يحتل موضوع الشباب ورعايتهم ودراسة واقعهم وتطلعاتهم الموضوع الرئيس في الخطط والمشاريع التنموية لأي مجتمع من المجتمعات وفي المجتمعات المتقدمة يتم بناء الاستراتيجيات التي تكفل نمو الشباب بشكل سليم متكامل في ظروف بيئية صحية من الناحية النفسية والفكرية والجسمية، وذلك من أجل أن يكونوا أعضاء نافعين وفاعلين ومواطنين صالحين لأنفسهم ولذويهم ولمجتمعهم ولأمتهم، بعيداً عن الأفكار والشطحات السلبية.
تعد تربية الشباب في ضوء دراسات علمية وخطط استراتيجية من أهم التحديات التي تواجهنا في مجتمعنا في وقتنا الحاضر، أن مجتمعنا أمام ظاهرة جد خطيرة وغير عادية وإننا بحاجة للإجابة عن السؤال الذي يطرح نفسه كيف نواجه انحرافات الشباب؟ وفي البحث عن الإجابة أقول مباشرة نحن في هذه الحالة لسنا بحاجة لمصطلحات النقد والإسقاط وإنما بحاجة إلى مصطلحات البحث والدراسة العلمية واستقصاء الظاهرة على كافة الصعد والجوانب بعيداً عن سياسة تعليق الأخطاء والأسباب على الآخرين، إن أفضل السبل لعلاج تلك الظاهرة هو البحث عن الدوافع الكامنة وراء سلوك بعض الشباب غير الواعي أننا بحاجة للتعامل مع الأسباب لا الأعراض وعلماء النفس يؤكدون أن لكل سلوك دافعاً يقف وراء هذا السلوك ويحرك الإنسان تجاه أو ضد موقف أو شخص معين.
إننا بحاجة للتعرف على الكثير والكثير من واقع الشباب وخبراتهم و تجاربهم وظروفهم الحياتية الخاصة منها والعامة، وكذلك المحطات والمراحل التي مروا بها من مبدأ أن الإنسان مهما كان هو نتاج البيئة والمواقف الاجتماعية التي مر بها وفي المجمل لبحث الظاهرة نحن بحاجة لطرح ومناقشة أمانيهم وتطلعاتهم إلى جانب واقعهم ومشكلاتهم، لمعرفة وتحديد المتغيرات المستقلة والتابعة والبينية في حياة هؤلاء الشباب، وينبغي لنا باحثين ومعنيين بحل مشكلات الشباب الإحاطة بكل هذه المتغيرات وتفاعلاتها وتأثيراتها وصولاً لتغيير سلوكهم ومن ثم رسم استراتيجيات علاجها.
وخلال متابعاتي لما كتب من تحقيقات صحفية ومقابلات مع أسر بعض شبابنا الذين أداروا ظهورهم لقيمنا أستطيع إيجاز ما يلي:
- التفكك الأسري سمة تميز حالة الغالبية العظمى من هؤلاء الشباب حيث نلاحظ العديد منهم وقد شرد الأبناء والزوجة وقطع الاتصال بالأهل والولد.
- الفراغ والبطالة وليس هناك أدنى خلاف على أهمية العمل في حياة الفرد، وهو لا يقتصر على أنه مصدر للدخل، بل إن العمل يجدد دوافع الفرد ويقوي عزيمته ويجعله يقبل على الحياة ويشعر بالمعنى والقيمة .
ومن الصعب أن يكون الفرد سعيداً بدون عمل، والملاحظ على هؤلاء الشباب عدم وجود عمل أو مهنة لهم وهذا قد يضعف من شبكة العلاقات الإنسانية لديه ويجعل البناء النفسي له هشاً ضعيفاً سريع الانهيار.
- السفر للخارج بحجة الجهاد في بعض البلدان والأمر يحتم على وزارة الداخلية تشكيل هيئة ممثلة من الوزارة ذات العلاقة تعنى بتصميم برنامج يهدف لإعادة التأهيل لهؤلاء الشباب يتضمن النواحي المادية والفكرية والاجتماعية، ويجب أن تكون هذه الهيئة لها طابع مستقل ولديه الميزانيات الكافية للوفاء بكل مستلزمات الإنفاق والصرف على هذا البرنامج.
- هناك تشابه بين ظروف هؤلاء الشباب الاقتصادية فهي في مجملها دون المتوسط، وكذا التعليمية.
- هناك مؤشرات لوجود الشعور بالإحباط، مما ينعكس على الولاء ويورث السخط والتبرم والسخط والنقمة، وتصبح سواعدهم بالتالي معاول هدم وتدمير في الوقت الذي كنا نتوقع منهم البناء والتغيير.
- هناك ضغوط ترتبط بحياة هؤلاء الشباب قد يصل ببعضهم إلى حافة المرض النفسي الأمر الذي يجعله يعتدي على الآخرين تحت أي شعار أو حجة.
ختاماً: هناك مبررات ملحة لفتح ملف انحراف الشباب وبحث الظاهرة، وفق أسس علمية وصولاً إلى استراتيجية تحفظ لأمتنا شبابها وتحافظ عليهم في إطار ديننا الحنيف.
(*) وكيل كلية المعلمين بالرياض
|