Saturday 24th may,2003 11195العدد السبت 23 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

موقف الاسلام من أعمال التخريب موقف الاسلام من أعمال التخريب
أضراره وآثاره وصفات أهله

من المؤسف حقا ما نراه من بعض الشباب المتعجل قليل العلم من إثارة للفتن وعدم اتباع لأقوال وفتاوى العلماء الكبار ومن اتباع لأهل الأهواء والآراء والأفكار المنحرفة دون أهل الدليل والاستنباط الذين أمر الله تعالى بسؤالهم فقال {واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم} [النساء: 83] وقال:{فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون} [النحل: 43] .
فقد وجد في بعض شباب المسلمين من يميل الى الثوابت واخلال الأمن والسب والشتم والغيبة والنميمة وصل ببعضهم ذلك الى اتخاذ بلاد الكفار مأوى لهم يحرضون الناس على الخروج على امامهم ويؤيدون التفجيرات ويتخذون جهالا يفتونهم فيضلون ويُضلون بل وصلت الحال ببعضهم ان أقدم على التخريب وهؤلاء أشد ضرراً من الخوارج. قال تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم} لقد اتخذوا مرشديهم من شياطين الإنس أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون كما قال تعالى {انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله يحسبون انهم مهتدون} [الأعراف: 30] وأكثرهم من الحزبيين أو المغرر بهم. قال تعالى {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون} [المؤمنون: 53] ، وقال:{الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا} [الكهف: 104] فقد اتبعوا سبيل الغاوين ولم يتبعوا سبيل المؤمنين قال سبحانه:{ان ذها صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [الأنعام: 153] ، وقال:{ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراًُ} [النساء: 115] .
وضرر هؤلاء كبير على البلاد والعباد، يرعبون الآمنين ويثيرون الفتن والقلاقل ويعتدون، قال تعالى:{ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين} [البقرة: 190] ،
ويشابهون الخوارج في أفعالهم واتباعهم للأهواء، وأول من ظهر من هؤلاء أشباه الخوارج والخويصر الذي قدم رأيه على قول وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع فكره دون دليل شرعي واتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم العدل وقال له:«اتق الله لم تعدل في قسمة ما وصل من اليمن». قال ابن الجوزي رحمه الله «وهذا أول خارجي خرج في الاسلام رضي برأى نفسه ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم». وفي الحديث المتفق عليه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«سيكون من جنس هذا الرجل قوم يمرقون من الدين علامتهم رجل أسود مخدج اليد»، وفي رواية:«يخرجون من الناس سيماهم التحليق» ومنهم عبدالرحمن بن ملجم الذي قتل علياً رضي الله عنه متمثلا بقول عمران بن حطان الخارجي:


يا ضربة من تقي لا يريد بها
إلا ليبلغ للرحمن رضوانا

إن الذي لا يلتف على العلماء وولاة الأمر ويتبع الدليل والجماعة ينحرف عن طريق الحق. مر عليّ رضي الله عنه على الخوارج بعد قتالهم وهم صرعى فقال: لقد صرعكم من غرَّكم قيل من غرَّهم قال الشيطان وأنفس السوء فقال أصحابه قد قطع الله دابرهم الى آخر الدهر فقال:«كلا والذي نفسي بيده إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ولا تخرج خارجه إلا خرجت بعدها مثلها وإن منهم لمن يكون مع الدجال» فمنشأ كل ضلال وفساد تقديم العقل على النقل والهوى على الهدى ورحم الله الامام البخاري عندما رتب صحيحه فبدأ بكتاب الوحي وقد قسم الله تعالى الناس في كتابه الى قسمين: متبع الهدى ومتبع الهوى، فقال:{فإن لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه} [القصص: 50] . وهؤلاء في الغالب أحداث أسنان سفهاء أحلام. قال صلى الله عليه وسلم:«سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز ايمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة فأينما ليقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة» رواه البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد غَرَّهم من تصدر للفتيا من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ممن يفتون بالنوازل بدون علم، ولا استنباط فضلُّوا وأضلُّوا وتكلموا بدون رجوع الى العلماء الكبار ولا تجربة ولا خبرة ولا رأي سديد ولا معرفة بالمصالح والمفاسد ولا موازنة بين الأمور سَفهُوا العلماء الكبار المستنبطين للأحكام وتعالوا عليهم وتطاولوا وفرحوا بما عندهم من العلم وهم من أجهل الناس متشددين متنطعين. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الدين يسر ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه» رواه البخاري.
وهؤلاء يكفّرون الناس ويفسقونهم. عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا جار عليه» رواه مسلم 1/80. إن من كان بالامكان حمل كلامه أو فعله محملاً حسناً أو قال في مسألة خلافية بين العلماء أو ظنية فلا يجوز تكفيره ولا تفسيقه كما لا يجوز تكفير من شُك في كفره لأن الثابت لا يزول إلا باليقين ولا يجوز تكفير أهل القبلة إلا بشروط التكفير المعتبرة عند أهل العلم قال صلى الله عليه وسلم:«من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا» البخاري الفتح 1/496 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه وعبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه» البخاري الفتح 10/514 ومسلم 1/79.
وهؤلاء لا يخضعون لولي الأمر ويرون ان معصيته شجاعة وطاعته ذلة متناسين قول الرسول صلي الله عليه وسلم «أطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك» رواه مسلم 1847 وقوله:«من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية» رواه مسلم 3/1478 فطاعة ولي الأمر واجبة في العسر واليسر وفيما أحب المرء أو كره وهؤلاء ناقضون للبيعة مرتكبون إثماً عظيماً. قال تعالى:{ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه } [الفتح: 10] لا ينظرون الى المصالح العامة وانها مقدمة على غيرها. قال شيخ الاسلام ابن تيمية «إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما بل إما ان يفعلوهما جميعاً أو يتركوهما جميعاً لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا ينهوا عن منكر بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أمر به وإن استلزم ما دونه ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات» الفتاوى 28/129.
وقال رحمه الله:«ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل من يعلم خير الخيرين وشر الشرين» الفتاوى 20/53.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الفتن وأن يحمي هذه البلاد وحكامها وشعبها وعلماءها من كيد الأشرار.
الشيخ عبدالله بن محمد المعتاز
رئيس إدارة المساجد والمشاريع الخيرية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved