Saturday 24th may,2003 11195العدد السبت 23 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
إعلامنا الصحي.. الواقع والمأمول
د. وليد الطويرقي

«1» عندما يصبح جديد الطب بايتا
تنقل إلينا الصحافة اخبار الجديد في الاختراعات والاكتشافات ولكنها للأسف تتعامل مع هذه الأخبار بلا مبالاة وحرفية ناقصة مما جعل الكثير من هذا الجديد بايتاً وفات عليه الزمن، فما أكثر الأخبار من نوع: لأول مرة في الشرق الأوسط.. لأول مرة في المملكة العربية السعودية عملية جراحية نادرة في مستشفى.. الخ.
هناك أعراف صحفية تطبق عادة عند أي خبر جديد التأكد من جدية الخبر من قبل المختصين أو حتى تأكيد الخبر من قبل مصدر مستقل، ولهذه الأسباب أصبحت أخبارنا الطبية في صحافتنا لا تسر الصديق. المصداقية ضعيفة والتوثيق مفقود، والجديد ما هو جديد في عرف محرر صغير يعمل في صفحة منسية منذ سنوات. وأنا أسأل نفسي: كيف نعيد للمعلومة الطبية طزاجتها وجدتها؟ وإذا استطعنا أن نضع آلية للتعامل مع الخبر الصحفي فإنه سيكون إنجازاً ما بعده إنجاز.
(2) الأخطاء الطبية
الأخطاء الطبية أنواع، هناك ما هو ناتج عن جهل وقلة معرفة، وهناك المضاعفات التي يمكن أن تحدث في أفضل المراكز تحت يدي أمهر الأطباء الصحافة لا تفرق بين المضاعفات والأخطاء الطبية وتتعامل معها كقصص وحكايات تروى مع كثير من الإثارة والمبالغة تجعل القارئ يحكم مسبقاً على المؤسسة الطبية أو الطبيب المعالج بالتقصير والإهمال والمادية والأنانية وغيرها من المفردات.
لماذا لا يتناول إعلامنا الظواهر بدلا من الحوادث الفردية، مثلا ظاهرة ارتفاع نسبة القيصرية في مدينة ما مقارنة بالأرقام المحلية والدولية، أو ارتفاع نسبة تجرثم الجروح «wound infection» في مستشفى ما مقارنة بغيره من المستشفيات.
إن تسليط الضوء على ظاهرة إيجابية أو سلبية ودعم ذلك بالأرقام يساعد على المصداقية، لا نريد صحافة متثائبة تتكىء على أريكتها في انتظار خبر مثير، يسيء أحيانا كثيرة لأبرياء ويهيج القراء دون أن ينتج عنه أي تغير إيجابي في مجمل قطاعنا الصحي.
ومما يزيد الطين بلة ان يلجأ بعض من المراسلين الصحفيين إلى تصفية حساباتهم مع المؤسسات الصحية من خلال الصحافة.. إن أعطي رضي وإن منع سخط.
(3) موضة برامج التوعية الصحية
هل نحن وزارة صحة أم وزارة مرض؟! فالعناية بالمرضى كبيرة، أما ترويج الصحة والمحافظة عليها فلا تلقى حظها من الاهتمام وللأسف حتى مع نقص الموارد المتاحة للتوعية والتثقيف الصحي، فإن هذه الحملات تحولت إلى برامج للعلاقات العامة، ولا أبالغ إذا ما قلت: إنني تابعت عدة حملات وبدون تسمية، لا أدري ما هي رسالة هذه الحملات ولا شريحتها المستهدفة، ولا الأهداف التثقيفية المرجوة منها، وتبدأ الحملة وتنتهي بضجيج إعلامي على شكل تصريحات ومقابلات الغائب الأكبر فيها، هو المستهدف بهذه الحملات.
هل السبب في هذا الانحدار هو غياب الكوادر المدربة على إدارة هذه الحملات بقدر عال من الاحترافية والكفاءة، أم هل السبب هو أن هذه الحملات هي الإناء الأنسب لتروي ظمأ كل متعطش إلى البريق الإعلامي.
أم هل السبب هو غياب القياس العلمي لمفعول هذه الحملات وتأثيرها قبل وبعد على الشريحة المستهدفة؟! أياً كان السبب، فإن حملات التوعية الصحية عمل مشترك بين العاملين في القطاع الصحي والقطاع الإعلامي، وكل منها يتحمل نصيبه في الفشل والنجاح.
(4) المؤتمرات الطبية.. ما هو نصيب القارىء العادي منها؟
يعقد سنوياً في المملكة العربية السعودية عدد لا يستهان به من المؤتمرات والندوات الطبية، التي عادة ما تثير فضول الصحفيين وتنال نصيبها من التغطية الصحفية.
كل ما أتمناه أن تكون هناك نقلة نوعية في مستوى التغطية الإعلامية لهذه المؤتمرات وأخذ المعلومة الطبية من أفواه المختصين وتبسيطها، وتعزيز ذلك بالرسوم والبيانات الإيضاحية، وتقديم ذلك للمتلقي مطلب ملح وحتى لا تصبح فائدة هذه المؤتمرات حكراً على عدد محدود «مئات» من المختصين، فإن المزاوجة ما بين الإصدارات «كتب، مجلات، وأشرطة» الأكاديمية المحكمة والموجهة للمختصين، والإصدارات الجماهيرية المبسطة التي تجمع ما بين العمق العلمي والبساطة في الطرح، هي ديدن كل الجمعيات الطبية الناجحة بلا استثناء.
«5» الدعاية الطبية لا للرقابة لا للتهويل
أحياناً يلجأ واضعو الدعاية الطبية إلى استخدام المبالغة والتهويل عند تصميم الحملات الإعلامية الخاصة بمؤسساتهم الصحية الخاصة والأطباء العاملين بها، حتى أصبح يقال على سبيل الدعاية: ان اردت ان تعلن عن نفسك أو مركزك الطبي فاكتب: ثاني افضل مركز لأن أول اصبحت قديمة.واسوأ انواع التضليل الإعلامية هي التي توهم المتلقي ان هذا النوع من الطب غير موجود إلا عندها، أو انها الأول على مستوى الشرق الاوسط يجب ان نعترف انه لا غنى عن الدعاية لأي مؤسسة صحية خاصة، فمن خلال الدعاية يتعرف الناس على وجود الخدمة ويتقدمون للاستفادة منها. الجدل ليس على أصل الدعاية بقدر ما هو على الأسلوب الذي تمارس به الدعاية.
ويجب أن أعترف أيضاً بأنني ضد وضع رقابة قبلية على الدعايات الطبية، ليس من العدل أن نترك قرار نشر الإعلان من عدمه لبيروقراطي صغير ربما لا يفهم من صناعة الإعلام شيئاً. الحل من وجهة نظري هو تعزيز «أخلاقيات» الإعلان وأن يكون هناك ميثاق شرف يلتزم به العاملون في هذه المهنة بدلاً من القيود النظامية الجامدة.
«6» الإعلام وتوقعات المرضى
الإعلام هو الذي يساهم في صياغة توقعات المرضى، المبالغة في الثناء على المؤسسات الصحية أحياناً قد يأتي بصورة عكسية، هذه الصورة التي جعلت حتى أصحاب الهجر يطالبون بمستشفيات، وهي التي جعلت مراجعي المستشفيات لا يقبلون مواعيد متأخرة.يجب أن تقدم صورة واقعية عن أنفسنا نحن كدولة نامية انعم الله عليها بموارد جيدة ولكن هذه الموارد ستستخدم لبلد كبير أكبر من نصف أوروبا، ولشعب نامٍ يعاني أمراض الدول النامية.نحن حتى الآن نستورد الدواء والتقنية من خارج بلادنا وهذا جعل فاتورة العلاج ضخمة، وجعل عملية بناء الكوادر الصحية الوطنية بطيئة.
يجب أن تتوقعوا أن الخدمة التي ستقدمها جيدة وذات مستوى عال مقارنة بالكثير من الدول النامية، ولكنها قد لا تصل إلى مستوى بعض الدول المتقدمة التي تنفق على العلاج أكثر مما ننفق على ميزانيتنا كاملة.
يجب أن نجهز مرضانا ذهنياً حيث يكون هناك تواز وتوافق بين مستوى إمكاناتنا ومستوى رسالتنا الإعلامية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved