تعرضت المكتبات والمتاحف في العراق الى عمليات نهب وسلب وإتلاف إبان عمليات الهجوم على بغداد واحتلالها من قبل القوات الأمريكية ويومها تنادت معظم المؤسسات الثقافية والعلمية الدولية والعربية والاسلامية، وناشد المثقفون والمختصون من الأثريين والمهتمين بالمتاحف بضرورة ايجاد طريقة لاعادة ما نهب من المتاحف العراقية والعمل على تجميعها ومطاردة لصوص المتاحف حفاظاً على هذا التراث الانساني، وعقدت بعض اللقاءات والمؤتمرات لتحقيق هذا الغرض، إلا أنه وحتى الآن ورغم العثور على بعض المسروقات إلا أنه لم يتم تنظيم عمل جماعي لتحقيق هذا الهدف الذي يهم الجميع.
مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض، وكعادتها في القيام بالمبادرات الكبيرة التي تستهدف الحفاظ على التراث الانساني بصفة عامة، تقوم الآن بجهود مقدرة لمحاولة تنظيم عمل جماعي دولي لانقاذ التراث الانساني المنهوب في العراق، إذ قررت المكتبة عقد لقاء لمناقشة الأضرار المترتبة جراءعمليات النهب والسلب وإتلاف المكتبات والمتاحف العراقية وإقامة برامج توعوية للحفاظ على هذا التراث الانساني الكبير الذي يعد تراثاً للبشرية جمعاء بدءاً من العهود السومرية والبابلية والآشورية والكلدانية والفارسية والرومانية والعربية والاسلامية.
والمتاحف والمكتبات العراقية التي نهبت كانت تضم نفائس الآثار والمقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن، فمكتبة القرآن الكريم التي نهبت في بغداد كانت تضم مئات المخطوطات للقرآن الكريم بعضها يمتد للقرن الهجري الأول، بالاضافة إلى آلاف المخطوطات التي تعنى بعلوم القرآن الكريم والحديث الشريف والمخطوطات الفقهية والشرعية، بعضها يعود لشيوخ المذاهب: أحمد بن حنبل، وأنس بن مالك، وأبو حنيفة النعمان، ومحمد بن إدريس الشافعي وقد نشأ الثلاثة الأخيرون منهم في العراق.
أما المتاحف العراقية فكانت تضم المخزون والذاكرة التاريخية للبشرية جمعاء بدءاً من حضارة أور قبل أكثر من سبعة آلاف سنة إلى حضارة العباسيين: هذه الذاكرة الحضارية لا تهم العراقيين فقط، ولا العرب والمسلمين فحسب، بل تهم الانسانية جمعاء. وقيام مكتبة الملك عبد العزيز العامة بهذه المبادرة التي دعت لها مسؤولين ومتخصصين من جميع أنحاء العالم حيث خاطبت المكتبة السفارات الممثلة لهذه الدول في المملكة لإرسال مسؤولين ومتخصصين لبحث هذه المشكلة يأتي سعياً منها لصياغة موقف دولي وإشراك كافة دول العالم لإنقاذ ذاكرة الانسانية المنهوبة في العراق. ومشاركة جميع الدول تتطلب ان يوجه المشاركون طلباً الى دولهم للتحرك والعمل جميعاً لإنقاذ هذا التراث الانساني الكبير.
|