سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة.. حفظه الله
تعقيباً على ما قرأته في جريدة الجزيرة الغراء يوم الأحد الموافق 25 من صفر 1424هـ العدد 11168 السنة 44 عن موضوع: «المعلمات والطالبات طالبن بإلغائه.. النشاط الطلابي بين جمال الفكرة وخطأ التفعيل» الذي طرح من خلال آراء بعض المديرات والمعلمات وكذلك الطالبات، فمنهن من قالت ان النشاط مضيعة للوقت ومنهن من قالت انه هدر للطاقة ومنهن من أرادت ان يكون له بدائل مفيدة كنظام الدورات وأخرى أضافت بانه مكروه في المدرسة وتطالب بإلغائه!؟؟
لقد أثارني ذلك الموضوع مما جعلني لا استطيع ان آخذ قيلولتي في ذلك اليوم بعد قراءتي لذلك... فأخذت أتساءل لماذا النشاط مضيعة للوقت؟؟ وهدر للطاقة؟؟!!
قالوا قديماً: إن لكل إنسان وجوداً وأثراً، ووجوده لا يغني عن أثره، ولكن أثره يدل على قيمة وجوده.ولا بد ان لكل واحد منا طموحات وأحلاماً يريد ان يحققها فإما ان تكون قائداً ناجحاً في هذه الحياة، تقود نفسك نحو معانقة القمم أو ان تعيش على هامش هذه الحياة.
لماذا لا تستغل المعلمة حصص النشاط استغلالاً صحيحاً بفكرها وطاقاتها لتخرج إبداعاتها وتبث الفكرة المثالية التي تؤمن بها في جماعتها لتحملها على معاونتها في تنفيذ الفكرة رغم كل العقبات..
«فالنشاط المدرسي يعتبر من أهم الوسائل التربوية التي تسهم في تربية الأبناء في جميع مراحل التعليم تربية متوازنة متكاملة، فكراً، وجسماً، وعقلاً لتنشئة الأجيال الصاعدة أقوياء سعداء مزودين بأسس اللياقة البدنية والنفسية والصحية والعقلية والاجتماعية، ليكونوا لبنات قوية في تحقيق تقدم ونهضة المجتمع...»، ومن الأمثلة على ذلك ما استحدثته الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض «الدكتور المعيلي».
وحدد المعيلي مهام شعب النشاط وقد أصدر النشاط الطلابي مشروعاً متكاملاً لهذه الشعب يحدد علاقة مشرف النشاط بمراكز الإشراف التربوي.
من هذا المنطلق تولي وزارة التربية والتعليم ممثلة بالإدارة العامة لنشاط الطالبات بشؤون تعليم البنات عناية خاصة للأنشطة المدرسية غير الصفية إيماناً منها بأهمية النشاط الطلابي باعتباره وسيلة لاكتساب خبرات جديدة وإشباعاً لميول ورغبات الطالبات وتنمية مواهبهن بما يعود عليهن أولاً بالنفع ثم على مجتمعهن وأمتهن في التحليل النهائي.
فالنشاط والحركة هما العلامة الواضحة لوجود حياة في الأبدان، وبدون النشاط يصبح كل شيء خامداً فالكون منذ خلق في نشاط مستمر ودائم {وّكٍلَِ فٌي فّلّكُ يّسًبّحٍونّ} ولقد كرَّمنا المولى عز وجل بأن فضلنا على سائر خلقه بالعقل والبصيرة، وتحملنا الأمانة التي تخلت عنها السماوات والأرض والجبال، ومن أعظم الأمانات أمانة التربية والتعليم وتنشئة جيل يخدم أمته ووطنه، لذا فقد كان للتربية والتعليم نشاطات متنوعة تنطلق بالعملية التعليمية في آفاق رحبة آفاق الإشراق والإبداع. ومن هنا انطلق مخطط التربية والتعليم لأن يكون للنشاط دور بارز في مراحل التعليم المختلفة، فكان مطلباً هاماً، وأساساً لبناء العملية التعليمية.ولم أعرف في حياتي مرادفاً للفتاة سوى الزهرة الندية في روعة شذاها وعذوبة محياها.. تضم في جنباتها أطيب أصنافه وألذ أنواعه أما نقطة الاختلاف وعنق الزجاجة... هي كيف يُستخرج هذا الرحيق ويُفاد منه وهذا واجبي كأم وكأخت وكصديقة قبل كل شيء والأمة تعيش ظروفاً صعبة إذ تواجه حملة شعواء يشنها الإعلام المغرض لتلويث صورتها وخدش صفاتها.. فهي تحتاج وبقوة الى أفراد صالحين الطهر مسلكهم والإخلاص ديدنهم للنهوض بها وتصحيح صورتها التي يحاول المغرضون والوشاة تلويثها بزعمهم الكاذب.. فكيف يمكننا التعرف على أولئك الأفراد وكيف نستدل الطريق إليهم.. هذه مهمتنا الاصلية بكسر حاجز الرتابة والخروج عن العادة والمألوف والرقي بفتياتنا الى الغد الجميل بما يتوافق مع ديننا الحنيف وإعدادهن لمواجهة الحياة المستقبلية باختلاف ظروفها وتأهيلها للتفاعل مع معطيات الغد بنجاح لأنها الممثلة الأولى للفتاة «السعودية» وهي سفيرة للمجتمع الذي خرجت منه فهي تُمثِّل واقعه وحقائقه المختلفة التي يحاول الحاسدون تشويهها وإعتام نقائها، إذن فالأمر كبير ومهم بالفعل ودونما مبالغة أن هذا كله يبدأ من حصة النشاط لأنها ساعات قليلة تخرج فيها الطالبة من قيود الدراسة وتعاطي المعلومات والتفاعل الذهني الى التفاعل الجسدي والفني، ففي حصة النشاط يفتح الباب للمهارات الواعدة ان تغرد في سماء الواقع.. وان تتحول الطالبة الى كتلة من الإبداع في كل المجالات الثقافية والشعر والفن والعطاء العلمي والمهني دونما حدود دراسية والتفاعل بين الطالبات والمدرسة لا بد ان يؤتي ثماراً، أن ينتج إبداعاً ان يظهر المخزون الفكري للطالبة وان لا تقف العقول موقف الحافظ القابل فقط للإجابة على الأسئلة بل لا بد من التثقيف وإظهار المهارات المختلفة فطالبة اليوم أم في الغد، فكيف يكون إعدادها؟
لا طريق لذلك سوى المدرسة فهي تقضي فيها معظم وقتها ولا بد لهذه الثواني ان تبارك وتكلل بالإنتاج، عظيم الفائدة.
فلو حسبنا مدة إقامة الطالبة في المدرسة من بداية المرحلة الابتدائية حتى الثانوية العامة، وكم فيها من حصة تخصص للنشاط غير الصفي وجدناها ساعات طويلة بإمكاننا من خلالها زرع القيم والمبادئ الأصيلة في نفوس الطالبات. ولا بد ان نتذكر أنهن في عمر الإنتاج وقمة الطاقة وذروة القابلية للعمل والعطاء.. فلا بد من استغلال هذه الطاقة وتسييرها للمجال الأفضل.. مهما كلف هذا من غالٍ أو نفيس فسعادة تكسو قلوبنا بتقدم فتياتنا وازدهار مستقبلهن، تفوق زفرات الألم في الإعداد لهذا النجاح والتحضير له.. فالجني المنتظر أثمن وأغلى من عرق البذر، ولذة الحصاد أكثر روعة من مهر الفرس.. أنتِ الأساس أيتها المعلمة ذمتك وأمانتك سر النجاح وأساس التقدم.. أنتِ بانية الجيل ومعدة صنّاعه.. أنتِ قمة الطموح وأثمن المخزون.. يدك المباركة ان لا مستحيل فليكن كذلك أنت من يعطي إشارة البدء تمدين الأفكار الفتية والتي كانت مجرد حروف على الورق الى دنيا من الإمكانات والقدرات لتصبح واقعاً ملموساً وأشجاراً وارفة لتظل الجميع أنت بيدك مفاتيح ذهبية لتمنحي الإنسان القادر بل ذا القدرة الهائلة والذي نام لإهماله داخل كل فتاة من فتيات الجيل ليستيقظ ويسيطر على زمام تصرفها وتصورها.لقد وضعت رحلي في أحلى الشعارات التي يمكن لكل معلمة ان تنظر إليها بثقة لكي تزرعها كبذرة في نفوس طالباتها حتى يكنّ قياديات للمستقبل.
إن المديرة والمعلمة هي القائد والتي تترجم مهمتها ومسؤوليتها وأقوالها بأعمال إيجابية فليس تأثيرها من شعارات مرفوعة ولكنها التأثير الذي يكون في سلوك يغني عن الكلام ويترجم المهام والمسؤوليات في تؤدة وهدوء فتقدم الأعمال، وتزيد الإنتاج وتحقق الأهداف باختصار هي التي «تطبق قاعدة الأفعال أعلى صوتاً من الأقوال».
ماجدة بنت محمد الدهام/المشرفة التربوية لنشاط الطالبات - الجوف
|