السفير جمال البيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب لـ « الجزيرة »:
السعودية ومصر وسوريا يمتلكون زمام القيادة للوصول للتكامل العربي

* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
أعلنت الادارة الامريكية عن رغبتها في اقامة منطقة تجارة حرة مع دول الشرق الاوسط وهي محاولة إحياء لمشروع السوق الشرق أوسطي الذي اعلنه شيمون بيريز رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق وتشترط الادارة الامريكية لانضمام الدول العربية لهذه الاتفاقية انهاء المقاطعة العربية مع اسرائيل والغاء او تخفيض الحواجز التجارية في عمليات التجارة والاستثمار مع الشركات الامريكية والحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية وادانة ومكافحة الارهاب وان تلتزم الدول الراغبة بتطبيق برنامج اصلاح اقتصادي كبير ومن خلال هذه الاتفاقية يحق الرعاية التجارية للدول المنضمة وذلك بأن يسمح بتصدير سلع معينة لامريكا بدون جمارك ومن المعروف ان الاردن واسرائيل فقط هما اللتان ابرمتا اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية . فهل هذه خدعة امريكية لاجبار العرب على التطبيع الكامل مع اسرائيل؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟
وما تأثير هذه المنطقة على التكامل الاقتصادي العربي؟ وماذا عن واقع الاقتصاد العربي وعلاقته التجارية بأمريكا والاتحاد الاوروبي؟ وغيرها من الاسئلة التي وضعناها على مكتب السفير جمال بيومي مهندس اتفاقيات المشاركة الاوروبية والامين العام لاتحاد المستثمرين العرب وتم اختياره مؤخرا ضمن وفد المفاوضين مع دول التعاون الخليجي في عملية المشاركة الاوروبية الخليجية وأحد الخبراء القليلين الذين استطاعوا التعمق في جذور المشكلة العربية بأبعادها المختلفة.
* ما رأيك فيما اعلنته امريكا عن انشاء منطقة تجارة حرة بالشرق الاوسط؟ وهل لها علاقة بخريطة الطريق؟
- من الواضح ان الولايات المتحدة الامريكية اخفقت في الحصول على موافقة اسرائيل على خريطة الطريق وأن اسرائيل تشترط دخول المفاوضات بدون شروط مسبقة وهو ما يعني عدم الحديث عن استرداد الاراضي المحتلة واذا كانت امريكا تريد التعاون الاقليمي الاقتصادي فلابد ان يتحقق اولا السلام ولكن اسرائيل تريد ان تدفع الثمن بإقامة التعاون بدون سلام.
13 % مكون إسرائيلي
* هل هذا يعني فشلها؟
- لابد أن نستبعد كلمة فشل والامر: هل تريد اسرائيل العيش في سلام ام تريد فرض حدود دون ان تراعى متطلبات الجانب العربي؟ أمريكا تتبع سياسة الجزرة كمكافأة اذا سارت مسيرة السلام تقوم بفتح السوق الامريكي لصادرات الدول العربية من خلال اتفاق منطقة تجارة حرة مع امريكا ولكن الانفاق الامريكي الاردني ساوى بين قدرات دولة عظمى متقدمة مع قدرات الاردن وطالبت الاردن بأن يكون تحرير وارداتها في نفس توقيت تحرير واردات أمريكا على عشر سنوات ومن المفروض في مثل هذه الاتفاقيات التي لا تتساوى فيها امكانيات الدول بأن تفتح الدولة المتقدمة سوقها على الفور في حين تترك فترة سماح عشر سنوات للدول الاخرى كفترة انتقالية لفتح اسواقها بالاضافة الى تقديم مساعدات اقتصادية وهذا لم يحدث مع الاردن وتم الاكتفاء بما هو قائم ولكن مع أوروبا فقد ضاعفت من حجم مساعداتها الاقتصادية المتقدمة . كما اشترطت أمريكا في قواعد المنشأ بأن تكون الصادرات لأمريكا بها 13% مكونا اسرائيليا واذا كان هذا الواقع سبق ورفض منذ سنوات من العلاقات الامريكية العربية عن طريق سمسار اسرائيلي فبات الآن امرا يصعب بيعه في العالم العربي لأنها بضاعة فاسدة .
* لماذا الاعلان عن هذه الاتفاقية من هذا التوقيت بالذات؟
- هو يشبه نفس السيناريو الذي تكرر اثناء غزو العراق للكويت عام 1991 فجأة مؤتمر مدريد للسلام واتفاقية اوسلو التي في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب وجاءت هذه بعد احكام امريكا سيطرتها على العراق ولكن هذه المرة طالب الرئيس مبارك وامين عام جامعة الدول العربية بأن يكون هناك ضمانات للسلام اولا.
الإعفاء الجمركي
* ولكن منطقة التجارة الحرة مع أمريكا هل لها انعكاس سلبي على المنطقة العربية الكبرى؟
- درجات الاندماج الاقتصادي متعددة ابسطها مناطق التجارة الحرة وفيها يسعى اعضاؤها الى ازالة الرسوم والعوائق الجمركية واى اشكال مماثلة لها فيما بين هذه الدول بشأن تبادل السلع دون الخدمات ومنطقة التجارة لا ينبغي ان تكون هدفا وانما وسيلة للانتقال لمرحلة أخرى فمثلا الرسوم الجمركية في سوريا والمغرب ومصر مرتفعة بينما تتبنى الاردن ولبنان وتونس متوسطات أقل وفي دول الخليج 5:7% بل ان الرسوم على الآلات والمدخلات والمواد الخام تصل الى الصفر والبقاء في منطقة التجارة الحرة ضار على الاستثمار في الدول العربية مرتفعة الرسوم الجمركية فلو ادخل منتج صنع في الخليج سيتمتع باعفاء جمركي كامل على المواد التي صنع منها ويأخذ اعفاء جمركيا كاملا عندما يدخل مصر وسوريا والمغرب وتتمتع هذه السلع في نفس الوقت بحماية ضد السلع الجمركية المباعة في مصر والتي تدفع رسوما تصل الى 7% في الحالة العكس فالسلع السورية أو المصرية أوالمغربية التي تدخل الخليج لا تتجاوز الحماية عليها في دول الخليج أكثر من 5% لهذا يفترض بين دول يتباين فيها مستوى الرسوم الجمركية بهذه الحدة اقامة اتحاد جمركي حيث تزال الرسوم بين الدول وتوحد الجمارك بين جميع هذه الدول والعالم الخارجي وقد اكتشف الاتحاد الاوروبي هذا الخلل في تفاوضه مع الخليج فاشترط قبل انهاء التفاوض بقيام اتحاد جمركي لدول المجلس وليس منطقة تجارة حرة .
وقد اقمنا منطقة التجارة الحرة العربية دون الاتفاق على التفاصيل ودون مناقشة المشاكل التي تترتب على التطبيق واهمها غيبة قواعد المنشأة والتحكيم مما دفع عددا من الدول العربية بوضع اغلب وارداتها على القوائم السلبية فهناك 3 آلاف سلعة موضوعة على القائمة السلبية وهو سبب تعطل المنطقة الحرة ويحتاج الى تفهم القيادة السياسية له لأنه موضوع فني شديد التعقيد .
المقترح السعودي
* منطقة التجارة الحرة مع أمريكا هل يمكن ان تكون ورقة تفاوض في يد العرب؟ وكيف يتم استخدامها؟
- بالطبع هي ورقة تفاوضية يجب ان يقدرها العرب عند اللزوم في عملية السلام خاصة ان المنطقة هدفها تعاون اقليمي يشمل اسرائيل واذا اتبعنا المبادرة العربية المبنية على المقترح السعودي الذي قدمه ولي العهد عبد الله بن عبد العزيز وفي هذه الحالة لن يكون لاسرائيل مخاطرها على التعاون الاقتصادي الاقليمي وليس كما يدعي البعض انها توازي الدول العربية في صادراتها فهي محدودة وحجم اقتصادها لا يصل لحجم اقتصاد المملكة العربية السعودية فقط ويكاد يصل للجوائز نخبة العالم العربي مطالب بوضع تصور ما هو الدور الذي نتصوره لاسرائيل بالمنطقة اذا قبلت بشروط السلام العربية واولها رفع علم فلسطين على القدس الشرقية كما انه ما لم نبادر بطرح اولوياتنا فسوف يكون كل الدور المرسوم لنا تلقي اولويات الآخرين وقبولها او رفضها وهو وضع اسوأ عندما نتفاوض على نص غير عربي وما يقال عن هيمنة اسرائيل على الاقتصاد العربي بضاعة خاسرة لأن 70% من صادرات اسرائيل تتوجه الى الاتحاد الاوروبي ولا اتصور اى مستقبل منظور بحيث يكون لتجارتها شأن يثير القلق خاصة وان هناك الشعوب التي ترفض المنتجات الاسرائيلية .
الشريك الأساسي
* كيف ترى شكل العلاقات العربية الاوروبية بعد ان دخلت معظمها في شراكة وكذلك العربية الامريكية في ظل الحديث عن منطقة تجارة حرة؟
- اولا الانضمام لمنطقة التجارة الحرة مع أمريكا سيؤدي الى مزيد من فتح الاسواق امام المنتجات العربية وخلق مزيد من التبادل التجاري مع الشركاء الرئيسيين الاتحاد الاوروبي وامريكا فأغلب عرب المتوسط المغرب والجزائر وتونس ولبنان والاردن وفلسطين ومصر وقعوا على اتفاقية المشاركة وسوريا في المرحلة الاخيرة لها وهناك دول الخليج الستة التي كانت قد وقعت عام 1982 اتفاق تجارة مع الاتحاد الاوروبي والآن يريدون اتفاق مشاركة خليجية اوروبية وجزر القمر وموريتانيا فالاتحاد الاوروبي هو الشريك الاساسي للعالم العربي فالتعامل التجاري يصل ما بين 30% الى 80% كما ان الدول التي تريد الدخول في منظمة التجارة العالمية ليس امامها الا ثلاثة ابواب اوروبا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والنافتا والشرق الاوسط . والاتحاد الاوروبي يشجع على تعميق الصلات العربية العربية وظهر ذلك في اعلان اغادير بين الاردن وتونس والمغرب ومصر وهو اتفاق مفتوح للدول العربية القادرة والمؤهلة والراغبة للدخول الى جانب التشجيع على قيام صلات مع الولايات المتحدة الامريكية لتعزيز اسواق اضافية امام الصادرات العربية خاصة ان لدى الاتحاد الاوروبي وامريكا قواعد منشأة صارمة وبالغة التشدد وقيام منطقة تجارة حرة له تأثير ايجابي على المنطقة العربية لتنمية التبادل التجاري العربي عن طريق التكامل والتراكم بحيث يصبح هناك مكونات من أكثر من بلد عربي وادخاله في منتج واحد ويصدر الى السوقين الامريكي والاوروبي بما يزيد من حجم النفاذ للأسواق العالمية .