كالعادة وفي كل المبادرات السلمية الهادفة لحل القضية الفلسطينية، وافق الفلسطينيون والعرب، من خلفهم، على خارطة الطريق.. ولم يمر وقت طويل على تسليم «الخطة» للفلسطينيين حتى أعلنوا، وقبل استلامها، موافقتهم على «الخطة» بل إن الفلسطينيين بدءوا بتنفيذ بنود الخطة قبل اعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش لها، إذ إن الاستجابة للطلب الامريكي بأن يشكل السيد محمود عباس «أبومازن» حكومة فلسطينية تضم وزراء محددين للمالية والداخلية والخارجية، وتُبعد او تُحيِّد وزراء آخرين، كان الشرط الأساسي لاعلان «خارطة الطريق».
إذن الفلسطينيون مؤيدون للخطة حتى قبل إعلانها.. ومثلما أصبح «السلام خيار استراتيجي» هو شعار العرب جميعاً، ستصبح «خارطة الطريق» هي عنوان التحرك للمرحلة الحالية، على الأقل طوال حكم الرئيس جورج بوش وإدارته في السنتين الباقيتين من فترة رئاسته الأولى.. والفترة الثانية إذا ما نجح في الانتخابات القادمة.
أما الإسرائيليون، فحتى الآن، ورغم إعلان شارون موافقته المشروطة على الخطة الأمريكية، إلا ان الجميع متأكد أن تنفيذ بنودها وتطبيقها سيواجه بتعنت إسرائيلي، ومحاولات حقيقية لعرقلة تنفيذها، وهذا ما تؤكده الصحف الإسرائيلية.
وتقول صحيفة «معاريف» إنه حتى لو صادقت الحكومة على خارطة الطريق، فسيكون تطبيقها بعيداً جداً، ولا يوجد أي تشابه بين اليمين في الحكومة وبين المخربين. لكن مثلما أن شارون لن يتمكن من القيام بخطوات مفرطة مع الاتحاد الوطني، فهكذا ابو مازن «لن يتمكن» من القيام بذلك مع حماس.
وأضافت تقول في مقال كتبه دان مرغليت: «شيء ما بدأ يتعرقل. بدت بعض البقع الغامقة تظهر على صورة الوضع السياسي: حجر الأساس في سياسة اريئيل شارون كان نقل ياسر عرفات الى حاشية الساحة، وتعيين رئيس حكومة فلسطيني عوضاً عنه، والسكوت على انتخاب ابي مازن ووطنية محمد دحلان، مع الايماء بعلامات الرضا، والعمل على إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة. لقد ناور بنجاح وتلقى ما أراد، ولكن حتى الآن رفض شارون دفع المقابل».
أما صحيفة «هآرتس» فتقول: «إن حكومة اسرائيل تتصرف في النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني لتحقيق هدفين، كسب الوقت والتظاهر بعد افشال المسيرة السياسية. وهذه في الواقع ليست سياسة بل هي مجرد تكتيك ليس إلا».
وتساءلت الصحيفة في مقال كتبه زئيف شيف: «ما هي السياسة الحقيقية لحكومة اسرائيل في النزاع مع الفلسطينيين؟ لا يوجد لمعظم الوزراء جواب واضح على هذا السؤال. كما أنه لا يوجد في واشنطن مثل هذا الجواب أيضاً. فهل تسعى الحكومة الى حلول صغيرة وجزئية، أم أنها تسعى الى مواصلة الوضع الراهن مع ارهاب محتمل؟ ولعل النية الحقيقية هي إحداث انهيار للمجتمع الفلسطيني وعدم السماح له للوصول الى أي كيان سياسي جدِّي؟
هذه أقوال الصحف الإسرائيلية التي تشير الى ان الإسرائيليين غير جادين في التعامل الأمين مع خارطة الطريق وهي حالة تتطلب من الامريكيين ان يعملوا بجدية لوضع خارطة الطريق على الطريق الصحيح وذلك بإجبار الاسرائيليين على التعامل الأمين والصادق مع المبادرات السلمية الهادفة الى حل هذه القضية المزمنة.
|