وأمسكت القلم وبدأت أدنيه من الورق شيئا فشيئا وأخيرا وضعته على الورقة وهاهو الآن استقر وهممت بالكتابة وحركت القلم بهدوء لاكتب، ولكن ما لبثت أن توقفت وسألت نفسي وماذا أكتب وما هي العبارة التي سأنقلها من أفكاري لاسطرها على الورق وما هي الكلمات التي تجيش في صدري، الآن ليعبر عنها القلم؟ لست أدري الشيء الذي أدريه إنني أريد أن أكتب. وتنهدت واستجمعت الأفكار وحاولت ان أجري القلم مرة ثانية وبدون جدوى عاودت الوقوف والتفكير مرة ثانية وسألت نفسي، لماذا أنا حملت القلم وبماذا سأحدث الورق وأجبت نفسي على هذا السؤال: إنني حملت القلم لأخفف من ضيق في صدري لأحاول التفريج عن نفسي ولأعلل أسباب هذا الضيق ومن أين جاء ولكن وبعد البحث والتدقيق لم أحظ بنتيجة لم أجد بغية نفسي لم أدر لماذا أنا اليوم غير راض عن الدنيا بأكملها لا تساوي في عيني جناح بعوضة لماذا أنا اليوم وكأني في بوتقة مظلمة حجب عنها النور والسرور وبعكس الأمس الذي تخيلت فيه ان الدنيا ملك يدي وان ما فيها تحت تصرفي وكل ساعة فيه تعدل ثانية واحترت من هذا الفرق الشاسع بين يومي وأمسي وازدادت حيرتي وانهمكت في تفكير عميق وما هي إلا لحظات حتى قادتني ذاكرتي للحكمة المأثورة والتي طالما رددها لساني يوم لك ويوم عليك ووقفت متأملا بهذه الحكمة وأخيرا طبقتها على حياتي، وإذا هي كذلك وأدركت من هذا المفهوم ان الدنيا لابد ان نتحملها برضا تام بما فيها من متناقضات لابد ان نعيش مسرورين بيوم السرور ومسرورين كذلك بيوم الشقاء.
|