|
|
فوجئ العالم بالعمليات الإرهابية التي حدثت في المملكة العربية وراح ضحيتها أكثر من 34 شخصاً وخلفت وراءها المئات من الجرحى والمعوقين وهي فاجعة أليمة يحزن لها كل إنسان له ضمير ولا إخال أن أحداً يؤيد مثل هذه العمليات الإجرامية التي تستهدف الأبرياء من الناس ولاسيما المسلمين فإن دماءهم أعظم حرمة من حرمة الكعبة وقد جاء في الأثر أن ابن عمر رضي الله عنهما نظر يوما إلى البيت أو الكعبة فقال: «ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك» رواه النسائي. كما أن «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» رواه النسائي. وهذا لا يعني استباحة دم غير المسلم فإن الإسلام صان دماءهم أيضاً طالما أنهم غير محاربين ولهم مواثيق وعهود، يقول تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين} [الممتحنة: 8] . وهذا الأصل عليه جمهور الفقهاء يقول شيخ الإسلام ابن تيمية «والكافر الأصلي يجوز أن يعقد له أمان وهدنة ويجوز المن عليه والمفاداة به إذا كان أسيرا، عند الجمهور ويجوز إذا كان كتابياً أن يعقد له ذمة ويؤكل طعامهم وتنكح نساؤهم ولا تقتل نساؤهم إلا أن يقاتلن بقول أو عمل باتفاق العلماء وكذلك لا يقتل منهم إلا من كان من أهل القتال عند جمهور العلماء كما دلت عليه السنة» الفتاوى 28 ص414. فأين هؤلاء القتلة من هذه النصوص؟ وهل يتصور هؤلاء أن يكونوا بهذا الفعل شهداء وقد قاموا بقتل إخوانهم المسلمين؟ وهل هناك مصلحة حقيقية تعود بالخير على المسلمين؟ إن ما فعله هؤلاء من إجرام أوقع العالم الإسلامي في حرج وأصبح مستهدفاً من قوى الشر التي تتربص بالإسلام وتريد أن تخنقه لكيلا يكون له أي دور، ولتفتح الباب على مصراعيه لقوى الباطل لغزو بلاد المسلمين فها هي أمريكا قد كشرت عن أنيابها وأخذت تطلق العنان لصقور البيت الأبيض لاتهام المسلمين بالإرهاب والتشكيك في المناهج التعليمية التي تدرس في مدارس المسلمين ووصفها بالإرهاب. ولكن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن هذه المناهج التعليمية هي التي تحارب الإرهاب وقد عانت منه بل كانت هي ضحية من ضحايا الإرهاب، وعليهم أن يفرقوا بين مناهج الاعتدال ومناهج التطرف فإن منهاج الاعتدال وسط بين أهل الجفاء والتطرف وبين أهل الزيغ والضلال. فأمريكا تخطئ الهدف إن عادت هذا التيار وحتما ستخسر كثيراً وعليها قبل أن توجه الاتهام إلى الآخرين أن تسأل نفسها لماذا يكره العالم أمريكا؟ فإن الكراهية لأمريكا ليست من العرب والمسلمين فقط بل حتى الغرب يكرهها لأسلوبها الاستعماري ومحاولتها السيطرة على العالم عسكرياً واقتصادياً وتجاريا، واتباع سياسة الكيل بمكيالين في قضية فلسطين والشرق الأوسط مما يزرع الكراهية والامتعاض ويفرخ لجماعات التطرف لكي تنشط مما يؤدي إلى انحسار التيار المعتدل. وعندها ستكون الكارثة وهذا التيار كما ذكرنا لم يسلم عبر القرون من هذه الفئة التي استباحت دماءهم وأموالهم وأعراضهم بالمعصية فهم امتداد لخوارج الأمس الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلهم قتل عاد» رواه البخاري. فالخوارج هم أول من خرج على الخلفاء الراشدين واستحلوا دماءهم. فهم الذين أججوا الفتنة على عثمان رضي الله عنه بتأليب غوغاء أهل مصر والشام والعراق عليه حتى قتلوه. وهم الذين خرجوا على علي رضي الله عنه واستباحوا دم عبدالله بن خباب بن الارت وقتلوه وقتلوا زوجته ويقال إنها كانت حبلى فبقروا بطنها وقتلوا جنينها.. وفي أثناء سيرهم رأى أحدهم خنزيراً مملوكاً لأحد من أهل الكتاب فأراد أن يقتله فصدوه عن ذلك بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاهم خيراً بأهل الكتاب!. انظر إلى سماجة فكرهم وانحطاط عقلهم وعدم فقههم، فدم المسلم عندهم أرخص وأهون من دم الخنزير وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول في وصفهم «يقتلون أهل الايمان ويدعون أهل الأوثان» ولهذا لم أتعجب من ثناء وإطراء عمران بن حطان شاعر الخوارج المعروف لعبدالرحمن بن ملجم قاتل علي رضي الله عنه في قوله: |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |