Monday 26th may,2003 11197العدد الأثنين 25 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خوارج هذا الزمان خوارج هذا الزمان
عبدالرحمن بن سعد الحقباني*

كانت ليلة الاثنين 11/3/1424هـ ليلة هلع وخوف، ليلة نحر للمبادئ والقيم، ليلة صد عن سبيل الله، ليلة أظهر فيها المجرمون باسم الدين وجوههم الكاشرة عن حقد دفين، وقلوب مريضة، وفكر عفن منحرف تمثَّل فيما أحدثوه من تفجيرات في المجمعات السكنية بشرق الرياض العاصمة الهادئة الحالمة فيا ترى من هم هؤلاء؟ وما جذورهم؟ وما تاريخهم؟ وهل ما حملوه من فكر هو أصل في ديننا أم خارج عنه؟ وما الموقف منهم من قادتهم وعامتهم؟ وهل هناك أسباب أدت إلى بروز هذه الفئة وتغذية فكرها؟ أسئلة وأسئلة أخرى كثيرة تتطلب من كل مسؤول وخطيب وكاتب وأديب وكل مواطن أن يقف عندها حتى تتجلى الحقيقة، ويقرأ الحدث بحيادية وتجرد فلا يكون فعلنا وموقفنا رداً لفعل لا يسهم في العلاج بل يؤجج أوار الفكر وينفتح فيه ويوسع دائرته.
إن ما حدث فعلة نكراء وجريمة بشعة لا يقرها دين ولا عقل ولا ذوق سليم وهي تنم عن انحراف فكري ممتد الجذور منذ أن قال ذلك الرجل لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قسَّم الغنائم «ما عدلت يا محمد» فقال له صلى الله عليه وسلم «يخرج من ضئضئ هذا الرجل من تحقرون صلاتكم إلى صلاته وصيامكم إلى صيامه وقراءتكم إلى قراءته يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» وهم الخوارج الذين كفَّروا الصحابة واستحلوا دماء المسلمين فقاتلهم علي رضي الله عنه وظل هذا الفكر مخبوءاً في ضمائر من طبعوا على العدوانية والعنف، والحدة في التفكير غير أن فكرهم هذا لا يظهر في ظل انتشار العلم الشرعي الصحيح ووجود العلماء المعتبرين ممن أجمعت الأمة على قبولهم بالرجوع إليهم وهم الذين يستطيعون محاورة هؤلاء المنحرفين وتحييد بعضهم عن بعض وإفشال خططهم لأنه لا يمكن مواجهة أمثال هؤلاء بالأعيرة النارية ابتداء بل الحوار معهم والتعرف على دوافعهم ومصادر تلقيهم فهم يضحون بأنفسهم من أجل مبادئهم وعندما يكون الحوار والنقاش مركزاً على تلك المبادئ والأفكار بعد الاتفاق معهم على قواعد عامة للحوار فإن ذلك يكون أجدى وأقوى في معالجة الانحرافات.
إن الحوار أداة فعالة في حل كثير من المشكلات سواء قبل حدوثها أو بعد حدوثها ولكن هذا الحوار يتطلب جواً آمناً يستطيع معه الطرفان أن يعبرا عن وجهة نظرهما بأمان وحرية ودون تخوف من العواقب كما أن الحوار يتطلب محاوراً مقبولاً يملك القدرة على الحوار والمهارة في النقاش وحسن تقبل الرأي الآخر فالخوارج في عهد علي رضي الله عنه بدأ معهم الخليفة علي رضي الله عنه بالحوار ولكنه اختار عبدالله بن عباس مع وجود من هو أفضل منه علماً وأكبر سناً ذلك لأنه يمتلك من المميزات ما أهَّله للحوار والقبول لدى الخارجين فذهب ابن عباس رضي الله عنه وحاور الخوارج وكانوا خمسة آلاف وعاد منهم ومعه ألفان كلهم اقتنعوا برأيه والباقون هم الذين قاتلهم علي رضي الله عنه بعدما أقام عليهم الحجة، إن الموقف مع مثل هؤلاء في نظري الحوار وفك الشبكة واجتلاب عامتهم وتحييد قادتهم والمؤثرين منهم عندئذٍ يسهل التعامل معهم ومحاسبتهم ومحاصرتهم من جميع أفراد المجتمع وفئاته وعامته.

*أمين إدارة التعليم بالرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved