من طبيب إلى كل من هو ليس بطبيب
تحية طيبة وبعد:
نفيدكم نحن معشر الأطباء عن بعض معاناتنا الاجتماعية والنفسية التي ترجع بداياتها إلى الصف الثالث الثانوي حيث الضغط النفسي ومواصلتنا الليل بالنهار لتحصيل مجموع يؤهل لكلية الطب. أما مشوار كلية الطب فأشبه ما يكون بسفينة في بحر هائج تتلاطمها الأمواج من كل جانب:
فهذا استشاري «يفش خلقه فينا»، وهذا مريض يقول تتعلمون علينا، وهذه ممرضة تقول: إنت ما في دكتور.
وتمر 7 سنين عجافا لا يعقبهم سمان، وبعد وصول السفينة إلى بر الأمان والنجاح من الكلية إذا بغابة مظلمة كثيرة الأشواك وهنا إما ان تكون أو لا تكون.. هنا تبدأ مرحلة انفصام الشخصية بداخله، انه سعادة د. (......) أما خارجه فهو المعقب وعقبات التعيين وبداية الأبحاث «وليس البحث الطبي» وإنما البحث عن واسطة وأحدث المعارف الاجاويد والبحث عن برنامج قبول للتدريب، ولكنها عقبات يرقق بعضها بعضا، ثم تبدأ رحلة البحث عن الاختصاص وتمر خمس سنين وكأنها خمسون عاما ولا سيما ان كان الابتعاث خارجياً، ولسان حال زوجته وأولاده يقول: يا ليت ابانا ما صار دكتورا، عجَّز وهو مبهدلنا معه لا وقت ولا مال حتى البيت ايجار.
وكلما أراد الراحة والاسترخاء، قال له المرضى بصوت واحد: حرام عليك الطب خدمة إنسانية «كلمة حق اريد بها مصلحة» وكأنهم جردوا الطبيب من كل حق أسري واجتماعي.
يريدونه كالشمعة تحترق لكي تضيء الدرب للآخرين، فهذا يطالب برقم الجوال وكأنه برنامج «طبيب على الهاتف» وآخر يريده لأمر مهم وعاجل، ويطرق الباب دون موعد سابق ويقول.. لو سمحت يا دكتور شعر ابنتي يتساقط، وآخر يطالب بتقديم موعد أو تأخيره وكأنه منسق مواعيد.. أما المناسبات الاجتماعية فهي تنقلب إلى عيادات خارجية.
وخلاصة الولائم تنفتح شهية الحاضرين ليس للأكل فقط بل للأسئة الطبية الدقيقة، فهذا يسأل عن كمية السعرات الحرارية في جلد الدماغ وآخر يسأل هل الروبيان يقوي.. وكأنه استشاري تغذية وفحولة، ثم يذهب إلى المنزل وهو يدعو الله ان لا يرى أحد المرضى الثقيلين في المنام ويسأله هل يحق للطبيب ان ينام؟
إن ما يعانيه كثير من الأطباء من ضغوط اجتماعية سببها الرئيس هو التركيبة الاجتماعية الانانية «نفسي نفسي» فلها، انعكاسات سلبية على جودة أداء بعض الأطباء.
اعرف أحد الأطباء يسمي عيادته: عيادة جبر الخواطر لأنه يعاين 3 أضعاف عدد المرضى المسجلين، وهذا يؤثر سلباً على نوعية الخدمة وتحجم من ابداعه.
إن بعض الأطباء يعاني مشكلات اجتماعية ونفسية بسبب مثاليتهم وتفانيهم في التعامل مع المرضى، وهو ما أدى إلى تقصير وفشل اجتماعي وأسري.
طلب كل طبيب من مرضاه:
احترام وقت الطبيب وخصوصيته وعدم طلب رقم جواله أو منزله.
عدم الاكثار من الأسئة الطبية في المناسبات الاجتماعية.
احترام مواعيد المستشفى وعدم طلب تقديم موعد أو تأخيره إلا لحاجة ماسة.
لا تتصل خلال العيادة لأن هذا وقت مريض آخر وهذا يشتت أفكار الطبيب.
التمس للطبيب الف عذر إذا تأخر موعدك لأنه قد يواجه حالات صعبة تحتاج إلى وقت أطول.
الطب تخصصات فلا تسأل طبيب الجلدية عن علاجات الضغط والسكر.
أخيراً أقول: رفقاً بالأطباء.
|