كما هي النار من مستصغر الشرر.. فإن ما يعرف بالسلوك غير السوي يبدأ أولاً بارتكاب الشخص لتصرفات صغيرة خاطئة خارجة عن المألوف والإطار العام ثم تأخذ صفة الكبر والاتساع.. وهي تنمو ككرة الثلج.
.. هذا هو وللأسف واقعنا الذي نعيشه ونرفض الاعتراف به ولا نسارع للحيطة واتخاذ الوسائل والتدابير اللازمة للحيلولة دون اتساع رقعته وتنامي ذلك السلوك إلا بعد وقوع الفاس على الرأس!!
.. ان مصادر تربية الفرد منذ الصغر وهي مسؤولية مشتركة تنطلق أولاً من الأسرة ووسائل الاعلام والنادي.. كلها معنية جداً بمسألة الانضباط وتشكيل ذلك السلوك إن كان سلبا أو إيجاباً!!
.. في حياتنا اليومية ثمة سلوكيات غير سوية قد نرتكبها ونشاهد الآخرين كذلك يمارسونها.. ولا أحد يستطيع ان يتصرف وفق ما يمليه عليه ضميره من توجيه النصيحة والأمر بالمعروف وبالموعظة والكلمة الحسنة! فقط وهذه عادة.. نعلن رفض الخطأ في قرارة أنفسنا من دون القيام بمبادرة صادقة لتصحيح تلك الصور الخاطئة جداً!!
وهناك عدة أمثلة يمكن الاستشهاد بها من على أرض الواقع سوف أسوق بعضاً منها.
.. يرتفع صوت الهاتف الجوال في أماكن يجب احترامها كالمسجد والمستشفى وأثناء حضور محاضرة وحتى في حالة دفن الميت!
.. في ساعات متأخرة من الليل نرى الشباب المراهق يتجول بسيارته داخل الأحياء السكنية بلا حسيب أو رقيب ويمارس شتى أنواع الازعاج للآخرين.
.. تحدث مخالفات لا حصر لها في الشوارع والطرقات وانتهاكات صارخة للأنظمة والقوانين.
وغيرها كثير جداً من الأمثلة التي تكشف عن حجم المعاناة!
ولكن لماذا هذا الانفلات الخطير والخروج عن السلوك السوي؟
.. الإجابة وباختصار تتمثل في كلمة واحدة هي (التربية).
ان وسائل ومصادر التربية التي ذكرتها آنفاً تشترك معا في العمل على بناء ورسم شخصية الفرد..
وكنتيجة حتمية للأوضاع المتردية يمكن القول وبكل صراحة أنها تتحمل المسؤولية وقد أثبتت فشلها الذريع في تخريج الأكثرية من الشباب الذين يمكن وصفهم بالايجابيين والأسوياء.. وتكاد تجزم بأنه لا توجد سوى نسبة ضئيلة جداً من الفئة الانضباطية التي تتمسك بمبدأ احترام الأنظمة والقوانين والأهم من ذلك احترام الشارع العام والآخرين ورفع شعار (حريتي تتوقف عندما تطول حرية الغير).
.. ومع احترامي الشديد لكل من طرح وجهة نظر وأدلى بدلوه على خلفية كارثة تفجيرات الرياض.. وما وجدت سوى جلد للذات ورشق الاتهامات لهذه الفئة أو تلك.
.. المشكلة معروفة وقد أصبحت ماثلة للعيان.. وتكاد تكون مسبباتها واضحة بنسبة 110% لكن أين هي الحلول المقترحة التي يمكن ان تساهم مستقبلاً في درء الأخطار المحدقة بنا وتعمل على تهذيب وإعادة ذلك السلوك غير السوي والبعيد كل البعد عن (الوسطية) والمألوف.
.. أكاد أصعق بالدهشة والحيرة حينما يرمي أحدهم المسؤولية كاملة على جهاز معين وفي هذا جنوح جائر ولا يستند على أسس ومبررات منطقية!
.. علينا ان اردنا الوقوف على الحقيقة بكل تجرد وموضوعية.. ممارسة المصداقية التامة والنزاهة والتأكيد على اننا جميعاً (شركاء) في عملية بناء الشباب (وإعداده نفسيا واجتماعياً، روحاً وفكراً.. وألا ننتظر من على (مدرجات) المتفرجين أي من قطاعات الحكومة ان تعمل هكذا بهدف الاصلاح!!
مطلوب تحرك سريع وعاجل لمواجهة الحالة بحيث تتظافر الجهود وتأخذ صفة التوحد كمشروع وطني متكامل معنوياً ومادياً من أجل تفعيل خطط التنمية والبناء وإثراء العمل التطوعي وخدمة المجتمع ومشاركة قطاع الشباب وتواجده على كافة الأصعدة والميادين ليتنامى لديه الشعور بالانتماء والولاء الصادق للوطن (عملاً وليس قولاً).
.. أريد مثلا دوراً فاعلاً للبنوك والشركات الكبرى التي تحقق أرباحاً خيالية من (داخل المجتمع السعودي) ان تبادر بدافع الانتماء بطرح نسبة معينة من الأرباح في مشروع يراد به خدمة وتنمية المجتمع كتوفير الوظيفة لعدد من الشباب وإلحاق عدد من الخريجين للدراسة في الجامعات على حسابها.. وغير ذلك من الأفكار التي تستطيع الشركات والبنوك ان تترجمها إلى خطوات عمل تساهم في بناء الشباب وتوفير عوامل الأمن والأمان له (نفسياً واجتماعياً).. وسامحونا!!
سامحونا بالتقسيط المريح
* بالحب وحده.. تبدأ عملية البناء.
* الشعور بكراهية الغير.. مرض متأصل يجب القضاء عليه نهائياً.
* الذين ينادون دائماً بنشر لغة الحوار.. عليهم أولاً معرفة الأسس التي يرتكز عليها مفهوم الحوار.
* حرية... صغيرة جداً تتشكل من أربعة حروف ولكن العبرة في المعنى.. كبير جداً جداً..!!
* متى نتعلم كيفية احترام الآخرين وقبول وجهات النظر التي ليس بالضرورة تماثلها لتوجهاتنا (صورة طبق الأصل).
* يا ليتها كانت ضربة قاضية للذين يرفعون شعار (إن لم تكن معي فأنت ضدي).. ألا يعرف هؤلاء أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع...
وسامحونا!!
|