Monday 26th may,2003 11197العدد الأثنين 25 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خلل فكري وليس أمنياً خلل فكري وليس أمنياً
المحامي كاتب فهد الشمري

إننا جهات مدافعة ندافع عن الحق والمظلومين وما حدث بالأمس القريب في بلادنا من تفجيرات إرهابية لا يقبله دين ولا ضمير لأن ديننا الاسلامي هو دين السماحة والسلام والدفاع عن المظلوم دون استخدام أي عنف، وإنما باتباع الاساليب والطرق الشرعية والقانونية وما حدث لا يمت الى الشرع ولا الإسلام لذلك نحن نستنكره ونأمل من هؤلاء الذين يعبثون بأمن الوطن أن يعودوا الى رشدهم ويتذكروا أن ما يأتونه من أعمال لا يرتضيه ضمير أي إنسان يعتنق الدين الاسلامي ومبادئه فكل ما أتوه مناف للإسلام والتقاليد وأعراف هذه البلاد.
وإننا نشيد بدور حكومتنا الرشيدة في تعقُّب هؤلاء وتقديمهم للعدالة ونأسف أن تقع كل هذه الاحداث في قلب الأمة التي تعتبر المنار للاسلام وقبلة المسلمين في جميع أرجاء المعمورة.
وان الذين ارتكبوا هذه الجريمة الشنيعة بحق بلادهم هو ناتج عن تصرفات وأفكار اتوا بها من خارج المملكة وقاموا بها نتيجة خلل فكري وليس خللاً في جهاز الأمن الذي يفتخر به كل مواطن ومقيم، لأن الأمن هو أمن الجميع، ومثل هذه الاحداث قد تقع في أكثر دول العالم تقدماً من الناحية الأمنية، ولا يعني هذا وجود خلل في الاجهزة الأمنية والتي تضطلع في بلادنا بدورها كاملا في منع وقوع الجريمة ومحاربة مثل هذه الافكار المتطرفة غير أن محاكمة هذه الافكار والتصدي لها ليست مسؤولية الاجهزة الأمنية وحدها فالمسؤولية الدينية ايضا لها دور كبير في معالجة هذه الظاهرة، فمعالجة هذه الافكار هي مسؤولية المؤسسة الدينية بطريق الارشاد والتوجيه لمثل هؤلاء الشواذ الذين تأثروا بأفكار خارجية لعلهم يعودون إلى رشدهم ويحاسبون ضميرهم ويعودون إلى مجتمعهم أعضاء صالحين.
الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه لما جرى الحادث المروِّع حادث التفجيرات في مدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد على أيدي وحوش ضارية خرجوا على الدِّين وعلى الإنسانية واتخذهم الكفار مطية لهم للنَّيل من الإسلام والمسلمين، وكان فعلهم هذا نتيجة لجهلهم وغرورهم ونشأتهم السيئة وعزلتهم عن المجتمع وإعراضهم عن تعلم العلُّم النافع وأخذه عن أهله واقتصارهم على أفهامهم الخاطئة وآرائهم الكاسدة فشأنهم في ذلك شأن الخوارج المارقين الذين قتلوا الخليفتين الراشدين: عثمان وعليا رضي الله عنهما وهمُّهم بقتل معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما وقتل غيرهما من قادة المسلمين - أقول لما حصل في أيامنا هذا الفعل الشنيع تنفس المنافقون الصعداء وحمَّلوا مسؤولية فِعْلهم هذا على الدِّين وأنه السبب في تجرؤهم على المسلمين وعلى البشرية جميعا.
وقالوا قبَّحهم الله إن فعلهم هذا بسبب اعتناقهم لآراء شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغيرهما من أئمة الإسلام - هكذا يتطيرون بالإسلام وعلماء الإسلام مثل آل فرعون الذين قال الله فيهم: {وّإن تٍصٌبًهٍمً سّيٌَئّةِ يّطَّيَّرٍوا بٌمٍوسّى" وّمّن مَّعّهٍ }، وكما تطير المشركون بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله عنهم: {وّإن تٍصٌبًهٍمً سّيٌَئّةِ يّقٍولٍوا هّذٌهٌ مٌنً عٌندٌكّ}، وكما قال المنافقون في غزوة الأحزاب لما أصاب المسلمين ما أصابهم من الشدة والضيق كما ذكر الله عنهم: {وّإذً يّقٍولٍ المٍنّافٌقٍونّ وّالَّذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌم مَّرّضِ مَّا وّعّدّنّا اللهٍ وّرّسٍولٍهٍ إلاَّ غٍرٍورْا}، وكما قالوا يوم بدر في المسلمين: {غر هؤلاء دينهم} وقالوا يوم أحد: { لّوً كّانّ لّنّا مٌنّ الأّمًرٌ شّيًءِ مَّا قٍتٌلًنّا هّا هٍنّا } فما مقالة هؤلاء المنافقين في هذه الأحداث إلا كمقالة أسلافهم في الأحداث السابقة ولكل قوم وارث، إن دين الإسلام يُحرِّم الاعتداء بجميع أنواعه وأشكاله قال تعالى:{وّلا تّعًتّدٍوا إنَّ اللّهّ لا يٍحٌبٍَ المٍعًتّدٌينّ} وقال {وّلا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ أّن صّدٍَوكٍمً عّنٌ المّسًجٌدٌ الحّرّامٌ أّن تّعًتّدٍوا}، وقال{وّلا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى" أّلاَّ تّعًدٌلٍوا اعًدٌلٍوا هٍوّ أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى"} وإن هؤلاء المخرِّبين إنما أخذوا فكرهم الهدَّام من فكر الخوارج الخارجين من قبل على الإسلام، وأخذوه من دعاة الضلال الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها قيل: صفهم لنا يا رسول الله قال: هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، ولقد طالب هؤلاء المنافقون بإلغاء الولاء والبراء اللذين هما أوثق عرى الإسلام، وطالبوا بالغاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين هما ضمانة بقاء المجتمع الإسلامي، وطالبوا بالغاء الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، وطالبوا بتصفية المناهج من المواد الشرعية ودعوا إلى موالاة الكفار والمشركين وعدم التفريق بينهم وبين المسلمين فماذا أبقوا للمسلمين من أسباب النجاة؟! - إنهم ما قالوا هذه المقالات القبيحة إلا لأنهم متضايقون من الإسلام وأهله ولما سنحت لهم الفرصة أبدوا ما عندهم من الحقد والبغضاء للإسلام والمسلمين كما قال الله في وصفهم {وّلّتّعًرٌفّنَّهٍمً فٌي لّحًنٌ القّوًلٌ وّاللَّهٍ يّعًلّمٍ أّعًمّالّكٍمً } «ولكن سيكون شأنهم شأن أسلافهم من الذلَّة والهوان ولا يضرون إلا أنفسهم { قٍلً مٍوتٍوا بٌغّيًظٌكٍمً إنَّ اللهّ عّلٌيمِ بٌذّاتٌ الصٍَدٍورٌ }.
وإن الشدائد والمصائب لا تزيد المسلمين إلا تمسكاً بدينهم واقتداء بنبيهم وبأئمتهم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى كشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب اللذين جعلهما هؤلاء المنافقون نموذجاً للغلو والتطرف وهكذا لعمى بصيرتهم اعتبروا مصادر الخير والهداية مصادر للشر والغواية، كما تطيَّر أسلافهم بالأنبياء واتباعهم.


وقل للعيون الرمد للشمس أعينُ
سواكِ تراها في مغيب ومطلِع
وسامح عيونا أطفأ الله نورها
بأهوائها فلا تضيق ولا تعي
ومن يك ذا فمٍ مرٍ مريضٍ
يجد مُرَّابه العذب الزلالا

وإن من عمى البصيرة ان يعتقد الإنسانُ الباطلَ حقاً والحق باطلا، وإننا ندعو هؤلاء أن يثوبوا الى رشدهم ويكفُّوا ألسنتهم وإلا فانهم لا يضرون إلا أنفسهم وللإسلام رب يحميه وللعلماء رب ينتصر لهم {وّمّا نّقّمٍوا مٌنًهٍمً إلاَّ أّن يٍؤًمٌنٍوا بٌاللَّهٌ العّزٌيزٌ الحّمٌيدٌ (8) الذٌي لّهٍ مٍلًكٍ السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّاللَّهٍ عّلّى" كٍلٌَ شّيًءُ شّهٌيدِ (9)} وَلْيُسامِحْنى القارئ الكريم- إن وجد في كلامي هذا قسوة - فإن كلام هؤلاء أقسى والبادئ أظلم - والله حسبنا ونعم الوكيل. وإن مما يشرح الصدر، ويريح القلب، ما أجاب به صاحب السمو الملكي وزير الداخلية - حفظه الله - لواحد من هؤلاء حين اقترح هذا الشخص إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجابه - حفظه الله - بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبقى في هذه البلاد ما بقي فيها الإسلام، وقد سدد - حفظه الله - ووفق في هذا الجواب الحاسم، فإن هذه الدولة قامت على الإسلام وأسسه ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولابقاء لهذه الدولة إلا ببقاء الأساس الذي قامت عليه، اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا في ديارنا ولا تسلِّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحفظ ولاة أمورنا ووفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام والمسلمين، اللهَّم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه واردد كيده في نحره إنك على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved