ينظر سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى اخوانه الأكبر منه سناً نظرة اجلال وتقدير وتوقير، فقد تعلم أبناء الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في مدرسة والدهم العظيم احترام وتوقير من يكبرهم سناً من اخوانهم ولو بيوم واحد، انها مدرسة الخلق الرفيع والقيم النبيلة والدين القويم والعروبة الأصيلة، مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي لم يكن مؤسس ملك في جزيرة العرب فحسب بل كان مؤسس مدرسة اخلاقية عظيمة ترسم القدوة الصالحة للأبناء توارثها الآباء والأجداد.
من هذه المدرسة تخرج أبناء الملك عبدالعزيز النجباء الذين تولوا الملك من بعد أبيهم، الملوك سعود وفيصل وخالد -رحمهم الله- وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظهم الله.
وقد عاصر سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز هؤلاء الملوك وكان موقع ثقتهم ومحبتهم وتقديرهم كما كان مثال الوزير الواعي برسالته المحب لمليكه، المخلص لوطنه، وكان نعم الأخ المطيع لأخيه فيما فيه مصلحة الوطن.
كان سلطان بن عبدالعزيز نموذجاً يحتذى في علاقته بإخوانه الملوك والأمراء احتراماً وحباً وولاءً واخلاصاً لايعرف الحدود.
تسلّم أمانة ثلاث من أهم الوزارات في عهد أخيه الأكبر الملك سعود وهي وزارات الزراعة والمواصلات ثم الدفاع. وقربه اليه الملك فيصل وأحبه حباً كبيراً
وجعله مرافقه في كل رحلاته الخارجية والداخلية وهو اليوم نعم العضد ونعم الأخ لاخويه الكبيرين خادم الحرمين الملك فهد وولي العهد سمو الأمير عبدالله يقودون سفينة الخير المباركة يداً واحدة وكلمة واحدة ورأياً واحداً وكأنهم قد اجتمعوا في رجل واحد.
سموه يسعى بين يدي سمو ولي العهد الأخ الأكبر يحفه بالاحترام ويحوطه بالحب ويفديه بمهجة القلب.
لن ينسى هذا الشعب لسلطان عظمة مواقفه وروعة أخوته؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر في حفل تسليم جوائز الملك فيصل العالمية سنة 1408هـ وأمام جمهور يزيد على 500 شخص شاهد الناس جميعا سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يهم بتناول كوب ماء أمامه على المنضدة التي تبعد عنه حوالي
نصف متر فإذا بسمو الأمير سلطان يسبقه إليه، ويتناوله فيقدمه إلى سموه منحنياً له بإجلال واحترام فيتناوله منه سمو ولي العهد ناظراً إليه بعين ملؤها الحب والإعجاب بوفاء سلطان وفروسيته ومحبته.
إن من يتتبع هذه العلاقة التي جمعت بين جميع أبناء الملك عبدالعزيز عامة وبين هؤلاء الاخوة الثلاثة المليك وولي العهد والنائب الثاني يجد فيها مثال الاخوة الخالصة والوفاء النبيل والمحبة العميقة والايثار العظيم.
ورغم المقامات العالية التي بلغها كل أبناء الملك عبدالعزيز، وبلغ سلطان بن عبدالعزيز ما بلغه من سن ومرتبة إلا انه يصر على مخاطبة اخوانه الأكبر منه سناً
«بسمو سيدي» فلنتأمل هذا الأدب الجم الرفيع -على سبيل المثال- في كلمة أشاد فيها سمو الأمير سلطان بموقف سمو ولي العهد من القضية الفلسطينية: يقول سلطان:
«أعتقد ان سمو سيدي الأمير عبدالله ولي العهد أدى واجبا كبيرا في ايضاح موقف المملكة من هذه القضية للولايات المتحدة».
وفي وضع آخر يقول «موقف المملكة في مؤتمر القمة الذي تبرع فيه سمو سيدي الأمير عبدالله ولي العهد بمبلغ 250 مليون دولار لاخواننا الفلسطينيين سواء للقدس أو للشهداء يعني سموه عمل هذا حتى لايكون مصدر ازعاج لجميع اخواننا العرب».
ومثال آخر على طاعة ولي الأمر والحرص على تنفيذ توجيهاته على أكمل وجه، ومتابعة ذلك عندما رفع سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز خطابا تعميما في
شهر ذي الحجة 1422هـ حول الملاحظة ان كثيرا من المعاملات التي يصدر توجيه سام حيالها أو تتضمن حقوقاً للناس لا تأخذ طريقها إلى التنفيذ بشكل عاجل يحفظ الحقوق ويصونها وبالتالي تكثر الشكاوى والتظلمات.
رفع سمو الأمير سلطان إلى سموه خطابا يتضمن حرص سموه على العمل مما جاء في خطابه ومما قاله سموه في هذا:
أشير إلى أمركم الكريم رقم 973 في 20/11/1422هـ حول الملاحظة ان كثيرا من المعاملات التي يصدر توجيه سام حيالها أو تتضمن حقوقاً للناس لا تأخذ طريقها إلى التنفيذ بشكل عاجل يحفظ الحقوق ويصونها وبالتالي تكثر الشكاوى والتظلمات إضافة إلى الملاحظة على كثير من الجهات الحكومية رفعها لطلب اعتمادات مالية خارج الميزانية رغم الوضع المالي المعروف. وكذلك ما لوحظ من استمرار بعض الجهات الحكومية في تأخير رفع ما لديها من مواضيع تستدعي البت فيها من قبل المقام السامي أو رفعها بشكل آخر لايعطي صاحب القرار فرصة تمكنه من النظر في الموضوع بكامل خلفياته.
سيدي ان ماورد في الأمر الكريم بعاليه من توجيهات وما تضمنه من استشهادات لهو خير دليل على استشعار سموكم الكريم لعظم المسؤولية ونقل الأمانة التي أولاكم الله إياها متخذين من كتاب الله تعالى نبراسا ينير لكم الطريق، ولقد وضعتم حفظكم الله نصب عينيكم طاعة الله واعلاء دينه واستجابة أوامره في المقام الأول تلك التي يوفق من خلالها الراعي وتسعد بها الرعية.
ولا يستطيع احد ان يزعم لسمو الأمير سلطان علاقة عادية مع أحد من اخوانه بل هي دائماً فوق العادية ودائماً «متميزة» و«مثالية» وترسم «القدوة». فهذه علاقته بأخيه سمو الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز وطيدة منذ الطفولة لتقاربهما في السن ولعل مرافقه سمو الأمير عبدالرحمن لسمو الأمير سلطان في أغلب أسفاره ومهامه قبل ان يتولى الأول نيابة وزارة الدفاع وثقت هذه العلاقة الخاصة.
وأصبحت علاقة عملية متينة بعد ان تولى الأمير عبدالرحمن منصب نائب وزير الدفاع في 16/1/1403هـ.
يذكر ان الأمير عبدالرحمن التحق بمدرسة في ولاية كاليفورنيا تجمع بين تدريس المقررات الثانوية اعطاء برنامج خاص لتأهيل الطلبة للالتحاق بالكليات العسكرية ودرس العلوم العسكرية في الأكاديمية العسكرية في سان ديجو ثم التحق بكلية الاقتصاد في سان مانيو.
وهكذا علاقات سلطان باخوانه لاتحكمها فقط موجبات المناصب بل يحكمها أساساً حق البر بالاخوة العظيمة والوفاء للوطن المقدس والعمل بكل ما أمر الله سبحانه وتعالى به في هذين الحقين. حفظهم الله جميعا ذخراً لهذا الوطن ووقاه الله بهم من كل سوء، وجعلهم «قدوة صالحة» للأجيال من بعدهم.
|