غني عن القول.. أن المرأة الآن وسابقاً ولاحقاً هي شريكة الرجل في الحياة ومناحيها العامة والخاصة..
ولكل مجتمع الحق في أن يحدد الكيفية التي تتم بها هذه الشراكة وفق معتقداته ومعطياته.. غير أنه ليس من الحق مطلقاً أن تنحَّى المرأة جانباً لأن في إشراكها في الحياة وأدوارها إمعاناً في منحها الثقة بنفسها ودورها في الأسرة والمجتمع، ثم إن توسيع مجالات عملها هو استثمار كبير لطاقاتها ومخزونها الفكري والمعرفي وكذلك المهني..
وهو أولاً وأخيراً تقييد للأحادية الذكورية المسيطرة على مجالات هي أكثر مساساً بالمرأة وشؤونها وذائقتها.. في سوق العمل مثل الديكور والملابس والصناعات المتعلِّقة بالأواني والتحف والجماليات..
** والتوسع في مجالات عمل المرأة لا يعني فقط النظرة السائدة التي قد تبدو على السطح بأن تكون المرأة في أعمال سلطوية كوزيرة أو نائبة أو رئيسة أو خلاف هذه الوظائف القيادية.
مع أن هذا الأمر مشروع جداً، بل مطلوب إذا كان الأمر يتعلَّق بشؤون تخصها كوزارة للمرأة وشئونها أو رعاية للطفولة أو مؤسسات تتعلَّق بالمرأة وأمورها الشرعية..، أو إدارة مستشفيات نسائية خاصة.. لكنني أعتقد وأجزم بأن المستفيدات من توسيع مجالات المرأة لسن كبار الموظفات أو الطموحات منهن..
إن اللاتي سيجدن الاستفادة كبيرة من هذا الهدف الذي تتبناه الدولة - حفظها الله - في خططها الإصلاحية هن ضعيفات التأهيل، حيث سيجدن من خلال تنويع فرص العمل حظاً أوفر للانخراط في سوق العمل..
** فسوق العمل النسائي يكاد يكون وقفاً على الطبيبات والمعلمات والأكاديميات وموظفات الدبلومات المهنية كالسكرتارية والنسخ والتمريض وغيرها.. في وظائف عالية أو متوسطة.
** أو على كبيرات السن اللاتي يعملن كمستخدمات في الجهات النسائية وهي قليلة أيضاً..
أما البقية من النساء اللاتي يقعن بين هذا وذاك فلا يجدن مطلقاً فرص عمل جيِّدة أو حتى متدنية على الرغم من الطوابير الطويلة من الأسر الفقيرة التي تشكِّل المرأة بوضعها الاجتماعي حجر زاوية الفقر فيها كالأرامل والمطلقات ومن يماثلهن في الوضع المادي والنفسي.
** إن فقر المرأة أخطر بكثير من فقر الرجل.. والمزالق الأخلاقية التي تترصَّد المرأة تجعل المجتمع الإسلامي مسؤولاً مسؤولية كاملة عن تحسين وضع المرأة المادي والمعنوي لأنها اللبنة الأولى فيه ولأنها الحاضنة للأجيال فإذا لم تتمتع بالأمن النفسي والمادي فإنها تمثِّل تهديداً خطيراً على سلوكيات المجتمع..
** إن توسيع مجالات عمل المرأة لا يعني فصلها عن سياقها الديني والاجتماعي ولا يعني مؤشراً للاختلاط..
بل هو في حقيقته يعطي مؤشراً اقتصادياً هاماً يتضمن أفكاراً يتشارك القطاع الخاص مع الدولة في إنفاذه.
فالمصانع النسائية.. للبلاستيكيات والأواني والمشغولات الملبسية.. ومحلات النجارة والديكور والزينات النباتية والمشاتل قادرة على احتواء جهود المرأة وإيجاد فرص مهنية ملائمة لها.. تمنحها الكثير وتمنح مجتمعها ما هو أكثر..
ثم إننا في النهاية مطالبون كمجتمع تنموي بمعالجة الفقر بالعمل وليس فقط بالصدقات والهبات التي لا تستطيع الأسر الفقيرة التنبؤ بوقت مجيئها أو توقفها مما يوحي باختلال الأمن وفقدان الخطة الأسرية وطموحاتها المستقبلية..
** إن الفقير هو إنسان يحتاج لمن يعلي شأنه وإنسانيته بمنحه فرصة عمل يشعر أنه يعطي فيها ويأخذ.. وتحتاج المرأة الفقيرة إلى ذلك بشكل كبير يتجاوز الرجل الفقير بمراحل!..
|