كانت جريدتنا المحبوبة الجزيرة تصلني صباح كل يوم فأستفتح بقراءتها بنشاطي اليومي، فهي والمجلات الملحقة بها تشبع باتجاهاتها الفكرية المتنوعة ذوق كل قارىء لها، وسر ذلك يكمن في ان اسرة تحريرها وعلى رأسها ابو بشار الاستاذ خالد المالك قد استقطبت اقلام نخبة من ادبائنا.
وفي يوم من الايام الماضية لم اجد الجزيرة مودعة في صندوقها المثبت بجانب باب منزلي، فظننت ان الموزع قد لبثه لابث عن ذلك، لكنه تكرر في اليوم الثاني، فقلت في نفسي: ان يومين متتالين لم تصلني فيهما يشكلان امرا لافتا للنظر بالنسبة لي، ويتطلب سؤالا عن السبب فاتصلت بقسم التوزيع في الشركة، فأفادني ان ليس لديه ما يفيد بتوقيفها وانه سوف يؤكد على الموزع بوضعها في الصندوق، وسوف يسأله عن السبب ولما عرفت السبب تبددت التساؤلات واستيقظت قريحة الشعر لمداعبة الصندوق فقلت:
فقدت الجزيرة هذا الصباح
وما كنت احسبها تفتقد
فصندوقها كان منها خلا
ويسأل .. هل حادث فيها جَدْ
وقال ألستَ بها كاتبا
سنين اذا ما أردتُ العدد
تنيف على ربع قرن مضى
وما كنت يا احمد تحتمدْ
فقلتُ تخرصت هذا الكلام
واني لدى اهلها معتمدْ
غداً تُلقى فيك كما اعتدتها
ويطوي تساؤلك اليوم غد
وان كنتَ باللوم ملقٍ فما
لك الا الموزع في ذاك بُد
فلمه اذا كان يفهم لوما
وقل له لست «بكيرلا» الهند
وثق انه قد نسي ما تناسى
وما له معنى بذاك وقصد
|
|