تمثل سلسلة التفجيرات التي تعرضت لها رياضنا الحبيبة وأودت بحياة الكثير من المسلمين وغير المسلمين طعنة نافذة في جبين المرتكز الأمني الوطني. وبغض النظر عمن نفذ هذه الأعمال المشينة فإن الواجب الوطني يقتضي ضرورة الإسراع بتجميد الجراح وإعادة النظر ليس فقط في التداعيات الخطيرة التي خلفتها هذه التفجيرات ولكن أيضا في المنظومة الوطنية الشاملة لكافة متغيرات ومجالات الحياة المختلفة. فإذا كان من غير المنطقي قبول فرضية تسبب الاسترخاء الأمني في حدوث مثل هذه الأعمال التخريبية، فإن من غير المنطقي أيضا قبول فرضية استمرار التواجد الأمني المكثف في الطرقات وحول المباني الرسمية وغير الرسمية التي يمكن أن تكون هدفاً مستقبلياً لمثل هذه الأعمال. كما أنه من غير المنطقي أيضا الاستمرار في تحميل المتغيرات الخارجية مسؤولية قيام عناصر من الداخل بمثل هذه الأعمال التي تطال تداعياتها استقرارنا الوطني بمكوناته المختلفة. المنطق السليم يفرض علينا التفكير بعمق في أصل المشكل والأسباب التي أدت إلى تحول مثل هؤلاء الشباب إلى قنابل موقوته تنتظر فرصة الانفجار في الوقت الذي تراه مناسباً وفي المكان الذي تراه مشروعاً. وفي اعتقادي أننا نحتاج إلى الإجابة على بعض التساؤلات ذات الصلة بالمشكلة ومكوناتها الرئيسة مثل:
ما هي الإجراءات التي اتخذها المجتمع لإعادة تأهيل الشباب العائد من الجهاد ليكونوا مؤهلين للتعايش مع المجتمع المدني؟ وهل وضعت الخطط العلمية وصممت البرامج التوعوية لتنقية الفكر العائد من مؤثرات الأفكار الخارجية؟ ما هي الخطوات العملية التي اتخذها المجتمع لتنقية الاقتصاد السعودي من مخاطر وتداعيات البطالة التي ألقت بظلالها على مختلف الأسر السعودية؟ وما هي التدابير التي اتخذت للحد من استمرار تدفق الشباب الى الخارج لاستكمال دراستهم الجامعية بعد أن رفضتهم جامعاتهم الوطنية؟ وهل بعد كل هذه الأحداث ثبتت الحاجة إلى تسهيل إجراءات منح القطاع الخاص الفرصة لتقديم خدمة التعليم العالي؟ ما هو مستوى تأثير القيادات الدينية على قطاع الشباب وهل بالفعل تمتلك هذه القيادات المهارة المطلوبة لتجسير الفجوة بينها وبين فئة الشباب؟ وهل الانتماء الوطني يتحقق بمجرد حمل الهوية الوطنية، وما هي الإجراءات الضرورية التي تكفل زيادة هذا الانتماء إلى المستوى المنشود؟ ما هو مستوى العدالة الاجتماعية والإدارية في مجتمعنا السعودي وهل نحتاج بالفعل إلى اتخاذ إجراءات عملية لتحسين هذا المستوى؟
أسئلة عديدة أعتقد أننا نحتاج إلى السرعة في الإجابة عليها وإلى السرعة في اتخاذ خطوات عملية لتصحيح الخلل الذي قد يبدو لنا بعدأن نجيب على هذه الأسئلة. الوقت لم يعد يتسع إلى الكلمات الرنانة والجمل النفاقية التي قد يلجأ لها البعض خاصة وأن الأحداث الحالية قد كشفت أهمية التعامل بشفافية وشجاعة عالية مع أنفسنا ومع بعضنا البعض ومع قياداتنا ومع واقعنا بمجالاته الاقتصادية والأمنية والفكرية والسياسية. نحتاج في الواقع إلى شفافية من نوع خاص حتى نستطيع حماية مجتمعنا وصيانة مكاسبنا ومنجزاتنا الوطنية. فهل يتحقق ذلك؟ نتمنى ذلك.
|