حاربت البشرية جمعاء مع الشعوب الأفريقية في التصدي للنظام العنصري في جنوب أفريقيا حتى تمكن الأفارقة من القضاء على ذلك النظام البغيض الذي حل محله نظام وطني أفريقي تعامل مع المستوطنين البيض الذين أصبحوا مواطنين في دولة جنوب أفريقيا تعاملاً حضارياً راقياً دون أي عقد من الماضي إذ بقي كبار الضباط البيض في المؤسسة الافريقية وكثير من سفراء جنوب افريقيا بيضاً أوروبيين لم يعزلوا أو يفاجؤوا لأنهم بيض أوصنعوا النظام العنصري، وهذا ماجعل كل من غض النظر عن النظام العنصري السابق يشعر بتأنيب الضمير على سكوته كل تلك المدة التي جثم فيها على صدور الافريقيين.
والآن يجثم نظام عنصري بغيض على صدور الفلسطينيين دون ان تحرك البشرية ساكناً لإزالة هذا الفيروس القاتل، وهو ما شجع الصهاينة في اسرائيل على المضي قدما لترسيخ الفصل العنصري، فبعد «الضغط الأمريكي» وبروز فرص نجاح خطة الطريق لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتمكين الفلسطينيين من الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم، يعاند عتاة الصهاينة هذه الخطة، ولتحقيق أهدافهم الشريرة أقدم ما يسمى مجلس المستوطنات الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة على إعداد خطة بديلة ل «خارطة الطريق» الأمريكية قال المسؤولون في مجلس الاستيطان انه سيتم تقديمها إلى حكومة شارون خلال عدة أسابيع ومطالبتها بالمصادقة عليها.
وقال مجلس التجمعات الاستيطانية الصهيونية (يشع) في الأراضي الفلسطينية انه يعتبر «خارطة الطريق» الأمريكية أسوأ من اتفاقيات أوسلو الموقعة بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ولذلك قررنا إظهار «سخائهم» الكبير حسب تعبير أحد قادة المستوطنين وعرض خطة تمنع كارثة خارطة الطريق.
ويشمل «السخاء» الاستيطاني حسب ما نشرته صحيفة معاريف الاسرائيلية التنازل عن 30% من أراضي الضفة الغربية وتسليمها للفلسطينيين ويدعو المستوطنون إلى إقامة جدار فاصل بين المناطق الاسرائيلية والفلسطينية والابقاء على المستوطنات القائمة داخل الأراضي التي يقترحون تسلميها للفلسطينيين!
ويذهب المستوطنون بعيداً في كرمهم فيقترحون إزالة كل الحواجز العسكرية الاسرائيلية من داخل الأراضي التي ستسلم للفلسطينيين والسماح للعرب بحرية التحرك بين مدنهم وقراهم!!
ولتحقيق الفصل التام بين المستوطنين والفلسطينيين يقترح مجلس المستوطنات إقامة جسور عليا وشق طرقات منفصلة يتم تحديد بعضها كشوارع وطرقات لليهود فقط وأخرى للعرب فقط!
ولمنع ما يسمونه ب «الانجراف الخطير في المواقف الاسرائيلية» ومنع إقامة الدولة الفلسطينية يقترح المستوطنون مخططا يزعمون انه يثبت إمكانية التعايش بين اليهود والعرب دون ان يتم اخلاء المستوطنات. وفي إطار مقترحاتهم التي يعتبرونها سخية يقترح المستوطنون تسليم الفلسطينيين المسؤولية عن مجمل مجالات حياتهم بل وتحديد مجالات تطور واتساع المدن الفلسطنيية لعشرات السنوات!
ويرى أحد قادة المستوطنات أن المخطط المقترح يلائم الواقع مضيفا: يجب فهم ما نتحدث عنه فالعرب يقيمون هناك ومن الواضح اننا لن نتمكن من نقلهم ولكن في المقابل يجب منع نقل اليهود. ان ما نفعله هو ملاءمة الخطة مع الواقع.
وتشير الصحيفة إلى ان مجلس المستوطنات قرر اعداد مخططه على مراحل حيث طلب من رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات اعداد خرائط محلية يقترحون فيها سبل الفصل بينهم وبين الفلسطينيين في المنطقة ومن ثم يتم تقديم هذه الخرائط إلى مجلس المستوطنات وإعداد المخططات الاقليمية للفصل.
وتقول صحيفة «معاريف» ان خطة الفصل التي يعدها المستوطنون ستساهم في تعميق التمزق الداخلي بين المستوطنين المتشددين الذين يدفعون باتجاه مقاومة المخططات السياسية بالقوة وبين المستوطنين الذين يتقبلون الحسم السياسي وهم غالبية حسب ما تدعيه الصحيفة. وتقول الصحيفة ان قادة كباراً في جيش الاحتلال الاسرائيلي تسلموا نسخة من المخطط الذي انتهى المستوطنون من اعداده للفصل في «منطقة بنيامين» وقالوا انه يمكن تنفيذه بعد اجراء بعض التعديلات الطفيفة!
|