجود في أي كيان في المحافل الدولية والاوبك محفل دولي واعجب كيف سيمثل العراق في ظل الوضع الحالي واعجب كيف سيمثل في اجتماعات الجامعة العربية مثلا في ظل الاحتلال الأمريكي؟ انا لا استغرب ألا يكون العراق حاضرا في الاوبك الا اذا شاء الأمريكي ان يكون هو حاضرا باسم العراق وقد يكون ذلك من مصلحتهم .
وقد ظهر جليا ان اهداف الحملة على العراق الحقيقية ليست اسلحة الدمار الشامل لانها غير موجودة وليس مجرد تغيير النظام لان هناك مثل هذا النظام في بلدان اخرى ولم تتعرض لهذا الامر، فالهدف الحقيقي كان وضع اليد على النفط وتصفية القضية الفلسطينية وهذا ما نشاهده وهذان الموضوعان هما الاساس.
* الجزيرة: هناك كلام كثير عن فتح الانابيب بين بغداد وتل ابيب وهناك الكثير من الاحداث المتلاحقة من تهديدات و... ما هو تقييمك لتلك الاحداث؟
الرئيس الحص: كل هذه الامور تتلاقى مع الاحداث الاخرى والقائمة على تصفية القضية الفلسطينية، فالمنطقة ينتظر ان يقوم فيها حكم مؤقت في العراق برعاية أمريكية تكون من قرارات وجودها الاعتراف بإسرائيل وستكون من جملة القرارات التي سيتخذها هذا الحكم اعادة فتح انابيب النفط بين كركوك وحيفا لمد اسرائيل بالنفط، وهذا جزء لا يتجزأ من التوجه الآخر لتصفية القضية الفلسطينية.
وخارطة الطريق هي المشروع الأمريكي لتصفية القضية وانا اعتبرها مشروعاً غير عادل يؤدي الى تصفية القضية لاعتبارين:
الاول: ان المرحلة الاولى من الخارطة تنص على اجهاز السلطة الفلسطينية على كل فصائل المقاومة الفلسطينية وهذا طبعا مشروع حرب اهلية ومشروع فتنة بين الفلسطينيين ولو كنت مكان «ابو مازن» لقلت لشارون : انت وكل القوة التي تتمتع بها ومع كل الدعم الأمريكي التي تتمتع به لم تستطع القضاء على المقاومة الفلسطينية فكيف استطيع انا؟ وهذا هو المنطق .
الثانية: المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين حول القضايا العالقة وهي بصورة خاصة القدس والمستوطنات وحق العودة وانا اعتقد ان الورقة التفاوضية الوحيدة التي يملكها الفلسطيني اليوم هي الانتفاضة لأنها الوجه الآخر لامن اسرائيل . اذا الفلسطيني يملك ورقة مهمة يستطيع ان يفاوض عليها ويطالب بما يشاء فإذا نفذت خريطة الطريق ستسقط هذه الورقة في المرحلة الاولى وتنتهي الانتفاضة بالاقتتال الفلسطيني لتأتي المرحلة الثانية من التفاوض عندها ليس بيد الفلسطيني ما يفاوض عليه وعندها اسرائيل لن تكون مضطرة للتجاوب مع أي مطلب من المطالب الفلسطينية وبهذه الطريقة تريد اسرائيل تصفيه القضية الفلسطينية .
الجزيرة: حق العودة مستبعد اسرائيليا مما يعزز عودة التوطين في البلدان العربية .. ما هو الوضع في هذا الموضوع في لبنان؟
الرئيس الحص:خارطة الطريق جاءت لتقول: ان مصير اللاجئين الفلسطينيين يقرر بالتفاوض بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني في المرحلة الاخيرة من التفاوض وطبعا اسرائيل لن تقوم بهذا لأنها عندها ستقول لهم سلام على القدس وسلام على حقوقهم وعلى ارضهم المحتلة من المستوطنات.
* الجزيرة: ما المطلوب؟
الرئيس الحص: مطلب حق العودة هو المطلب الاساسي على طروحات التوطين الأمريكية والاسرائيلية . وفي كل حال هناك مشكلة سيواجهها لبنان في رفض التوطين لانه جاء نصا في الدستور ووضع حق العودة على مستوى واحد مع الوحدة الوطينة اللبنانية مما لا شك ان مشكلة لبنان كبيرة فيما لو لم تقر أمريكا واسرائيل بحق العودة.
* الجزيرة: ما هي نظرة دولتكم الى اجتماع مرتقب بين بوش وابو مازن وشارون؟ وماذا تعلقون على عملية استبعاد عرفات من الاجتماع؟
الرئيس الحص: انا اعتقد ان «ابو مازن» لن يستطيع فعل أي شيء او اتخاذ أي قرار بمنأى عن عرفات وعرفات ما يزال يتمتع بشعبية واسعة وكبيرة بين الفصائل وشعبه ولا يتمتع بمثلها ابو مازن واعتقد انه اذا امكن ان ينجح في أي مبادرة يقوم بها فلن يكون ذلك الا بدعم من عرفات.
تجاهل عرفات هو عمل سلبي جدا وليس لمصلحة الترويج لمسيرة السلام،، ولهذا لا رهان على الاجتماع علما ان السياسة الخارجية الأمريكية هي لخدمة اسرائيل وعلينا ان نفهم هذا، ونكاد نقول: ان ليس لأمريكا استراتيجية حيال المنطقة هناك استراتيجية اسرائيلية تتبناها أمريكا ولا نغالي عندما نقول هذا، اما لماذا الاجتماع؟ نقول: انه للضغط لمصلحة شارون.
* الجزيرة: هل تعتقدون ان الاخطار ما تزال قائمة على سوريا؟
الرئيس الحص: موقف سوريا واضح انهم يقبلون ما يقبله الفلسطينيون . وحقيقة انا لست مع هذا الرأي لأني اعتبر ان القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية والعرب يجب ان يضغطوا باتجاهات لمصلحة القضية وارفض كل ما يقال في هذا الشأن.
* الجزيرة: العرب .. الا تعتقد انهم بحاجة الآن لاعادة رسم سياسة جدية بعد مرحلة الحرب على العراق وبعد ما عانته الجامعة من ضعف؟
الرئيس الحص: كلام صحيح نحن بحاجة ماسة ولاسيما بعد الحرب على العراق الى صيغ جديدة للعمل العربي المشترك وعلى رأسهم جامعة الدول العربية واعادة النظر بها بحيث تعزز فعاليتها ويكون هناك رأي للشعوب فيها وعلينا ان نسلك طريق اوروبا لنصل الى ما نريده.
* الجزيرة: هل يسمح لنا بهذا؟
الرئيس الحص: علينا ألا نطلب اذنا من احد ولكن لن يسمح لنا بذلك واعرف هذا من قبل أمريكا ومعها اسرائيل ولكن مع هذا يجب ان نناضل في هذا السبيل لان مصلحتنا تكمن من خلال تطوير الجامعة العربية وتقوية اتحاد اقتصادي عربي ونظام عربي موحد فطريق العروبة تمر بالديمقراطية ويجب ان نطور عملنا نحو برلمان عربي مشترك يكون للشعوب العربية رأي فيما يدور على الساحة العربية.
* الجزيرة: على الصعيد الداخلي كيف تفسرون الخلافات المتكررة بين الرئيسين لحود والحريري وما هي ابعادها على وحدة الداخل ومواجهة المستجدات؟
الرئيس الحص: استطيع ان اقول: ان هناك ازمة ثقة بين الرئيسين هي مصدر الاشكالات بينهما .
* الجزيرة: هل بدأت معركة الرئاسة الاولى؟
الرئيس الحص: انا اعتبر عمليا ان هذه العملية مفتوحة وتؤثر على كل الامور. وانا اعتقد ان الديمقراطية في اولوياتنا اولا وثانيا وثالثا، ولهذا علينا أن نعمل لتكون الديمقراطية هي السائدة .
* الجزيرة: ما يتعلق بحزب الله هناك دعوات لحماية سلاح المقاومة .. كيف تفسر هذه الدعوات؟
الرئيس الحص: حزب الله مستهدف وأمريكا تطالب برأسه ولكن من منطلق وطني اقول: انه من غير الممكن اتخاذ قرار بحله لانه حزب وطني وسياسي له تمثيل نيابي وايضا لا يجوز انهاؤه،، وهناك ارض محتلة لبنانية ولن نتخلى عن تلك الارض اللبنانية فالمقاومة في مزارع شبعا ليست ناشطة الآن ولكن ما دامت ارضنا محتلة لن نتنازل عن المقاومة. هناك ضغوطات أمريكية على لبنان ولكن الرسالة اللبنانية كانت واضحة بان لبنان لن يتخلى عنها لأننا نعتز بها وبما قامت به لدحر الاحتلال.
* الجزيرة: هناك اصوات في لبنان تنادي بإنهاء المقاومة .. مما قد يحدث صراعا داخليا هل هناك خوف من ذلك؟
الرئيس الحص: انا اقول: انه من المفترض الحفاظ على المقاومة حتى تحرير كامل اراضينا من الاحتلال.
* 2الجزيرة: اذا دعيتم دولة الرئيس الى تأليف حكومة جديدة هل توافقون؟
الرئيس الحص: هذا الامر غير مطروح لا من قريب ولا من بعيد انا اعتزلت العمل السياسي في لبنان ولكن لم أعتزل العمل الوطني، ولهذا لي مواقفي الخاصة من كل ما يجري ولكن الامر ليس مطروحا حول تشكيل الحكومة.
|