عزيزتي الجزيرة..
قرأت بإمعان مقالة عبدالعزيز بن صالح الدباسي بصفحة العزيزة بعدد «الجزيرة» 11189 في يوم الأحد 17 من ربيع الأول 1424هـ ص30 حيث طرح وجهة نظره حول ظاهرة الطلاق «أبغض الحلال إلى الله» ووجه جميع أولياء الأمور بالسعي إلى حل أي مشكلة بين بناتهم وأزواجهن قبل أن يستفحل الأمر ويصل إلى الفراق ويصبح الأولاد ضحية ذلك من فقدان الحنان والعطف والأبوة والأمومة والتربية عندما يتزوج كل منهما ويترك اولاده للضياع، وأمرُّ مِن ذلك مَنْ يترك زوجته معلقة ويتزوج بأخرى رامياً وراء ظهره أسرة بأكملها، ولعل مناسبة الفراق والهجران وذكر الطلاق تجعلني أشير إلى ان الأمر يتطلب ايجاد مكاتب للتوجيه والإصلاح في كل محافظة.. وزيادة تفعيل المكاتب الموجودة في المناطق ودعمها مادياً ومعنوياً وايجاد المؤهلين حتى تحقق الأهداف المنشودة منها، كما يمكن تطويرها إلى لجان اصلاح ذات البين ودعمها لتواصل مسيرتها في فعل الخير والإصلاح والتوجيه يقول الله تعالى: {فّاتَّقٍوا اللهّ وّأّصًلٌحٍوا ذّاتّ بّيًنٌكٍمً وّأّطٌيعٍوا اللّهّ وّرّسٍولّهٍ إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ}.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة» بمعنى انها تحلق الخير أي تستأصله كما يستأصل الموس الشعر.وروى الإمام البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين اثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة ويميط الأذى عن الطريق صدقة».
هذا الحديث يدل على فضل الإصلاح بين المتخاصمين والمتقاطعين ومن وقع بينهما طلاق رجعي أو مشكلة زوجية.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب: «ألا أدلك على تجارة يُحبها الله ورسوله؟ تصلح بين الناس إذا تباغضوا أو تفاسدوا» وقال: «من أصلح بين الناس أصلح الله أمره وأعطاه بكل كلمة تكلم بها عتق رقبة ورجع مغفوراً له ما تقدم من ذنبه».والصلح بين الناس بالتي هي أحسن يتطلب جهداً وأسلوباً شائقاً وثقافة دعوية ونزولاً إلى أذهان المتخاصمين والانصات لهما وتقبل كل ما يطرحونه ومحاولة معالجة الأمر بالحسنى ورحابة الصدر وهذه وظيفة رفيعة.
ولقد أوجدت وزارة العدل مشكورة عدداً من مكاتب التوجيه والإصلاح تابعة لمحاكم الضمان والأنكحة لتكون عوناً لأداء رسالة المحاكم كما ان هناك مكاتب أخرى مساندة تؤدي الدور المطلوب منها لكن يتبقى تعميمها في جميع المحافظات لتخدم المدن والقرى، فالمشاكل غالباً تكثر في القرى والهجر والأماكن النائية بفعل قلة الوعي وانعدام الثقافة ووجود التعصب ونحو ذلك وحبذا أن تكون مكاتب الاصلاح والتوجيه تابعة للمحاكم ومكاتب اصلاح ذات البين تابعة للمحافظات، ويقصد بأهداف مكتب التوجيه والإصلاح حل الخلافات الزوجية أما إصلاح ذات البين يهدف إلى حل المشكلات بين الاخوة والأقرباء وعموم الناس، مما يتطلب للثاني توفير النواحي المالية للاسهام بسداد دين أو دية أو شراء محل نزاع أو التنازل عن مشكلة ما بمقابل ونحو ذلك، ويدرك الجميع ان المشاكل شرٌ لابد منه فالنسيم لا يهب عليلاً دائماً والجو قد يتعكر والزوابع قد تثور ومع ذلك فالتعقل مطلوب وعدم تفخيم الزلة مرغوب والثاني أمر يستدعيه الموقف. والخلاف والطلاق بغيض إلى الرحمن ولا يفرح به إلا الشيطان يقول صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم أي أقربهم منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول الشيطان له: ما صنعت شيئاً ثم يجيء آخر فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه الشيطان منه ويلتزمه ويقول: أنت أنت أو يقول: نعم انت» رواه مسلم. هذه كلماتي كتبتها ولا يزال لساني ينادي «رفقاً بالقوارير»!.
حمد بن عبدالله بن خنين - الدلم
|