Saturday 24th may,2003 11195العدد السبت 23 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لا يروح تراه مطوع!! لا يروح تراه مطوع!!

من اهم دوافع هذه الشرذمة الضالة والمضللة، التي قامت بالعملية الآثمة بالرياض الآمنة، المصالح المزعومة المترتبة على تلك العملية الرعناء، فقولوا لي بربكم اين هي هذه المصالح الا في رؤوس الاوباش؟
وحتى لا اظلمهم اليكم واحدة من حسنات فعلتهم الشنيعة، بل هي والله ام المفاسد وان رغمت انوفهم، التي لم تعد تشم الا كل عيب ومنقصة في المجتمع، فمن اعظم تلك المفاسد المترتبة على عمليتهم البائسة، نظرة الريبة والشك، بل الاتهام احياناً التي صار كثير من افراد المجتمع ينظر بها الى اهل التدين جراء هذه العمليات الاجرامية، حتى ربما تمنى بعض الناس ألا يصبح ولده مستقيماً، او كما يصطلح عليه العامة «ملتزماً» خوفاً عليه ان يسوقه هذا الالتزام الى الانحراف الفكري او العقدي او ما يطلق عليه شرعاً «البدع»، اعظم واخطر من الانحراف السلوكي الذي يطلق عليه شرعاً «المعاصي»،
كما نقل ذلك عنهم ابن تيمية وغيره، وقد ذكر اهل السنة اسباباً لتعظيم الانحراف الفكري والعقدي «البدع» على الانحراف السلوكي «المعاصي» منها:
* فيكون صاحب البدع او الانحراف الفكري بذلك من الذين يصدون عن دين الله شعر بذلك او لم يشعر.
وبذلك يعرف الفرق بين عتاة المجرمين الذين يقتلون لكن لمآرب دنيوية، فهؤلاء لا يعدو كونهم مجرمين، يعاقبون كما يعاقب اي مجرم، وبين من يقتل عن طريق الفتاوى التي يتبناها اصحاب الانحراف الفكري او العقدي وباسم الدين، والعياذ بالله.
2- ان صاحب «المعاصي» او الانحراف السلوكي المدخن مثلاً في الغالب يعلم ويقر بأنه مخطئ ومقصر، لذلك اذا نُصح بالطريقة السليمة فتح عقله وقلبه وانصت، ثم طلب من الناصح ان يدعو له بالهداية، اما صاحب «البدع» او الانحراف الفكري، فهو يعتقد صواب نفسه، وماهو عليه من افكار واعتقادات فاسدة، فإذا نُصح ليرجع عن انحرافه، بادر الناصحين له بدعوتهم الى انحرافه الفكري، وسرد شبهه على الناصحين، ظناً من هذا المنحرف انه يؤدي دور النصيحة، والامر بالمعروف او النهي عن المنكر.
3- ان صاحب «المعاصي» او الانحراف السلوكي يحدث نفسه ما بين فترة واخرى بالتوبة وترك هذا الانحراف السلوكي، وربما سعى واجتهد لسلوك طريق الاستقامة، اما صاحب «البدع» او الانحراف الفكري فعلى النقيض تماماً، لا تخطر التوبة بباله، كيف وهو يرى نفسه على الاستقامة والجادة؟! بل تراه يدعو بالثبات على تلك الافكار الفاسدة، ويسعى بكل ما يستطيعه لنشر هذا الفكر المنحرف، لذلك قال بعض السلف رحمهم الله:« المعصية يتاب منها والبدع - اي الانحرافات العقدية والفكرية - لا يتاب منها».
اعود مرة اخرى لما كنت بصدده، وهو ان من اعظم المفاسد المترتبة على هذه الاعمال العدوانية نظرة الشك والريبة واحياناً التهمة التي توجه لكل من ظهرت عليه علامات «الالتزام» والتدين، واليك مثلاً واحداً على ذلك حصل لي شخصياً، فقد كنت ليلة الجمعة الماضية في احد شوارع الرياض - حرسها الله - وكان امامي نقطة تفتيش، فلما دنوت من الشرطي بادرته بالتحية مع ابتسامة اظنها قد اثرت فيه، فكأنه استحيا ان يوقفني للتدقيق، فأشار اليّ بالمضي وعدم التوقف، فصاح به زميله الذي كان يرقب الموقف، فصاح بلهجته العامية:« لا يروح تراه مطوع»، يعني: لا تتركه يمضي دون تفتيش لأنه «ملتزم» او متدين، واخذ يكررها على مرأى ومسمع مني، فأصر صاحبي الاول ان امضي ولا اتوقف، فلما تجاوزتهما رفعت يدي الى السماء ودعوت بعدها بدعوتين:
الاولى: دعوت على من تسبب لي من هؤلاء المجرمين ومن حرضهم بهذا الموقف الذي هزني من الداخل، والذي ادركت به عظيم خطأ الكثيرين ممن ينسب للدعاة او الناصحين لتباطئهم الذي يبعث على الاسى والحسرة في الوقوف في وجه هذا الطوفان المدمر: اما لرحمة زائدة بهؤلاء، وانه ينبغي ان يرفق بهم ولا يشنع عليهم، لانهم على كل حال من جيل «الصحوة» المباركة!! فأي غفلة اعظم من هذه الغفلة.
واما لأن اصل نشأة وتربية هؤلاء المنسوبين للدعوة كانت متأثرة بدعوة الاخوان المسلمين، التي من قواعدها العامة عدم التعرض للمخالف، ومن ذلك قول مؤسس الجماعة حسن البنا - رحمه الله- :«نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه»، حتى ولو كانت المخالفة في اصل الدين، او مما يجر الوبال على المسلمين!!، لذلك لا يستنكر وجود الطوائف المتعددة داخل تلك الجماعة، حتى وصل الحال ببعض من تأثر بهم في هذا البلد الى ان جعل الرد على المخالف في اصول الدين من الاغراق في الجزئيات، او من افعال بعض المرجفين هنا او هناك الذين يريدون ان يشقوا الصف من الداخل، ويشتتوا جهود الامة وطاقاتها.. الخ من هذا الهراء الذي بدأنا نجني ثماره المرة.
اما الدعوة الثانية التي دعوت بها: فهي لهؤلاء الذين اوقفوني من رجال الامن، ان يوفقهم الله، وان يعينهم وان يسددهم، وان يدلهم عاجلاً غير آجل على هؤلاء المفسدين.ثم قطعت على نفسي عهداً ان اقف امام هذا الوباء بكل ما استطيعه،
ومضيت في دربي غير لائم ولا مثرب على صاحبنا الذي قال:« لا يروح تراه مطوع»، والسلام.

حمد بن عبدالعزيز بن حمد العتيق
إمام مسجد صلاح الدين الأيوبي بالرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved