إن كان الصحاف «محمد» قد استأثر اهتمام المتابعين إبان الحرب على العراق والتي استمرت عشرين يوماً بكلمته الشهيرة «العلوج» والتي فسرها البعض بأنها تعني الجسم المملوء بالدمامل وفسروها آخرون بأنها تعني «الخنازير» وبصرف النظر عن المعنيين إلا ان الصحاف كان يكذب علينا ويختلق الانتصارات الوهمية التي صدقناها «وآخرتها» سقوط بغداد في ساعات وهروبه والتجائه عند عمته في أحد الأحياء الشعبية وترك «البرستيج» والمال والقصور والشهرة وبحث عن النجاة فقط!!
قصة الصحاف وزير إعلام صدام والمتحدث الرسمي باسم الحزب البائد تذكرني ب«العلوج» عندنا وما أكثرهم، انهم بعض أصحاب الملايين الذين لم ينفعوا الوطن ولم يساهموا في توظيف شبابه بل انهم لم يستمتعوا بملايينهم هذه في حياتهم لا في ملبسهم ولا في مظهرهم ولا حتى سُكناهم!!؟
لعلي هنا أروي لكم أنموذجاً من هؤلاء اللصوص الذين وجدوا أنفسهم فجأة أثرياء ولكن ينطبق عليهم المثل الشعبي «مال البخيل تلعب به العيارة» أو «الفقير الذي وجد نفسه مليونيراً ما ينعطي وجه»!!
لقد كنت في زيارة لصديق عزيز جداً وهو بالمناسبة مدير لفرع أحد البنوك الشهيرة وكان هدفي من الزيارة بصريح العبارة هو تسديد فاتورة هاتفي الشخصي بمساعدة صديقي بدلاً من الوقوف في «طابور» البنك المهم انني وجدت عنده رجلا تبدو على ملامحه انه في العقد السابع من العُمر وكان «رثاً» في مظهره وكان ثوبه متسخاً وحذاؤه قديماً وغترته تميل إلى السواد، رغم بياضها أما ساعته فأعتقد ان عمرها يزيد على الخمسين عاماً ويبدو انها من مخلفات الحرب العالمية الثانية وكنت أعتقد ان هذا الشخص أتى إلى صاحبي في مكتبه طلباً للمساعدة أو «الشحاذة» شأنه شأن الكثيرين الذين نشاهدهم هذه الأيام في شوارع الرياض لكن المفاجأة التي أذهلتني هو الاهتمام الخاص من طرف صاحبي لهذا الرجل حيث تفرغ له نهائياً ونساني وفجأة إذا بأحد العاملين في البنك يحضر رزمة من النقود من فئة الخمسمائة وفئة المئتا ريال ربما يتجاوز المبلغ الذي سلم له ال100 ألف ريال وبعد ثوان أخرج هذا «الرث» من جيبه جواله الخاص وهو من أول الماركات التي وصلت الينا حين بدأت خدمة الهاتف الجوال وإذا به يحادث شخصاً آخر ويقول له ترى «العربون» جاهز عسى البائع وافق على بيع العمارة ب«70» مليون قال له وافق فرد «العلج» «بيَّض الله وجهك» حينها لم أتمالك نفسي من الدهشة ولم أصدق ان هذا الرجل الذي يجلس أمامي يملك مئات الملايين إلا بعد ان غادر المكتب وقلت لصاحبي ما القصة، قال القصة يا عبدالله ان هذا الشخص الذي شاهدته يعد من كبار العملاء للبنك وانه يملك من العقار والمال ما يفوق «النصف مليار» من الريالات قلت له «صحيح» قال نعم قلت له وما بال مظهره يوحي بأنه إنسان فقير وقد حسبته كذلك منذ الوهلة الأولى لمشاهدته قال يا صاحبي هذا الرجل يسأل عن «الهللة» في حسابه قبل الريال ويعتبر ابخل «إنسان» رأيته في حياتي ولولا مصلحة البنك من «فلوسه» لما أضعت وقتي معه قلت له وهل تعامل معك أمثاله؟ رد على الفور ما أكثرهم فهم يلهثون وراء المال وكأنهم سيعمرون في الدنيا!!
المهم انني غادرت البنك وأنا أتمتم بيني وبين نفسي وأقول: إن مثل هذا الرجل وأمثاله ينطبق عليهم قول «الصحاف» فإما انهم «خنازير» أو انهم «مرض» في جسد المجتمع لا شفاء منه إلا بموتهم لأنهم لم يسهموا في بناء الوطن ولا في توظيف أبنائه!!؟
|